دول » عُمان

3 أعوام من حكم السلطان هيثم.. إنجازات عديدة وتحديات اقتصادية

في 2023/01/11

طه العاني - الخليج أونلاين-

شهدت سلطنة خلال عهد السلطان هيثم بن طارق بن سعيد تحقيق عديد من الإنجازات في مسيرة نهضتها، ونجحت البلاد في تجاوز تحديات سياسية واقتصادية وتأثيرات الجائحة.

وتحتفي السلطنة في مثل هذه الأيام بالذكرى الثالثة لتولي هيثم بن طارق مقاليد الحكم، وذلك في 11 يناير 2020، خلفاً لابن عمه السلطان الراحل قابوس بن سعيد.

ومنذ اليوم الأول لتوليه الحكم أكّد بن طارق مضيّه في الحفاظ على ما أنجزه سلفه، وتدشين مرحلة أخرى من نهضة عمان المتجددة.

مشاريع تنموية

وأطلقت السلطنة خلال عهد السلطان هيثم مشروع رؤية "عُمان 2040"، في يناير 2021، تمهيداً لتنفيذها على مدى 4 خطط تنموية متتالية استهلتها بانطلاق خطّة التنمية الخمسيّة العاشرة (2021-2025)، التي تحقق تطلعات البلاد التنموية.

وأصدر السلطان، في نوفمبر الماضي، توجيهاته باعتماد تنفيذ عدد من المشاريع التنموية الإضافية إلى جانب المشاريع المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة، مؤكداً ضرورة مضاعفة الجهود لتحقيق نتائج أفضل في قطاعات التنويع الاقتصادي.

كما وجه السلطان هيثم بإطلاق "البرنامج الوطني للاستدامة الـمالية وتطوير القطاع المالي" لمدة ثلاث سنوات؛ تبدأ من مطلع 2023؛ وذلك لجعل القطاع المالي ممكّناً رئيساً لنمو الاستثمارات والاقتصاد، وبما يضمن الاستمرارية لكافة البرامج التنموية.

وبهدف تخفيف آثـار التضخم على الأوضاع المعيشية للمواطنين، قرر السلطنة اعتماد مجموعة من المبادرات الجديدة في هذا الصدد.

وتأتي المشاريع العمانية الجديدة لتعزز المشروعات التنموية السابقة التي تزيد قيمتها عن 650 مليون ريال عُماني (1.7 مليار دولار) والتي يجري تنفيذها خلال ما تبقى من سنوات الخطة الخمسية الحالية في مختلف القطاعات.

وأسهمت القرارات السلطانية المحفزة للنمو الاقتصادي في رفع مساهمات القطاعات غير النفطية في تعزيز النمو الاقتصادي، وبلغ عدد المشاريع التي تم توطينها، في الربع الأول من عام 2022 في المدن الصناعية، 61 مشروعاً.

ولتكريس مساهماتها العلمية أنشأت السلطنة في عهد السلطان هيثم مركز مستوطنة الفضاء لدراسة سلوك رواد الفضاء قبل الانضمام إلى الرحلات الفعلية.

إصلاحات شاملة

وتتزامن المشاريع العمانية المعلنة مع الجهود السلطانية لتطوير آليات صنع القرار الحكومي لخدمة مصلحة البلاد العليا وتجاوز التحديات القائمة.

ويعدّ قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء، في 16 يونيو الماضي، الثاني منذ تولّي السلطان هيثم مقاليد الحكم، وهو ما يؤكد حرص القيادة العمانية على تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة.

ويأتي إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة السلطان لتعزيز النظام القضائي وتحقيق معايير العدالة والنزاهة والشفافية وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة، بما يحقق أهداف الرؤية.

وحظيت انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة 2022، التي جرت في ديسمبر الماضي، بأهمية خاصة لكونها الأولى بعد المرسوم السلطاني الخاص بتعديل بعض أحكام قانون المجالس البلدية، لتسهيل مهامها وتفعيل أدائها في مختلف المحافظات العمانية.

