مجتمع » حريات وحقوق الانسان

تعسّف الإمارات مع الأفارقة.. تقارير حقوقية متواترة ونفي رسمي متكرر

في 2022/09/12

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-

لا تتوقف التقارير الحقوقية والدولية التي تتهم الإمارات بترحيل عمال أفارقة بطرق تعسفية، وإهدار حقوقهم المالية والوظيفية، وهو ما تنفيه السلطات الإماراتية باستمرار، وتقول إن عمليات الترحيل تتم بطرق قانونية.

آخر الاتهامات ضد الإمارات تلك التي وثقتها مؤسسة "إمباكت" الدولية لسياسات حقوق الإنسان، ومقرها لندن، والتي كشفت أن مئات العمال الأفارقة مهددون بالإبعاد القسري من الإمارات التي عملوا فيها بجهد كبير من دون أن يحصلوا على أي مكافآت مالية.

ويظهر تقرير المؤسسة الحقوقية الذي نشر، يوم 8 سبتمبر 2022، وجود أدلة على أن عمالاً أفارقة من المخطط طردهم بالقوة قريباً من الإمارات، فضلاً عن أنهم يواجهون معاملة قاسية، ومحاصرون في ظروف مزرية في مراكز للمهاجرين.

وأعربت المؤسسة الدولية عن بالغ "قلقها إزاء احتجاز وسوء معاملة مئات من العمال الأفارقة، أغلبهم أوغنديون، في سجن العوير في دبي، تمهيداً لترحيلهم قسراً إلى بلدانهم".

وقالت المؤسسة: إن "لدى الإمارات سجلاً موثقاً في تقييد حقوق واستغلال العمال المهاجرين، على الرغم من أن العمال الأجانب يشكلون 95٪ من القوة العاملة في البلاد".

لكن مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، سعيد الحبسي، نفى هذه المزاعم، ووصف أنباء ترحيل العديد من العمّال الأفارقة بالقوة بأنها "أخبار غير دقيقة".

ففي 10 سبتمبر 2022، نقلت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) عن "الحبسي" قوله إن تقرير "إمباكت" تضمن مزاعم متكررة سبق للمؤسسة أن نشرتها عام 2021، مشيراً إلى أن أبوظبي سبق لها نفي هذه الادعاءات "غير الصحيحة".

وقال الحبسي إن إجراءات الإيقاف والترحيل التي اتخذتها بلاده بحق عدد محدود من العمال الأفارقة "جرت وفق القوانين المعمول بها".

قوانين الإبعاد

يمنح القانون الإماراتي السلطات الحق في ترحيل أي من الوافدين في حال مخالفته للقوانين أو ارتكاب جريمة موثّقة.

ويحق للسلطات ترحيل الوافد في حال صدور حكم قضائي أو إداري بإبعاده، أو الذين صدرت أوامر إدارية عن وزير الداخلية بحقهم وفق أحكام المادة "23" من قانون دخول وإقامة الأجانب.

وهناك العديد من أنواع الإبعاد في الإمارات؛ أوّلها الإبعاد القضائي، ويخضع له الوافد الصادر بحقّه حكم قضائي بعقوبة مقيّدة للحرية في جناية أو جنحة. وينص القانون على وجوب إبعاد من صدر بحقّه حكم قضائي بعقوبة مقيدة للحرية.

ويجوز أيضاً للمحكمة في مواد الجنح الأخرى أن تنص في حكمها على إبعاد الوافد، أو الحكم بالإبعاد بدلاً من الحكم عليه بالعقوبة المقيدة للحرية.

أما النوع الثاني وهو الإبعاد الإداري فيصدر من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ ضد الأجنبي، وفق ما تستدعيه المصلحة العامة أو الأمن العام أو الآداب العامة.

ومنح القانون العديد من الأشخاص والمسؤولين، مثل النائب العام ورئيس هيئة الهوية والجنسية أو من ينوب عنهما، الحق في ترحيل الأجانب وذويهم ما دام في ذلك "حفظ للأمن العام أو المصلحة أو الآداب العامة، أو في حال لم تكن له وسيلة ظاهرة للعيش".

