مجتمع » ظواهر اجتماعية

تسبب أذى جسدياً ونفسياً.. هكذا تواجه دول الخليج ظاهرة "التنمر"

في 2022/10/05

كامل جميل - الخليج أونلاين-

تعتبر ظاهرة التنمر التي تنتشر بشكل واسع في مختلف دول العالم من الظواهر ذات الأثر السلبي على المجتمع، ولدول الخليج نصيب أيضاً من هذا السلوك الذي يرفضه المجتمع الخليجي وفق ما تمليه عليه تقاليده والتزاماته الدينية.

و"التنمر" عادة سيئة تنتشر بنسبة أكبر بين الأطفال والمراهقين، وبخاصة في المدارس.

وللتنمر مضار صحية خطيرة وفق ما تؤكد دراسة بريطانية، خاصة التنمر الذي يتعرض له التلاميذ في المدارس بالمرحلة الثانوية، حيث يزيد بشكل كبير من فرص إصابتهم بمشاكل الصحة العقلية والبطالة في وقت لاحق من العمر.

ويأخذ التنمر أشكالاً متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنياً أو لفظياً، أو عزل طفل ما بقصد الإيذاء، أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.

ووجد الباحثون أن تعرض التلاميذ للتنمر يجعلهم عرضة لمشاكل الصحة العقلية بنسبة 40٪ عندما يصلون إلى سن 25 عاماً، كما يزيد من احتمال أن يكونوا عاطلين عن العمل بنسبة 35٪ في هذا السن أيضاً.

ولا تقتصر أضرار التنمر على الأطفال فقط، حيث أظهرت دراسة سابقة أن الأشخاص الذين يتعرضون للمضايقات والتنمر أثناء العمل أكثر عرضة لخطر الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية في الدماغ، ومن ضمنها الأزمات القلبية والسكتة الدماغية.

تشريعات وقوانين

أحدث ما ورد من في هذا الشأن خليجياً كان من البحرين، حيث أعلنت الحكومة تحفظها على مشروع قانون يجرم حالات التنمر والإساءة والتعليقات العنصرية، معتبرة أن القانون القائم يكفي لمنع الظاهرة، حسب ما أوردت صحيفة "الوطن" المحلية الجمعة، (30 سبتمبر 2022).

وقالت الحكومة: إن "النصوص الحالية في القوانين القائمة تكفي لمنع التنمر والتصدي له باعتباره ظاهرة سلبية وخطيرة على الفرد والمجتمع".

وأضافت أن "قانون العقوبات الحالي يعاقب كل جريمة ترتكب تحت مسمى التنمر، سواء بالقول، أو استعراض القوة، أو استغلال ضعف المجني عليه، أو المساس بحياة الإنسان وسلامة بدنه أو التهديد باستعمال السلاح".

وأكدت أنها طورت تشريعات تعنى بكفالة حقوق الأطفال ورعايتهم، وأصدرت قانون الطفل عام 2012، لمواجهة سوء معاملة الأطفال أو إهمالهم.

عقوبات صارمة

في السعودية يعتبر التنمر أيضاً من الممارسات التي يعاقب عليها القانون، فضلاً عن أنه مرفوض من قبل المجتمع.

من أبرز ما انتشر في المملكة مؤخراً حول التنمر كان في مايو الماضي، حيث نال فيديو الفتاة التي انهالت على زمليتها بالضرب فجأة والتنمر عليها، انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، مثيراً غضباً واسعاً من تصرف المعتدية، ما استدعى تدخل شرطة الرياض.

وأعلنت القيادة العامة للشرطة لاحقاً أنها حددت هوية المعتدية، وأن الجهات المختصة اتخذت الإجراءات النظامية بحقها.

حول هذه الحادثة والإجراءات التي تتخذها السعودية بحق المتنمر، يقول المستشار القانوني المحامي بندر العمودي لـ"العربية نت"، إن عقوبة التنمر تختلف باختلاف مكان وظروف وأطراف الحالة.

وأوضح أن عقوبة التنمر في المدارس تختلف عنها في العمل، غير أنه لفت إلى أن العقوبة في السعودية على المتنمر تصل لدفع غرامة تصل إلى 500 ألف ريال سعودي (133 ألف دولار) بالإضافة إلى السجن لمدة تصل إلى عام أو إحدى العقوبتين إذا ثبتت التهمة ضدهم عند ارتكابهم أعمال التنمر.

برامج حكومية

دول الخليج تضع بالإضافة إلى العقوبات برامج توعوية هادفة ضد التنمر، وكان برنامج "الوقاية من التنمر" الذي أطلقه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الإماراتي أبرزها، حيث جرى اعتماده بعد مراجعة أكثر من 13 برنامجاً دولياً ناجحاً.