كما أطلقت السلطنة عديداً من المبادرات لإصلاح التعليم والعمل على حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة.

 

نتائج اقتصادية

وتمكنت عُمان على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من تحقيق نتائج إيجابية في عدد من المؤشرات المالية والاقتصادية والنقدية، حيث سجّل الأداء المالي لموازنة 2022 تحقيق فائض مالي يقدر بنحو مليار و146 مليون ريال عُماني (3 مليارات دولار).

وسجّل الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجارية 44.9 مليار ريال عُماني (116.7 مليار دولار)، بنهاية عام 2022، بمعدل نموّ بلغ 32.4% مقارنة بعام 2021.

وفي ثالث موازنة بعهده صدَّق السلطان العماني على الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023، بإيرادات تقدر بنحو 10.05 مليارات ريال عماني (26.1 مليار دولار)، وإنفاق متوقع يبلغ 11.35 مليار ريال (29.5 مليار دولار).

وخصصت الميزانية المعتمدة لعام 2023 نحو 900 مليون ريال عُماني (2.3 مليار دولار) لمشاريع التنمية، واستحدثت السلطنة بند (مشاريع ذات أثر تنموي) بتخصيص نحو 200 مليون ريال عُماني (520 مليون)، وبند دعم منظومة الحماية الاجتماعية بتخصيص نحو 384 مليون ريال عُماني (998 مليون دولار).

وتشير وكالة الأنباء العمانية إلى أن السلطنة أحرزت تقدّماً في عدة مؤشرات فرعية بمجال التنافسية؛ مثل مؤشر الابتكار، والمؤشرات المرتبطة بتقنية المعلومات، حيث جاءت عُمان في المركز الـ15 عالمياً، وقفزت بترتيبها في ركيزة التعليم بمؤشر الابتكار العالمي إلى ضمن أفضل 10 دول في العالم، بالإضافة إلى تقدمها الملحوظ في بعض المؤشرات الدولية الأخرى؛ مثل مؤشرات الأمن الغذائي، وجودة وسلامة الغذاء، والوفرة الغذائية، والاستدامة والتكيف، وغيرها.

وتلفت الإحصاءات إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عُمان بلغ حتى الربع الثالث من عام 2022 نحو 18 ملياراً و140 مليون ريال عُماني (47.2 مليار دولار)، بنسبة زيادة 10.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين عُمان ودول العالم ليبلغ 30 ملياراً و421 مليون ريال عماني (79.1 مليار دولار) حتى شهر سبتمبر من عام 2022، بنسبة ارتفاع قدرها 46.18%.

ولتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتوسيع حركة التجارة الدولية، ذهبت السلطنة إلى إنشاء مناطق حرة في مطارات مسقط وصحار وصلالة، وأعطت تلك المناطق امتيازات وحوافز ترضي طموحات المستثمرين.

السياسة الخارجية

وخلال عهد السلطان هيثم، حافظت السياسة الخارجية للسلطنة على ثوابتها القائمة على الحياد ودعم السلم، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز التعاون الدولي في مختلف المجالات.

ومنذ بداية توليه الحكم أكد بن طارق أن بلاده ستواصل دورها في حل الخلافات الدولية بالطرق السلمية من خلال بث روح الوفاق والتفاهم بين الأطراف المتنازعة.

وأجرى السلطان، في 11 يوليو 2021، الزيارة الخارجية الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم، متجهاً إلى السعودية، وتُوّجت بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي العماني.

وبعدها واصل السلطان العماني زياراته لتشمل قطر والمملكة المتحدة وألمانيا، وفي 24 أكتوبر الماضي، زار البحرين، ووقعت خلال الزيارة أكبر حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في تاريخ العلاقات بين البلدين.

