علاقات » روسي

دون خسارة السعوديين.. روسيا تعزز تحالفها العسكري مع إيران

في 2022/11/10

متابعات- 

بدأ أمين عام مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف" الأربعاء، زيارة إلى طهران، لإجراء مشاورات مع المسؤولين الإيرانيين بشأن المسائل الأمنية، فيما يواجه البلدان حملة من الضغوط والعقوبات الغربية فرضت عليهما مزيدا من التقارب لمواجهتها في حين يسعى الروس لطمأنة الجانب السعودي.

وحط كبير المستشارين الأمنيين للكرملين رحاله في طهران، وسط مؤشرات متزايدة على استخدام روسيا لأسلحة إيرانية متقدمة في أوكرانيا.

وعلى الرغم من وصف وكالات الأنباء الروسية والإيرانية الرسمية زيارة "باتروشيف"، بأنها رحلة روتينية لمناقشة المشاريع المشتركة، قالت وكالة "تاس" الروسية، إن "باتروشيف" سيعقد مشاورات أمنية روسية إيرانية مقررة بمشاركة خبراء في مجلس الأمن وممثلين من وزارات وأجهزة البلدين.

وبعد اجتماعهما في طهران، قال "باتروشيف" ونظيره الإيراني "علي شمخاني"، إنهما سيحاربان بشكل مشترك ما وصفوه بالتدخل الغربي في بلديهما، ويوسعان العلاقات الاقتصادية في محاولة مشتركة للتهرب من العقوبات، حسبما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقال "شمخاني" إن "توسيع التعاون الثنائي والإقليمي، خاصة مع دول الجوار في مجال الاقتصاد، هو جزء من الأولويات الاستراتيجية لبلدنا".

بينما قال "باتروشيف" إن "العالم يمر بنقطة تحول"، مردفا أن "روسيا وإيران اليوم في المقدمة للكفاح من أجل إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب".

ومنذ اجتياح روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي وما تلتها من عقوبات طالت موسكو عمد المسؤولون الروس لتعزيز العلاقات مع الجانب الإيراني الذي يواجه بدوره عقوبات غربية مشددة على خلفية الملف النووي وكذلك تهديد أمن المنطقة من خلال تزويد الميليشيات بالسلاح.

وخلال الأسابيع الماضية، حذر المسؤولون الأوكرانيون من تسليم إيران لروسيا صواريخ باليستية عالية الدقة، بعد أن لجأت روسيا بالفعل إلى الطائرات بدون طيار الإيرانية.

ونفت إيران وجود خطط لبيع صواريخ باليستية لروسيا، لكن الميجور جنرال "كيريلو بودانوف" رئيس مديرية المخابرات الدفاعية الأوكرانية، قال إن تسليم الصواريخ الإيرانية قد يحدث بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وعلى أثر ذلك، شدد الاتحاد الأوروبي من عقوباته على إيران، حيث ينظر الغرب بكثير من القلق لحجم التقارب الروسي الإيراني.

وفي مطلع الأسبوع، أقرت طهران للمرة الأولى بأنها أرسلت "عددا صغيرا" من الطائرات المسيرة إلى موسكو، لكنها قالت إنها شحنت قبل بدء الحرب، بينما نفى وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبداللهيان" أن تكون بلاده قد زودت روسيا بصواريخ معتبرا الاتهامات "باطلة تماما".

وتقول كييف والغرب إن روسيا استخدمت الطائرات المسيرة الإيرانية لاستهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا في سلسلة من الهجمات على مدى الأسابيع الماضية أجبرت أوكرانيا على تطبيق قطع متناوب للتيار الكهربائي في المدن الكبيرة ومنها كييف للحفاظ على الطاقة.

ويرى مراقبون، أن روسيا التي تسعى لمواجهة حملة تشنها الولايات المتحدة لفرض العزلة الدولية عليها قررت تدعيم التقارب على كل المستويات مع إيران ليصل إلى تحالف يهدف إلى تخفيف الضغوط، وبالتالي كسر العزلة الغربية.

ويشمل هذا التحالف الجانب العسكري، حيث تدعمت العلاقات العسكرية الايرانية الروسية في المدة الأخيرة من خلال تطوير التعاون وتبادل الخبرات وبيع التكنولوجيا المتطورة.

