سياسة وأمن » حروب

هل اقترب التفاهم بين السعودية والحوثيين حول تبادل الأسرى؟

في 2022/10/17

متابعات- 

اصطدمت جهود المملكة العربية السعودية لإحراز تقدم في ملف تبادل الأسرى في اليمن بتعنت الحوثيين، خلال الأشهر الماضية، لكن يبدو أن الملف يتجه نحو حلحلة الصعاب التي واجهته وجعلته من أصعب الملفات التي يتفاوض عليها الجانبان.

وكان اتفاق مبدئي قد جرى التوصل إليه، في مارس الماضي، بين الحكومة اليمنية والحوثيين برعاية أممية، يقضي بإطلاق سراح أكثر من 2200 أسير، من بينهم جنود سعوديون، لكن الحوثيين عمدوا إلى المماطلة، الأمر الذي حال دون تنفيذه.

لكن الزيارات الأخيرة المتبادلة بين مليشيا الحوثي والسعودية في إطار محاولات التوصل لاتفاق في هذا الملف تنبئ بوصول الجانبين إلى تفاهمات قد تفضي إلى اتفاق لتبادل الأسرى، فهل يتحقق هذا الأمر قريباً؟

زيارات متبادلة

كانت صنعاء اليمنية على موعدٍ مع زيارة وفدٍ سعودي، في أكتوبر الجاري، هو الأول منذ بدء الحرب عام 2015، وفي المثل كانت زيارة حوثية في الوقت ذاته إلى مدينة أبها السعودية، حيث هدفتا إلى الاطمئنان على أسرى الجانبين.

وبعد نحو يومين من الزيارات، وتحديداً في الـ15 من أكتوبر 2022، أعلنت مليشيا الحوثي عودة وفدها الزائر للسعودية إلى صنعاء عقب مغادرة الوفد السعودي لها.

وقال رئيس ما يسمى لجنة الأسرى التابعة للمليشيا عبد القادر المرتضى، في تغريدة على "تويتر": إن فريقهم "اطلع على أحوال الأسرى واطمأن عليهم، وكذا تصحيح وتنقيح قوائم الأسماء المختلف عليها"، معبراً عن أمله "بحل بقية الإشكاليات قريباً والوصول إلى تنفيذ اتفاق التبادل".

وأعرب المسؤول الحوثي عن أمله في أن تكون هذه الزيارات خطوة أولى في مجال تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، وأيضاً في إطار إنهاء هذا الملف الإنساني.

واكد حرص جماعته على أن يبقى ملف الأسرى إنسانياً مهماً كانت التغيرات الأخرى، قائلاً إنه لا يمكن أن" نربط هذا الملف بأي متغيرات سياسية أو عسكرية أو أمنية".

بدوره أعلن التحالف العربي أن تبادل الوفدين الزيارات يأتي "في إطار مبادرة حسن نوايا وجهود لبناء الثقة بهدف تمديد الهدنة في اليمن".

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، قال العميد ركن تركي المالكي، المتحدث باسم قوات التحالف: "هذه الزيارة ذات الطابع الإنساني تعنى بملف الأسرى كحالة إنسانية بحتة، كما أنها تأتي كإحدى مكاسب الهدنة والسعي لتمديدها".

وبين أن "ملف الأسرى يحظى برعاية واهتمام خاصين من قيادة التحالف، وسيستمر بذل كل الجهود لعودة جميع أسرى الحرب من الطرفين وإنهاء هذا الملف".

وأشار إلى أن هذه الزيارة جاءت "إلحاقاً لما أعلن سابقاً من قيادة القوات المشتركة للتحالف بشأن مفاوضات الأسرى (في الأردن) تحت إشراف الأمم المتحدة".

آمال أممية

ورغم الاتهامات المتبادلة، خلال الأشهر الماضية، في هذا الجانب، كانت الأمم المتحدة قد أعلنت، مطلع أغسطس الماضي، توافق الأطراف المتحاربة في اليمن على تكثيف الجهود لتحديد قوائم المحتجزين بشكل نهائي في أقرب وقت ممكن.

