سياسة وأمن » تصريحات

ما هي أبعاد عودة الغانم ومجلس الأمة الكويتي السابق؟

في 2023/03/20

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين- 

فاجأت المحكمة الدستورية الشارع والوسط السياسي في الكويت، بعد قرارها إبطال مجلس الأمة المنتخب خلال العام 2022، وعدم صحة من أعلن فوزهم في الانتخابات النيابية الأخيرة.

ويفتح قرار المحكمة الدستورية وعودة مرزوق الغانم لرئاسة مجلس الأمة، أزمة سياسية جديدة في الكويت، خاصةً أن المجلس العائد تم حلُّه بقرار من أمير البلاد في 2 أغسطس الماضي؛ لعدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في أزمة استمرت عدة أشهر.

ويقضي قرار المحكمة ببطلان الانتخابات النيابية التي جرت 29 سبتمبر الماضي، وأعلنت نتائجها في الـ30 من الشهر ذاته، وعودة نواب سابقين لقاعة عبد الله السالم.

وبقرار المحكمة الدستورية، يصبح عدد النواب المبطلة عضويتهم 27 نائباً، بينهم 10 نواب سابقين، و17 عضواً مبطلاً، في حين حافظ 23 عضواً بمجلس 2022 على مقاعدهم بصفتهم أعضاء في المجلس العائد 2020، مع عودة 27 نائباً لم يفوزوا أو لم يخوضوا الانتخابات الأخيرة.

ترحيب نواب 2020

وبعد قرار المحكمة الدستورية، أعلن نواب من مجلس 2020 العائد، رغبتهم في تحقيق إنجازات تشريعية خلال المرحلة المقبلة، بحسب ما نقلته صحيفة "القبس" المحلية.

وأكد النائب فرز الديحاني، أن حكم المحكمة الدستورية اليوم "جسَّد أسمى معاني وشعارات الدستور الكويتي وطبَّقه فعلياً بفصل السلطات الثلاث بعملها؛ لأن القانون هو المرجعية الأساسية في تنظيم العمل".

وقال الديحاني في تصريح له: "سنستمر في الدفاع عن حقوق وقضايا ومطالب الشعب الكويتي بالعمل، مكملين ما بدأناه بأيدٍ ممدودة نحو الإصلاح والتطوير".

بدوره، أعلن النائب فايز الجمهور، أنه سيتقدم بطلب استعجال التصويت على قانون المفوضية العليا للانتخاب، مطالباً جميع النواب بالتوقيع عليه؛ "حتى تكون أي انتخابات قادمه نزيهة وشفافة وتعبر عن حقيقة ضمير وقرار وإرادة شعب الكويت".

وأضاف النائب عبد الله الطريجي: إن "العودة إلى الحق فضيلة ولا يصح إلا الصحيح، نسأل الله أن يعيننا على استكمال ما لم نتمكن من تحقيقه في مجلس 2020، وأن نكون عند حسن ظن الشعب الكويتي الوفي".

عواقب كبيرة

رئيس قسم التاريخ السابق في جامعة الكويت عبد الهادي العجمي، يؤكد أن هناك "عواقب وآثاراً كبيرة جداً" للحكم الصادر من المحكمة الدستورية بإبطال مجلس الأمة المنتخب خلال العام 2022.

وقال العجمي في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أخطر تلك العواقب على الحكم هو عودة مجموعة من النواب لإدارة وتمثيل الشعب في ظل إعلام الشارع عن عدم رغبته في عودتهم، خاصةً نواب سابقين قرر الشعب عدم انتخابهم".

وأضاف: "القرار يعكس وجود إشكالية قانونية أخلاقية، خاصة من نواب سابقين يدركون بشكل واضح، أنهم غير مرغوب فيهم؛ لكون الشعب أسقطهم بالانتخابات السابقة لمجلس الأمة".

ويبين أن "قرار المحكمة الدستورية نافذ، وسيخلق النواب خلال عودتهم لمجلس الأمة قوانين مضادة للشعب الكويتي، لذلك ستكون البلاد أمام أزمة معقدة".

