اقتصاد » علاقات واستثمارات

"شراكة تتوطد".. ما الفوائد المنتظرة من التعاون بين "آبل" والرياض؟

في 2022/11/01

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

تواصل السعودية سعيها لتكون المقر الإقليمي للمنظمات والشركات والجهات الدولية، وهو ما بدا لافتاً من عدة خطوات اتخذتها، كان أبرزها الشراكة مع شركة "آبل" الأمريكية، في سبيل توسيع شراكاتها التقنية المختلفة.

وتعمل الحكومة السعودية بأحلام طموحة، لتحويل المملكة، بشكل جذري، إلى مركز إقليمي ودولي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتصبح قادرة على المنافسة عالمياً؛ حيث تسعى الرياض إلى تطوير المحتوى الرقمي والتوسع في أنظمة الاتصالات وأنظمة التحول الرقمي، إضافة إلى تطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات.

وتعتبر الرياض الخطوات التي قامت بها مع شركة "آبل" -من خلال عقد شراكات وافتتاح أكاديمية هي الأولى بالمنطقة، وصولاً إلى العمل في منطقة استراتيجية بمطار الملك خالد- تعتبرها مهمة في سبيل تحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية وأيضاً التقنية للسنوات الـ10 المقبلة.

منطقة لوجستية

في 31 أكتوبر 2022 أعلنت السعودية أن شركة "آبل" الأمريكية ستكون "أول مستثمر رئيسي" في المنطقة اللوجستية المتكاملة التي افتتحت بالعاصمة الرياض، وفق وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي صالح الجاسر.

وتستهدف المنطقة الاقتصادية الجديدة، التي سيتم ربطها ببقية المملكة عن طريق شبكة السكك الحديدية، تعزيز الشحن الجوي خمسة أضعاف، والمساعدة في تحقيق أهداف رؤية 2030، لتنويع مصادر الدخل المرتهن للنفط.

وقال الجاسر إن المنطقة اللوجستية المتكاملة، التي أقيمت على مساحة 3 ملايين متر مربع بالقرب من مطار الملك خالد الدولي بالرياض، تسعى لجذب أكبر الشركات العالمية في العالم إلى المملكة مع إعفاءات من ضرائب وأنظمة عمل معينة.

وأوضح أن شركة "آبل" ستقيم مركز توزيع إقليمياً هناك، وقد تتولى أنشطة تبدأ من خط التجميع وأعمال الإصلاح إلى التصنيع الخفيف في المستقبل.

وكشف أن بلاده منخرطة بالفعل في مفاوضات مع 20 شركة أخرى متعددة الجنسيات، بعضها في مرحلة متقدمة للغاية، مشيراً إلى أن التركيز سينصب على صناعات مثل التكنولوجيا والاتصالات والطيران والأدوية.

إعلان أولي..

وكان وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، قد كشف أن شركة "آبل" ستعلن قريباً بدء العمل في المنطقة اللوجستية بمطار الملك خالد في الرياض، وذلك ضمن خطط الوزارة لإطلاق المنطقة الاقتصادية بالمطار.

وبحسب ما أوردته وكالة "بلومبيرغ الشرق"، في 8 أغسطس 2022، قال الفالح إن الاتفاق مع الشركة الأمريكية تم خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لولاية كاليفورنيا ومقابلة الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك، في عام 2018.

وأوضح الوزير أن المنطقة الاقتصادية بمطار الملك خالد في الرياض ستكون منطقة لوجستية لخدمة عمليات تجارة أجهزة الهاتف المحمول وقطع غيار الهواتف في المنطقة.

كما أضاف الفالح أن "خطة الوزارة لإطلاق المناطق الاقتصادية التي أعلنتها في وقت سابق، وصلت إلى مرحلة الإعلان القريب عن تدشين تلك المناطق بشرق المملكة وغربها".

وفي مارس 2018، وخلال لقاء "بن سلمان" و"كوك"، بحثا "المشاركة في تطوير التطبيقات في السعودية، وإثراء المحتوى العربي التعليمي في بيئة الفصول الدراسية، مما يعزز تطوير منهج تعليمي إبداعي لطلاب التعليم العام".

كما شهد الاجتماع "بحث فرص العمل على تمكين الشباب السعودي من الحصول على التدريب في مقر الشركة".

أكاديمية تقنية

تلك الزيارة خرجت باتفاقٍ بين الجانبين على تأسيس " أكاديمية مطوري آبل" بالمملكة، والتي تُعد الأكاديمية الوحيدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأول أكاديمية نسائية في العالم.

وبعد عام من إعلان "آبل" تأسيس الأكاديمية وتحديداً في يوليو 2021، شهدت الرياض في أغسطس 2022، تخريج 103 متدربات كأول دفعة تم تخريجها.

وعبّر رئيس مجلس إدارة أكاديمية "طويق"، فيصل الخميسي، عن "الشكر للشركاء في آبل لاختيارهم الرياض مركزاً لبناء القدرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

ونوّه بالأثر الكبير الذي تُحدثه التقنية في اقتصاد المملكة كأكبر سوق للتقنية في المنطقة بحجم تجاوز 40 مليار دولار، والسوق الأكبر من حيث احتضان المواهب الرقمية الذين تجاوز عددهم 318 ألفاً.