وبموجب تلك التفاهمات التي رعتها الأمم المتحدة اتفقت الأطراف على إنشاء لجنة مشتركة لدعم عملية التحقق من هوية أسماء المحتجزين المدرجة في القوائم.

واعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ آنذاك تحديد الأسماء خطوة أساسية صوب إنجاز عملية تبادل الاسرى.

وقادت مشاورات بين التحالف والحكومة اليمنية من طرف، والحوثيين من جهة أخرى، في مارس الماضي، إلى تفاهمات تدفع نحو الإفراج عن 2223 أسيراً ومحتجزاً، في صفقة تبادل لم تتم حتى اليوم.

وتشمل الصفقة الإفراج عن 1400 أسير من الحوثيين، في مقابل 823 من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية ومن القوات الحكومة اليمنية، بينهم وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، و16 سعودياً، و3 سودانيين.

لكن اللافت في الزيارات الأخيرة، وفقاً لموقع "المصدر أونلاين" اليمني نقلاً عن مصدر حكومي، قوله إن الزيارات من صنعاء وإليها تمت دون علم الحكومة الشرعية أو مجلس القيادة الرئاسي.

بداية لنجاح التهدئة

يرى الناشط السياسي حسام الشميري، أن تبادل الوفود بين السعودية والحوثيين بهدف التمهيد لتبادل الأسرى بينهما "قد يكون بداية لنجاح مفاوضات تجديد الهدنة".

لكن في الوقت ذاته يرى الشميري أن هذه الزيارات المتبادلة تخفي وراءها الكثير؛ لكونها جاءت في ظل غياب الحكومة والمجلس الرئاسي اليمني عن المشهد، متسائلاً: "هل يعني ذلك أن السعودية ستعقد اتفاقاً منفصلاً للتهدئة مع الحوثي بعيداً عن الحكومة؟".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يضيف المتحدث أن "السعودية يبدو قد وافقت على تجديد الهدنة بشروط الحوثيين، لكن في المقابل يبدو أن الشرعية لم توافق، لذلك قررت السعودية التواصل مع الحوثيين بشكل مباشر ومعلن لاستخراج أسراها".

ويرى أن ما حدث لا يظهر وكأنه أمر عادي، "بل يبدو أن السعودية حالياً غير مستعدة للتصعيد، خصوصاً في الوضع الراهن في أوكرانيا"، متوقعاً أن "يتم تبادل الأسرى، إن لم يكن الكل في الكل بحسب اتفاق الأردن، في مارس الماضي، فسيكون بين السعوديين والمتمردين الحوثيين".

زيارة وتبادل سابق

ويعيد موضوع تبادل الزيارات بين الجانبين استرجاع ما حدث في مارس من العام 2016، عندما زار  وفد حوثي "منفذ علب" الحدودي بين السعودية واليمن؛ لإجراء محادثات مع الجانب السعودي في محاولة لإنهاء الحرب.

وحينها تزامنت المحادثات مع هدوء واضح في القتال على الحدود السعودية اليمنية، وكانت وقتها من أكثر الجبهات دموية في الصراع، كما تراجعت الغارات الجوية التي كان يشنها التحالف على العاصمة اليمنية صنعاء.

وجاءت تلك الزيارة التي رأسها ناطق الحوثيين محمد عبد السلام، بعد محادثات أجريت في العاصمة العُمانية مسقط، حيث أثمرت عن تسليم أسير سعودي، وتبادل جثامين، ووقف لإطلاق النار على طرفي الحدود.

أما آخر تبادل للأسرى فكان في أكتوبر من العام 2020، حيث نُفذت عملية تبادل لنحو 1081 من الأسرى والمعتقلين، معظمهم من الحوثيين، ويومها كان من بين المفرج عنهم 15 أسيراً سعودياً، و4 أسرى سودانيين، كانوا أسرى لدى الحوثيين.