ويجوز أن يشمل أمر إبعاد الأجنبي أفراد أسرته الأجانب المكلف بإعالتهم، وتلغى إقامات مكفوليه.

ويعطي القانون الإماراتي الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية كافة الاختصاصات والصلاحيات المقررة لوزارة الداخلية فيما يتعلق بشؤون الجنسية وجوازات السفر ودخول وإقامة الأجانب.

سياسة حكومية

في هذا الصدد يقول الصحفي المهتم بقضايا العمالة الوافدة في دول الخليج بابكر عثمان، إن الشهر الماضي شهد رواجاً لتقارير توثق إساءة السلطات الإماراتية لعمّال أفارقة بعضهم من نيجيريا وأوغندا.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول عثمان: إنه "لا يمكن فصل الممارسات التي كشف عنها مؤخراً في الإمارات بخصوص العمال الأفارقة، وخصوصاً النيجيريين، عن الصورة النمطية التي تروّج أن الأفارقة يمارسون النصب والاحتيال وكذلك أعمال الدعارة والعنف المجتمعي".

وأضاف: "حكومة الإمارات اتخذت سياسة رسمية، خلال أغسطس، أوقفت بموجبها منح التأشيرات للمواطنين النيجيريين، وفي الشهر ذاته أعادت عدداً من النيجيريين من مطارات دبي، وكانوا يحملون تأشيرات صالحة".

وتابع: "يُعتقد على نطاق واسع أن تدهور العلاقات بين الإمارات ونيجيريا يعود في جزء منه إلى رفض الحكومة النيجيرية تسهيل حصول شركات طيران إماراتية على مستحقاتها المجمّدة في البنوك النيجيرية، والتي تقدر بملايين الدولارات، ونتيجة كل ذلك توقفت رحلات الطيران بين البلدين نتيجة وقف منح التأشيرات".

تقارير متكررة

تقرير "إمباكت" لم يكن الوحيد الذي تحدث عن انتهاكات تقع بحق العمّال الأفارقة؛ ففي وقت سابق اتهمت منظمة العفو الدولية حكومة الإمارات بترحيل نحو 375 عاملاً أفريقياً، بعد اعتقالهم في مداهمات "مروّعة".

وقالت المنظمة في تقريرها الصادر خلال أكتوبر من العام الماضي، إن هؤلاء العمّال سجنوا لأكثر من شهرين تعسفياً بسجن "الوثبة" وفي ظروف "مهينة"، ودون اتباع أي شكل من أشكال الإجراءات القانونية الواجبة.

وأكد التقرير أن السلطات الإماراتية رحّلت هؤلاء العمّال بعد تجريدهم من متعلقاتهم الشخصية، وتزوير نتائج فحص المسحة الأنفية (PCR) الخاصة بفيروس كورونا المستجد.

وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الحقوقية: إن "السلطات عاملت مئات الأشخاص بوحشية على أساس لون بشرتهم، وأساءت معاملتهم في الحجز، وجرّدتهم من ممتلكاتهم الشخصية، ومن كرامتهم، قبل ترحيلهم بشكل جماعي".

كما أظهر تحقيق استقصائي نشرته وكالة "رويترز" للأنباء، في أكتوبر 2021، قيام حكومة الإمارات باستبعاد واستغلال مهاجرين أفارقة وترحيلهم من دون حصولهم على مستحقاتهم المتراكمة لدى شركات ترفض تسويتها.

وأكدت منظمة "أفريكان أرجمنتس" الحقوقية، في تقرير لها نشرته في سبتمبر 2021، أن السلطات الإماراتية عاملت العمال الأفارقة بتمييز عنصري وعذبتهم بسبب لون بشرتهم، في حين طالب عمال مرحّلون الأمم المتحدة بالتحقيق في مزاعم تعذيبهم وترحيلهم تعسفياً من البلاد.