يعد هذا البرنامج الأول من نوعه في العالم العربي، لأهميته الكبيرة في الحفاظ على الطلبة، والبعد عما يضر بمسيرتهم الدراسية، ويؤثر في تلقيهم العِلم بأشكاله كافة.

وخصصت الدولة أسبوعاً من كل عام، أطلقت عليه "الأسبوع الوطني للوقاية من التنمر"، تنفذه وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، وبمشاركة أكثر من 20 جهة محلية واتحادية، بهدف رفع مستوى الوعي حول ظاهرة التنمر في جميع أنحاء الإمارات.

انتحار طفلة

خطورة الأمر تجسدت في حالة الانتحار التي أقدمت عليها طفلة كويتية عمرها 14 عاماً، في 2021؛ نتيجة تعرضها للتنمر من قبل زملائها، وذلك لكونها ذات ملامح آسيوية.

وكشفت وسائل إعلام محلية في الكويت أن الفتاة تحمل الجنسية الكويتية ووالدتها تحمل جنسية آسيوية.

ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر أمنية أن الفتاة قصدت إحدى العمارات وهي بحالة نفسية سيئة دفعتها إلى إنهاء حياتها؛ خاصة بعد تعرضها للتنمر من قبل زميلاتها في المدرسة.

وفق صحيفة "الأنباء"، يقول المحامي منصور السويلم، إن التنمر جريمة يعاقب عليها قانون الجزاء الكويتي، فهو سلوك عدواني غالباً ما ينطوي على جرائم قد تتمثل في السب أو القذف المعاقب عليها بالمادة 210.

أو قد يصل إلى الضرب أو الإيذاء أو الإخلال بحرمة الجسد والمعاقب عليها بالمواد 160 و161 و162.

وقد ينطوي التنمر على التهديد باستعمال العنف لحمل المتنمر ضده على القيام بعمل، أو الامتناع عن القيام بعمل المعاقب عليها بالمادة 173.

والقانون المدني أسند المسؤولية في تعويض المتضرر الذي وقع ضحية للتنمر إلى متولي الرقابة على المراهق المتنمر؛ ويكون إما الأب أو الأم، حيث افترض القانون خطأهم بإخلالهم بواجب الرقابة والإساءة في التربية.

خطر مستقبلي

مع حلول كل عام دراسي تنشط وسائل الإعلام في سلطنة عمان لتسليط الضوء على ظاهرة التنمر.

في هذا السياق يقول د. رجب بن علي العويسي، في مقال بصحيفة "الوطن" العمانية، إن التنمر يرتبط بشكل مباشر بالحالة التعليمية والمواقف اليومية التي يعيشها الطلبة في مجتمع المدرسة.

وأضاف: "نظراً لتعدد المراحل الدراسية في المدرسة الواحدة وزيادة مستوى التفاعلات سواء كانت الإيجابية أو السلبية الحاصلة بين الطلبة، لذلك كان التعليم بيئة خصبة لنمو هذه الظاهرة".

واعتبر العويسي أن خطر الظاهرة يزداد في ظل اتساع شريحة الشباب.

وأكد أنها "تمس كينونة المجتمع ومنظومة علاقاته الاجتماعية وتؤسس لنمو بذور الكراهية والخلافات والشقاق والفرقة والنزاعات والشكاوى وقطع صلة الرحم والعداوات الاجتماعية، وما قد تجره إلى جرائم الانتقام والتهديد والتربص وتشويه السمعة أو انتهاك الأعراض وغيرها من الجرائم".

حملات طلابية

قطر شهدت مبادرات فردية وجماعية لمواجهة التنمر من خلال حملات لطلاب المدارس، برزت كثيراً في مدارس أكاديمية قطر، التي احتفت في مايو الماضي، بعدد من طلابها لقيادتهم حملة بعنوان "التنمّر يجرح الكل".

أجمع الطلاب على اختيار ظاهرة التنمر لتسليط الضوء على آثارها؛ وذلك من خلال حملة إعلامية متكاملة موجهة للمجتمع المدرسي، بدعم من التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، وإدارة الاتصال في المؤسسة، ومجموعة من خريجيها.

ووفق صحيفة "الراية" المحلية، قام الطلاب باستخدام مهاراتهم في تسليط الضوء على التنمر وأشكاله المختلفة، وإبراز آثاره السلبية على ضحاياه بصورة مباشرة وعلى المدى الطويل عبر مجموعة متنوعة من الوسائط الإعلامية.

وقالت جواهر الفتحلي، مديرة الاتصال للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، إنه تم إطلاق برنامج الدورات الإعلامية لتمكين الطلاب وتعزيز المهارات في المدارس الابتدائية والثانوية التابعة للمؤسسة.

وأضافت أن الدورات جرى فيها إعداد دورات إعلامية متقدمة تركز على الطفل ودورة حول أساسيات وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الموضوعات المهمة.