اقتصاد » تطوير بنى

تطور عمراني متسارع.. ماذا تريد السعودية من بناء المدن العملاقة؟

في 2023/03/07

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين- 

بمشاريع عملاقة وخطط غير تقليدية بدأت السعودية التوجه لبناء مدن عصرية جديدة غير معهودة على البلاد وسكانها، تهدف إلى تغيير نمط البناء الموجود.

وتنفق السعودية أموالاً ضخمة على مشاريع المدن الجديدة التي بدأت بتنفيذ عدد منها، بعد وجود مخططات هندسية متقدمة لها، وسط توقعات بأن يقطنها آلاف السكان.

المربع الجديد

أحدث المشاريع في التطوير العمراني أطلقته المملكة، في 16 فبراير الماضي، حيث أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشروع "المربع الجديد". 

وسيتضمن المشروع مبنى عملاقاً ذا تصور مستقبلي يسمى "المكعب"، سيعادل في حجمه 20 ضعف مبنى (Empire State) الأمريكي الشهير.

وقال ولي العهد السعودي إنه سيرأس شركة تطوير "المربع الجديد" لتطوير وسط الرياض (داون تاون الرياض)، ليصبح أكبر وسط مدينة في العالم.

ومشروع "المربع الجديد" هو الأحدث في سلسلة طويلة من المنشآت والمدن ذات الطابع المستقبلي التي تخطط لها المملكة.

وقال صندوق الاستثمارات العامة السعودي في بيان: إن "مشروع المربع الجديد سيضم متحفاً وجامعة للتكنولوجيا والتصميم، ومسرحاً رائداً، وأكثر من 80 مكاناً ترفيهياً، وإنه سيسهم في تطوير مستقبل العاصمة الرياض تماشياً مع أهداف رؤية السعودية 2030".

ويقع مشروع المربع الجديد على تقاطع طريقي الملك سلمان والملك خالد شمال غربي مدينة الرياض، على مساحة تتجاوز 19 كم²، ومساحة طابقية تصل لأكثر من 25 مليون متر مربع، وبطاقة استيعابية لمئات الآلاف من السكان.

وسيشمل المشروع 104 آلاف وحدة سكنية، و9 آلاف وحدة ضيافة، و980 ألف متر مربع من المساحات التجارية، بالإضافة إلى 1.4 مليون متر مربع من المساحات المكتبية، كما يتضمن المشروع مساحة 620 ألف متر مربع لمرافق الترفيه، حسب وكالة الأنباء السعودية "واس".

وسيعتمد مشروع المربع الجديد في تصاميمه على تطبيق معايير الاستدامة ورفع مستوى جودة الحياة، ومن ذلك المساحات الخضراء، وتوفير مسارات للمشي، وتعزيز المفاهيم الصحية والرياضية والأنشطة المجتمعية، ويبعد عن المطار مسافة 20 دقيقة بالسيارة تقريباً، حسب الوكالة السعودية.

وسيضيف المشروع 180 مليار ريال (48 مليار دولار) إلى الاقتصاد السعودي، و"سيخلق 334 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة"، حسب بيان صندوق الاستثمارات.

"ذا لاين"

وسبق هذا المشروع العملاق إعلان الأمير محمد بن سلمان، في يوليو الماضي، مدينة "ذا لاين" ضمن مشروع "نيوم" العملاق.

وتهدف السعودية من وراء إنشاء تلك المدينة، وفقاً لولي العهد، إلى إعادة تعريف مفهوم التنمية الحضرية من خلال تطوير مجتمعات يكون الإنسان محورها الرئيس.

ويقول بن سلمان، بحسب وكالة الأنباء السعودية: "مدينة ذا لاين تحقق مثالية العيش، وتعالج التحديات الملحة التي تواجه البشرية، حيث إن هذه التصاميم الاستثنائية توضح الهيكل الداخلي للمدينة متعددة الطبقات، وتعالج إشكاليات المدن الأفقية التقليدية المنبسطة، محققة بذلك التناغم التام بين التنمية الحضرية والحفاظ على الطبيعة بكل مواردها".

وستنفذ السعودية في المدينة الجديدة التي تعد أحد مشاريع "رؤية 2023"، فكرة البناء إلى الأعلى، من خلال فريق عمل من ألمع العقول في الهندسة المعمارية والبناء على مستوى العالم.

