اقتصاد » علاقات واستثمارات

في ظل فتور سياسي.. ما دلالات العرض الإماراتي للاستحواذ على نيوميد الإسرائيلية؟

في 2023/04/06

متابعات- 

يعزز العرض الذي تقدمت به شركة "أدنوك" الإماراتية للاستحواذ على شركة نيوميد الإسرائيلية العلاقات الاقتصادية بين أبو ظبي وتل أبيب رغم مؤشرات برزت مؤخرًا حول فتور طرأ بينهما.

وتخطط شركتا بريتش بتروليوم "BP" وأدنوك الإماراتية للطاقة، لشراء 50% من شركة نيوميد الإسرائيلية للطاقة، وسط تطورات تشهدها سوق الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط

جاء ذلك في بيان للشركتين صدر في 28 مارس/ آذار قالتا فيه إن صفقة الاستحواذ على 50% من نيوميد، تبلغ قيمتها حوالي ملياري دولار.

وحسب تحليل نشرته منصة "أسباب"  يمثل العرض الإماراتي علامة بارزة أخرى على تعزيز الروابط الاقتصادية بين الإمارات وإسرائيل منذ وقع البلدان "اتفاق إبراهيم" في عام 2020.

ففي العام الماضي، استحوذت مبادلة للبترول الإماراتية من مجموعة “ديليك” (شركة ديليك دريلنج آنذاك Delek Drilling) على حصة 22٪ في حقل غاز تمار بشرق البحر المتوسط مقابل حوالي مليار دولار.

والآن، يشير عرض استحواذ أدنوك-بي بي على "نيوميد إنيرجي" إلى أن الفتور السياسي بين أبوظبي وحكومة اليمين الإسرائيلية لن ينعكس على جوهر العلاقات الأمنية والاقتصادية المتنامية.

نظرة استراتيجية

وأوضح التحليل أن الصفقة تعكس بوضوح أن الإمارات متمسكة بنظرتها الاستراتيجية للعلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، الأمر الذي تجلى في توقيع سفير الإمارات لدى إسرائيل، محمد محمود آل خاجة، ووزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاقية التعاون الجمركي، يوم 27 مارس/آذار، بما يتيح لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تم توقيعها بين الجانبين في مايو/أيار 2022 الدخول إلى حيز التنفيذ.

وجرى هذا في نفس الوقت الذي كشفت فيه تقارير عبرية أن وزارة الخارجية الإماراتية طلبت من آل خاجة عدم مقابلة أي مسؤول حكومي إسرائيلي عقب تصريحات وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش التحريضية ضد الفلسطينيين.

كذلك؛ توضح الصفقة واحدة من التداعيات الجيوسياسية لتطبيع العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل، حيث لن يجلب التطبيع شركات الخليج مثل "أدنوك" إلى البحر الأبيض المتوسط للمرة الأولى فحسب، بل يشجع أيضًا شركات أوروبية رائدة مثل "بريتيش بتروليوم" كي تنخرط في القطاع البحري الإسرائيلي، بعد تردد لعقود من الزمن بسبب المخاوف من أن يتم إدراجها في القائمة السوداء من قبل قطاعات النفط الأكثر ربحًا في دول الخليج العربي، بحسب التحليل.

وفي نفس الوقت؛ فإن تواجد الشركات العالمية مثل "بريتيش بتروليوم" وقبلها عملاق الطاقة الأمريكي “شيفرون” -المشغل لحقلي تمار وليفاثان (تمتلك 39.7% من ليفياثان و32.5% من تامار)- هو من أهم مكاسب إسرائيل في شرق المتوسط؛ فبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية المباشرة، يعد وجود هذه الشركات عامل جذب لشركات الطاقة العالمية الأخرى، الأمر الذي يعزز المكاسب الجيوسياسية لإسرائيل في شرق المتوسط.

الصفقة الأولى لأدنوك دوليًا

وأضافت "أسباب": "بالنسبة لأدنوك، يمثل الاستحواذ أول صفقة غاز دولية لها، والذي أصبح محور تركيز الشركة حيث بات الغاز الطبيعي بمثابة وقود جسر لتقليل الانبعاثات".

وتسعى الإمارات إلى توسيع طاقتها العالمية، وزيادة الإنفاق لتعزيز إنتاجها من النفط والغاز الطبيعي، وتستهدف أدنوك استثمار 150 مليار دولار في 5 سنوات حتى عام 2027، وفق ما أعلنته الشركة نهاية العام الماضي.

وأخيرا؛ تشير الصفقة لتنامي أهمية غاز شرق المتوسط لأوروبا أكثر منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقد شهدت المنطقة العديد من اكتشافات الغاز الطبيعي الكبرى في السنوات الـ 15 الماضية، بما في ذلك في إسرائيل وقبرص ومصر.

وتسعى أوروبا بشدة لاستبدال إمدادات الغاز من موسكو التي كانت تعتبر أكبر مورديها قبل الغزو، لذلك؛ يمكن النظر للصفقة كعلامة على الثقة في أن شرق البحر المتوسط سيصبح أحد الموردين المهمين للغاز إلى أوروبا.

فتور بالعلاقات السياسية

ويأتي العرض الإماراتي رغم بروز مؤشرات تشير إلى توتر العلاقات بين إسرائيل ودول خليجية أبرزها الإمارات احتجاجا على التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

وفي 30 مارس/ آذار كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن حركة الطيران بين إسرائيل ودولتي الامارات والبحرين متوقفة منذ نحو أسبوعين.

كما أفاد تقرير للقناة "12" العبرية، الشهر الماضي بأن الإمارات أبدت نية وقف شراء منظومات أمنية عسكرية من إسرائيل، بسبب تصريحات للوزيرين الإسرائيليين اليمينيين إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، التي وصفتها الإمارات بأنها "تدعو للتحريض والتصعيد ضد الفلسطينيين"، وهو ما نفته إسرائيل مؤكدة متانة العلاقات مع أبو ظبي.

إضافة لذلك كان من المقرر انعقاد قمة "النقب 2" في المغرب بين إسرائيل والإمارات والبحرين ومصر إضافة للدولة المضيفة والولايات المتحدة في مارس/ آذار الماضي، إلا أنه جرى تأجيلها بفعل الممارسات الإسرائيلية.