علاقات » ايراني

قراءة مغايرة لوساطة بكين بين الرياض وطهران

في 2023/03/15

مايكل ماكفول - عباس ميلاني/ فورين بولسي - ترجمة الخليج الجديد- 

على الرغم من أن صفقة الوساطة الصينية الناجحة بين السعودية وإيران أضرت مؤقتا ببعض مصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الإيجابيات تفوق بشكل كبير الجانب السلبي، حيث تخدم هذه الخطوة 4 أهداف أمريكية.

ذلك ما خلص إليه كل من مايكل ماكفول، مدير معهد "فريمان سبوجلي" للدراسات الدولية في جامعة ستانفورد، وعباس ميلاني مدير الدراسات الإيرانية بالجامعة نفسها، في تحليل نشرته مجلة "فورين بولسي" (foreign policy) الأمريكية وترجمه "الخليج الجديد".

وفي 10 مارس/ آذار الجاري، وقّعت السعودية وإيران (ذات غالبية شيعية)، في بكين، اتفاقا لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال شهرين؛ ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون إيرانيون سفارة الرياض في طهران، بعد أن أعدمت رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر إثر إدانته مع آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

وقال ماكفول وميلاني إن صفقة الوساطة الصينية "تخدم العديد من الأهداف الأمريكية في المنطقة"، أولها أن "استئناف العلاقات السعودية الإيرانية سيساعد في ترسيخ الهدنة في اليمن، وهي حرب مروعة بالوكالة شارك فيها الخصمان".

ومنذ أكثر من 8 سنوات يعاني اليمن من حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

ولفت الكاتبان إلى أنه في 2019 شن الحوثيون هجمات بطائرات بدون طيار إيرانية على منشآت لشركة النفط السعودية "أرامكو" داخل المملكة، بالإضافة إلى هجمات بصواريخ إيرانية في 2021، وآنذاك اكتفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باتهام إيران بدعم الحوثيين.

واعتبرا أن توقيع إيران على الاتفاق مع السعودية "جيد للمصالح الأمريكية ومفيد لليمن، وكذلك للديمقراطيين في إيران الذين انتقدوا منذ فترة طويلة تدخل نظامهم في اليمن.. تريد الولايات المتحدة شرق أوسط أكثر استقرارا، والاتفاق الجديد، بغض النظر عمّن توسط فيه، هو خطوة إيجابية نحو هذا الهدف".

وتبذل الأمم المتحدة وجهات دولية وإقليمية جهودا لاستئناف هدنة في اليمن استمرت 6 أشهر وانتهت في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وتتبادل الحكومة والحوثيون اتهامات بشأن المسؤولية عن عدم تجديدها.

انهيار محتمل

وثانيا، بحسب ماكفول وميلاني، فإن "مستوى انعدام الثقة بين السعودية وإيران لا يزال مرتفعا، وإذا انهار الاتفاق، فمن المرجح أن يتم إلقاء اللوم، وربما أيضا من جانب الصين، على إيران".

وأضافا أن "النظام الإيراني الفاسد سيحصل من الصفقة على فترة راحة محتملة، ولكن ليس شريان حياة.. الاقتصاد على وشك الانهيار، مقاومة النظام، وخاصة من النساء الشجاعات، خمدت ولكنها لم تختف (...) العلاقات الدبلوماسية مع الرياض لن تقضي على أي من هذه التحديات الكبرى للنظام الإيراني".

احتواء انتقائي

ثالثا، "لا تحتاج الولايات المتحدة ولا ينبغي لها أن تحاول احتواء القوة الصينية في كل قضية بكل مكان في العالم، وكان هذا خطأ واشنطن تجاه الاتحاد السوفيتي (السابق) خلال الحرب الباردة؛ مما أدى إلى مستنقع مثل حرب فيتنام"، وفق ماكفول وميلاني.

وأعربا عن اعتقادهما بأنه "يجب على الولايات المتحدة احتواء الصين بشكل انتقائي.. أحيانا يمكن أن تكون الدبلوماسية الصينية مكملة جزئيا على الأقل للمصالح الأمريكية، كما هو الحال في الصفقة السعودية الإيرانية".

كما أن الرئيس الصيني شي جين بينج أصبح، بهذه الصفقة، "يشارك عبء الحفاظ على السلام في الشرق الأوسط، وهذه ليست مهمة سهلة، كما تعلمت الولايات المتحدة بمرارة على مدى عقود، ويمكن أن يفشل الاتفاق الجديد بسهولة"، بحسب الكاتبين.

وتساءلا: "عندما تعاود التوترات السعودية الإيرانية الظهور حتما، فهل ستكون الصين قادرة على فرض اختراق دبلوماسي لها دون الانجرار بشكل أعمق إلى السياسات المعقدة للمنطقة؟.. في هذه المناورة المحفوفة بالمخاطر، فإن تعثر بكين سيكشف حدودها كقوة عظمى".

الرياض وواشنطن

رابعا، وفق ماكفول وميلاني، "سيستمر السعوديون في الاعتماد على الولايات المتحدة كضامن للأمن لسنوات إن لم يكن لعقود. اشترت الرياض أنظمة أسلحة أمريكية لعقود وأكملت واشنطن لتوها مناورة بحرية ضخمة بالمنطقة شملت السعودية وإسرائيل".

كما أن "السعوديين مرتبطون بعمق بالاقتصاد الأمريكي (...) لم تتأثر العلاقات الأمريكية السعودية بالاتفاق الذي توسطت فيه الصين.. يحتاج السعوديون أيضا إلى الولايات المتحدة لإصلاح علاقتهم بإسرائيل"، وفق الكاتبين.

وبشدة ترغب تل أبيب في تطبيع علاقاتها مع الرياض، لكن السعودية تشترط أولا حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، ولاسيما إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشرقية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967.

ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 6 دول فقط، هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب، علاقات علنية مع إسرائيل، التي لا تزال تحتل أراضٍ في كل من فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967.