ومدينة "ذا لاين" تخلو من الشوارع والسيارات والانبعاثات، وتسهم في المحافظة على 95% من أراضي نيوم للطبيعة، وتعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، لجعل صحة الإنسان ورفاهيته أولوية.

ومن من أهم مواصفات "ذا لاين" أن عرضها يبلغ 200 متر فقط على امتداد 170 كم، وارتفاعٍ يبلغ 500 متر فوق سطح البحر، وستبنى على مساحة لا تتجاوز 34 كم2، وستتسع لنحو 9 ملايين نسمة".

وتتميز أنها تقلل من تمدد البنية التحتية، وتعزز من كفاءة واستدامة المدينة على نحوٍ مميز، إضافة إلى أنه سيتاح لجميع السكان إمكانية الوصول إلى جميع المرافق والخدمات في غضون 5 دقائق، مع وجود وجود قطار فائق السرعة يصل بين طرفي المدينة خلال 20 دقيقة.

وسيكون جانبا المدينة من "الأسطح الزجاجية، وعبارة عن مرايا عاكسة تمنحها طابعاً فريداً، تسمح لتفاصيلها بالاندماج مع الطبيعة".

وستضم المدينة مراكز طبية، ومدارس، ومرافق ترفيهية، ومساحات خضراء، إضافة إلى الاعتماد الكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما ستعتمد بالكامل على الطاقة النظيفة بنسبة 100%.

ويعد مشروع "نيوم" المستقبلي أحد المشاريع العملاقة ضمن المحفظة الاستثمارية المتنوعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، والهادفة إلى تنويع موارد المملكة المعتمدة بشكل كبير على الصادرات النفطية.

التطوير العمراني

وفي قراءته للتطورات العمرانية المتسارعة في السعودية، قال وائل إسماعيل بخيت، الباحث الأول مشارك في مركز الإدارة المحلية للأبحاث والدراسات والخدمات الاستشارية بالسعودية: إن "وجود التخطيط العمراني يمكن ملاحظته في ثنايا رؤية 2030".

وأضاف بخيت، في دراسة نشرها مركز الإدارة المحلية عبر موقعه الإلكتروني، أنه "عند النظر إلى الأهداف الاستراتيجية للرؤية السعودية يمكن بسهولة تحديد هدف صريح يرتبط مباشرةً بالمشهد الحضري؛ وهو المتعلق بالارتقاء بجودة الحياة في المدن".

وذكر أن بعض الأهداف في رؤية 2030 ترتبط بالتخطيط العمراني، ولكن بصورة ضمنية؛ مثل هدف استضافة مزيد من الحجاج والمعتمرين، الذي يستلزم تزويد وإدارة مجموعة واسعة من البنى التحتية الفيزيائية والتقنية، أو هدف تطوير أداء الجهاز الحكومي، الذي بدوره يؤثر على الإدارة على المستوى المحلي.

وتابع: "من الواضح أن التخطيط العمراني الذي يختص بالاستخدام الأمثل للأرض يمثل القناة الأساسية لتحقيق جهود التنمية، ومن ثم فهو بلا شك جزء أصيل من رؤية المملكة 2030، وبصورة تدعو إلى مزيدٍ من الجهود الداعمة والمعزِّزة".

وأشار إلى أن المدن السعودية وجدت اهتماماً كبيراً من القيادة السعودية بهدف تأسيس بنية تحتية جيدة للتجمعات الحضرية، لتكون بيئة جذب وتحفيز للاستثمارات الأجنبية، ومن أفضل المدن للسكن عالمياً.

وأوضح الباحث السعودي أن التنمية العمرانية المستدامة للمدن السعودية لم تعُد خياراً، وإنما خطوة إلزامية.

وذكر أن النهج الرئيس للتنمية المستدامة يتمثل في الاستفادة من الفرص المتزايدة التي تُتاح، ومراعاة التكامل بين المشاريع التي يتم تطويرها في نفس الوقت، وتطبيق سياسات خاصة بالمكان تستند على الخصائص المحلية ونقاط القوة الكامنة".

ولفت إلى أن تطبيق هذا النهج من شأنه أن يجعل مدينة الرياض على سبيل المثال تقطع شوطاً بعيداً في التغلب على مشاكلها الحضرية.