ويرى أن الحكومة الكويتية المزمع تشكيلها برئاسة أحمد النواف، "ستتوقف وسيتغير كل شيء بعد قرار المحكمة".

قرار نافذ

المستشار القانوني الكويتي علي الصابري، يؤكد أن "مجلس عام 2022 سيعود من جديد للعمل والاستمرار بقوة القانون، بعد قرار المحكمة الدستورية، والمجلس الحالي باطل، وأعضاؤه لا يتمتعون بأي مزايا كأعضاء سابقين".

ويقول الصابري في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "لا يمكن الاستئناف على قرار المحكمة الدستورية؛ لكون اللائحة الداخلية لعملها لم تضع طريقة للطعن على أحكامها، ومن ناحية التنفيذ لا يوجد أي نص بالدستور أو القانون يساعد على الحكم".

وأوضح أن "قرار المحكمة إبطال مجلس الأمة المنتخب خلال العام 2022، يعد تغولاً على صلاحيات أمير البلاد أو نظرته للوضع الراهن".

ويشير إلى أن "جرائم الانتخابات التي حصلت خلال عام 2022 تعتبر جرائم مكتملة بذاتها، ولم ينص القانون على إلغاء الانتخابات بمجرد بطلان القانون، خاصةً أن هناك أشخاصاً محبوسون والدعاوى القضائية لا تزال قائمة".

ويرى أن الحكومة الكويتية ستعيَّن من جديد بعد قرار المحكمة، خاصة في ظل وجود مجلس جديد.

قرار "مستحق"

لكن المحلل السياسي عبد العزيز سلطان، يؤكد أن قرار المحكمة الدستورية "مستحق دستوري، خاصةً أن هناك طعوناً انتخابية تم تقديمها بأن هناك خطأً في إجراءات حلّ مجلس الأمة، والدعوة إلى انتخابات المجلس".

ويقول سلطان في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "قرار مجلس الأمة ليس لعودة الغانم، ولكن عودة المجلس السابق بقوة القانون، والمحكمة الدستورية هي التي حكمت بذلك القرار".

وأضاف: "هناك طرفان في الدولة الكويتية؛ واحد يؤيد قرار مجلس الأمة، وآخر يقف ضد القرار، ولكن الخلاف ليس شخصياً وإنما هو دستوري، خاصةً أن المحكمة الدستورية هي السلطة العليا التي لا يعلو أي صوت عليها".

ويوضح أنه مع عودة مجلس الأمة عام 2020، ستشكل حكومة جديدة وستكون أكثر قوة، خاصة مع تشكُّل تحالفات سياسية جديدة، وغياب بعض النواب.

ليس الأول

ويعد إبطال مجلس الأمة هذا هو الثالث من نوعه، حيث سبق أن شهدت الكويت الأمر نفسه مرتين: الأولى في يونيو 2012، والثانية في الشهر نفسه من عام 2013.

ففي يونيو 2012، قضت المحكمة الدستورية ببطلان عضوية مجلس الأمة الذي انتُخب في فبراير السابق، وعودة مجلس الأمة الذي تم حله (مجلس 2009)، ونص الحكم، على بطلان عملية الانتخاب برمتها.

المرة الثانية، كانت في يونيو 2013، حين قضت المحكمة الدستورية بحل المجلس المنتخب في ديسمبر 2012، وأقرت بدستورية قانون "الصوت الواحد" الذي ترفضه المعارضة، وشنت بسببه موجة من الاحتجاجات، وتم إبطال مجلس الأمة بسبب عدم دستورية مرسوم إنشاء اللجنة الوطنية العليا للانتخابات.

وأُسس مجلس الأمة الكويتي في 23 يناير 1963، ولا يصدر قانون في الكويت إلا إذا أقره المجلس وصدّق عليه أمير البلاد.

ويتمتع البرلمان الكويتي بسلطات واسعة، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.