من جهتها، أوضحت مديرة أكاديمية "آبل" في المملكة، عهود النايل، أن تخريج 103 مُتدربات من الأكاديمية جاء بعد رحلة تعليمية امتدت قرابة 9 أشهر، عملن خلالها في أكثر من 720 ساعة تدريبية على تطوير 88 تطبيقاً.

فوائد مشتركة

يشير الخبير التقني وصانع المحتوى م. أحمد طه طاهر، إلى أن الفوائد من الأكاديمية، أو من المنطقة الاستراتيجية في مطار الملك خالد، ستكون "مشتركة بين السعودية وشركة آبل"، لافتاً إلى أن التعاون بينهما بدأ منذ عدة سنوات.

ويرى أن "آبل" دخلت السوق السعودية بعد دراسة كبيرة وتقديرات، حيث تشير الدراسات إلى أنها دخلت للسوق كمنافس لشركة سامسونغ بحيث لديها رغبة كبيرة في سحب السوق لصالحها.

ويؤكد "طاهر" في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن دخول الشركة في السوق السعودي "وفر لها نسبة أكبر في المبيعات في إطار منافسة سامسونغ، بعدما استغنت عن الشركات الوسيطة التي كانت تأخذ نسبة من الربح، فذهبت لفتح مزيد من المتاجر الخاصة بها؛ في محاولة لإزاحة سامسونغ عن الصدارة".

ويشير إلى أن أكاديمية "آبل" التي افتُتحت في السعودية بعد زيارة "بن سلمان" لمقر شركة "آبل" عام 2018، "كانت تهدف إلى أن تكون أول شركة في الشرق الأوسط، بحيث تتخصص في تطوير النساء ضمن الإصلاحات الموجودة في رؤية 2030".

كما يشير إلى التعاون بين "آبل" والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، ممثلاً بأكاديمية الطوق مع جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، حيث قال إنه يهدف إلى "توفير الأدوات لرائدات الأعمال والمطورات والمصممات الطموحات لتأسيس شركاتهم الناشئة، وتوفير الوظائف في تطبيقات الآي يوز عبر مهارات البرمجة والتطبيقات والتسويق والمهارات التقنية، وتزويد المحترفات بالأدوات الشاملة".

وفيما يتعلق بالمنطقة اللوجستية، أشار إلى أن زيارة "بن سلمان" كانت قد تطرقت أيضاً إلى فتح المتاجر في المنطقة اللوجستية بمطار الملك خالد الدولي، لافتاً إلى أنها ستوفر مئات الوظائف للشباب السعوديين.

ولفت إلى أنها "ستسهل الوصول السريع لبيع وشراء الهواتف للمستخدمين السعوديين، إضافة إلى الصيانة وقطع الغيار"، موضحاً: "حينما توفر شركة آبل بضمانتها وبمنطقة بسيطة ومفتوحة، يكون الضمان أفضل ويثق المشتري بهذا المكان، ويستغني عن الذهاب لطرف ثالث".

ولفت إلى أنّ "تخرُّج أول دفعة من الأكاديمية النسائية يساهم في خطوة افتتاح المنطقة الاستراتيجية".

كما أشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة في السعودية تم احتضان نحو 313 ألف مشروع وموهبة تقنية، "ما يدل على أن الاقتصاد السعودي في الجانب التقني بالمستقبل القريب سيكون من أفضل الاقتصادات في العالم، ومفاجآت كبيرة ستكون في هذا المجال".

خطوات سعودية

لعل اختيار "آبل" لمدينة الرياض لتكون مقراً لأكاديميتها انطلاقاً من مكانة المملكة كمركز تقني إقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخططها الطموحة في بناء القدرات الرقمية تحقيقاً لمُستهدفات رؤية المملكة 2030، تأتي ترجمة لجهودها في ريادة الدول الأكثر تقدماً في مجال التقنية والابتكار، حيث تحتل المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين الـG20 في التنافسية الرقمية.

وأولت السعودية، خلال السنوات القليلة الماضية، في كثير من مؤسسات المملكة، اهتماماً كبيراً باستخدام أحدث التقنيات التي توصلت إليها الثورة الصناعية الرابعة.

ولعل أهم ما ترنو إليه السعودية هو بدء إنتاج التكنولوجيا المحلية، باعتبارها من أكثر دول العالم ابتعاثاً للطلاب نحو الخارج بهدف الحصول على أحدث العلوم ونقلها للسوق المحلي ومباشرة التطوير والتصنيع، وصولاً إلى البدء بتدريب كوادرها داخلياً.

وسبق أن أعلنت المملكة إطلاق صندوق بقيمة 15 مليار دولار للاستثمار في التقنية، بشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، في يوليو 2021.

وفي فبراير 2022، أعلن وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبد الله السواحة، إطلاق بلاده استثمارات بقيمة 6.4 مليارات دولار في قطاع تكنولوجيا المستقبل.

وتشير تقديرات الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) إلى أن العائد الاقتصادي للسعودية من تقنيات الجيل الخامس فقط سيبلغ 18 مليار ريال (4.79 مليارات دولار) في الناتج المحلي للمملكة بحلول عام 2030.