كما استقبلت السلطنة عديداً من قادة الدول الخليجية والعربية والعالمية، وعقدت خلالها شراكات ووقعت مذكرات تفاهم في مجالات متنوعة أبرزها التبادل التجاري والاستثماري.

مواجهة التحديات

واستطاعت السلطنة، خلال الأعوام الماضية، التغلب على التحديات الاقتصادية إبّان جائحة كورونا، وأزمة تدني أسعار النفط العالمية.

ويشير تقرير نشره "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، في أغسطس الماضي، إلى أن السلطان العماني اتخذ خطوات وقرارات تصبّ في جهة تعزيز جهود تنويع الاقتصاد العُماني؛ من بينها تشريعات وقوانين حول استثمار رأس المال الأجنبي، والشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى سلطنة عُمان، والقوانين التي تمّ سنّها لتحسين الرقابة الإدارية والمالية في الدولة، وتعزيز بيئة أعمال ملائمة.

وكشف التقرير عن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 19%، في الربع الأول من عام 2022، والزيادة في الصادرات غير النفطية في عام 2021، فضلاً عن تنظيم عدد من المؤتمرات، من بينها المؤتمر الاستثماري "عُمان للطاقة المتجددة"، الذي أقيم في لندن، خلال يوليو الماضي، وشهد حضوراً قويّاً من الشركات متعددة الجنسيات التي نفّذت مشروعات في سلطنة عُمان، وتسعى إلى القيام بذلك مجدداً.

ونوه التقرير بقرار إعادة تشكيل مجلس الوزراء، إضافة إلى ترشيد الشركات المملوكة للدولة وصناديق استثمار الثروة السيادية في 5 قطاعات ضمن "جهاز الاستثمار العُماني"، سعياً نحو تحسين عمليات التنفيذ وتفادي الازدواجية في الجهود المبذولة.

وبحسب التقرير، فقد نجحت السلطنة في توفير إيرادات بلغت 780 مليون دولار في عام 2021، ونحو 1.3 مليار دولار في عام 2022، كما انخفضت نسبة الدين العام من 67.3% إلى 47.5%.

وتسعى السلطنة إلى الاستفادة من قطاع الطاقة من خلال تطوير مصادر جديدة، من بينها اتفاقية تطوير مرفق لإنتاج الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين في مدينة صلالة، وتنفيذ مشروعات للهيدروجين الأخضر في الدقم، وتطوير الطاقة الشمسية لأغراض الإنتاج في العديد من حقول النفط والغاز.

تجديد النهضة 

ويرى الباحث الخليجي حبيب الهادي أنه خلال السنوات الثلاث الماضية استطاع السلطان هيثم تجديد النهضة العمانية من خلال العمل على سد الثغرات وإصلاح بعض من الجوانب الاقتصادية والإدارية والاجتماعية عن طريق بذل الكثير من الجهد والعمل.

ويضيف في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن السلطان هيثم استطاع أن يتخطى المحن في فترة حكمه، ولعل من أبرزها جائحة كورونا، وانخفاض أسعار النفط، كما استطاع تدشين وإنجاز عدة مشاريع استراتيجية، مثل ميناء الدقم، وهو الواجهة الاقتصادية لعمان، فضلاً عن مصافي النفط ومصانع البتروكيماويات في صحار وفي مياه صلالة.

ويتابع حديثه بالقول: "كما أن هناك مشاريع غذائية متعلقة بإنتاج اللحوم والإنتاج الزراعي، وكل هذه الجوانب الاستثمارية ساهمت بتقليص الدين العام الذي بلغ أكثر من 20 مليار ريال عماني (52 مليار دولار)".

ويبين الهادي أنه ما زالت هناك تحديات موجودة وحاضرة، خاصة في أسعار النفط التي لا يؤمن استقرارها، مما تسببت بتأثر جزء من التسليح العسكري للسلطنة، ولكن هذا لا ينفي أن الوضع العام بدأ بالاستقرار أكثر فأكثر.