وفي المقابل، لا تريد موسكو أن تثير من خلال هذا التقارب والتحركات مخاوف دول خليجية مثل السعودية، حيث أعلنت روسيا الثلاثاء القيام بوساطة بين السعودية وإيران إذا أراد البلدان ذلك.

وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ودول أفريقيا "ميخائيل بوجدانوف"، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "تاس"، وصف المسؤول الروسي السعوديين والإيرانيين بـ"الأصدقاء".

وأشار المسؤول الروسي، إلى أن بلاده على تواصل مع الجانبين لحل جميع سوء الفهم والتناقضات في إطار حوار بناء على طاولة المفاوضات، حيث تمسك موسكو بالعصا من الوسط، كي لا تخسر أيا من الطرفين في مواجهة الضغوط الغربية.

ولا تريد روسيا أن تخسر في إطار دعم تحالفها مع إيران الجانب السعودي الذي تعرف علاقاته مع إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" توترا كبيرا بسبب قرار "أوبك+" بتأييد من الرياض، خفض إنتاج النفط بنحو 2 مليون برميل يوميا، للحفاظ على توازن السوق.

واتهم وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" وسائل إعلام غربية بإطلاق حملة قد تؤدي إلى تصعيد الوضع في منطقة الخليج، فيما أشاد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" بشخصية وسياسة ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان".

وتشعر الدوائر الأمريكية والغربية بخطر اختراق روسيا والصين لمنطقة الخليج، حيث تعتبر هذه المنطقة ساحة نفوذ تاريخية لواشنطن، فيما يحمل الجمهوريون إدارة "بايدن" مسؤولية الإخفاق في كسب ثقة الدول الخليجية.

وبالعودة إلى العلاقات بين إيران وروسيا، فقد تطورت مؤخرا من شراكة عسكرية إلى تحالف معاد للغرب ذي جذور أيديولوجية، حيث يقول الخبراء إن عزلة موسكو الدولية بعد غزوها لأوكرانيا والانهيار الدبلوماسي بين إيران والغرب، هو الدافع لنمو هذه العلاقات.

وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا أطلقت في الأسابيع الأخيرة أكثر من 300 طائرة مسيرة إيرانية استهدفت وحدات عسكرية ومحطات توليد كهرباء ومباني مدنية في كييف.

وتقول الولايات المتحدة إن طهران نشرت أفرادًا في شبه جزيرة القرم لتدريب الطيارين الروس على استخدام طائرات مسيرة إيرانية الصنع.

وقالت "نيكول جراجوسكي"، وهي خبيرة العلاقات الروسية الإيرانية بمركز بيلفر في كلية هارفارد كينيدي، إن "مكانة إيران نمت في أعين الروس".

((4))

وأضافت: "روسيا وإيران لديهما وجهات نظر عالمية طموحة مماثلة. يريدون نقل القوة بعيدا عن الغرب".

وتسعى موسكو وطهران أيضا إلى بناء تحالف تجاري واقتصادي، يمكن أن يساعدهما في مقاومة الضغوطان الناجمة عن العقوبات الأمريكية.

ولعبت الأسلحة الإيرانية دورا كبيرا في صراعات طهران بالوكالة باليمن وسوريا، ما أثار مخاوف من أن تورطها المتزايد في أوكرانيا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع واشنطن.

وقال زميل أبحاث أول بمعهد رويال يونايتد للخدمات البحثية في لندن "جاستن برونك"، إن الطائرات بدون طيار الإيرانية غيرت من طابع الحرب الجوية بعد أن منحت موسكو وسيلة رخيصة لقصف البنية التحتية في أوكرانيا.

وتواجه روسيا عقوبات اقتصادية بسبب عدوانها على أوكرانيا، وهي حرب لا تسير على ما يرام بالنسبة لموسكو.

ويخضع النظام الإيراني أيضاً للعقوبات بسبب برنامجه النووي وسجله في مجال حقوق الإنسان، ويواجه موجة استياء هائلة في الداخل.

وكلاهما جزء من "نادٍ صغير" من الدول التي لا تسعى فقط إلى متابعة أهدافها الاستراتيجية الإقليمية الخاصة بها، بل وأيضاً على نطاق أوسع التصدي لما يرون أنه نظام عالمي تهيمن عليه الولايات المتحدة.