ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

خطة بايدن للتطبيع السعودي- الإسرائيلي تحتاج تنازلات لا أحد مستعد لتقديمها

في 2023/08/02

صحيفة “التايمز”- 

نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا للصحافي الإسرائيلي أنشيل بيفير، كاتب سيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، تحدث فيه عن مصائد في محاولات إدارة الرئيس جو بايدن تحقيق تقارب سعودي- إسرائيلي.

وقال إن الصفقة تقتضي تنازلات من كل طرف. ففي واشنطن، يتحدثون عن صفقة “تغير قواعد اللعبة” في الشرق الأوسط، وتنتشر التكهنات في إسرائيل عن “أكبر اختراق” في الدبلوماسية الإقليمية منذ 40 عاما. أما الرياض، فهي متحفظة وتنتظر طبيعة العرض الذي سيوضع على الطاولة.

وتساءل الكاتب إن كانت القصة ستكون أكبر خبر في الشرق الأوسط، هذا الصيف، أخبار جيدة للتغيير. ويقول إن الرئيس بايدن يفكر في صفقة تقودها الولايات المتحدة بين السعودية وإسرائيل، تعزز علاقة واشنطن مع الدولة النفطية الغنية، وتفتح الباب أمام تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولكن ماذا سيحقق بايدن منها؟

وأوضح دبلوماسي أمريكي أن الرئيس “لُدغ” مرتين خلال الـ18 شهرا الماضية في تعامله مع السعوديين. فبعد الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي، حاول بايدن التعاون مع السعودية للحفاظ على إمدادات الطاقة وتخفيض أسعارها، في وقت تتخلص أوروبا من اعتمادها على النفط الروسي. إلا أن السعوديين فضّلوا الوقوف على الحياد، ولم يسارعوا لزيادة معدلات إنتاج النفط.

وفي آذار/ مارس، وقّع السعوديون على اتفاقية تقارب مع إيران، وأنهوا العداء المفتوح، وهو بالتأكيد تحرك جيد، لكن ما أقلق الأمريكيين هي هوية الوسيط، فقد تحققت الصفقة بين السعوديين والإيرانيين برعاية صينية. وقال الدبلوماسي: “كل شيء عن الصين وروسيا”، فقد وضع بايدن الذي وعد بمعاملة السعودية كدولة منبوذة بسبب حقوق الإنسان وجريمة قتل جمال خاشقجي، كل هذا جانبا. فربما يكون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ديكتاتورا، لكنه يظل أفضل من الصين.

وأخيرا، فجلب السعوديين والإسرائيليين لاتفاق مفتوح، سيكون نجاحا في السياسة الخارجية يصب في حملة بايدن الانتخابية، أو هكذا يأمل مستشارو الرئيس. ورغم كل الهالة المحيطة بالحديث عن التطبيع، إلا أن هناك الكثير من الأمور التي قد لا تسير بحسب ما هو مأمول. فلدى بن سلمان قائمة تسوّق طويلة، تشمل تزويد السعودية بأسلحة متقدمة لا ترغب أمريكا ببيعها لحلفائها الأقل تبعية، ويريد معاهدة دفاعية تشبه الناتو، وتعني دفاع الولايات المتحدة عن السعودية في حالة تعرضها للخطر، كما تريد السعودية إنشاء مفاعل نووي للأغراض المدنية.

وتريد أمريكا وإسرائيل صفقة. لكنّ هذا الثمن قد يجلب المشاكل في المستقبل. وهناك أيضا المطلوب من إسرائيل في الصفقة. فالسعودية ليست مهتمة كثيرا بأوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال، لكن الدعم لهم في الشارع العربي كبير. ويجب على إسرائيل تقديم تنازلات في موضوع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وتنازلات رمزية للسلطة الفلسطينية في رام الله.

ويرغب نتنياهو الواقع تحت ضغط التظاهرات بسبب التعديلات القضائية، بالصفقة، فهي لمن تساعد فقط في تغيير الأجندة المحلية وتوقف تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، بل ستكون إنجازا مهما له في مسيرته السياسية، وتضعه على نفس مستوى مناحيم بيغن الذي وقّع اتفاقية سلام مع الرئيس المصري أنور السادات عام 1979.

لكن نتنياهو سيدفع لقاء هذا ثمنا سياسيا باهظا في الداخل. فالأحزاب القومية المتطرفة لن توافق على وقف التوسع الاستيطاني، وبدونها سيخسر الغالبية. وربما توافق أحزاب الوسط المعارضة لمساعدته في اتفاقية مع دولة عربية، إلا أن الثمن سيكون تجميدا مختلفا، وقف التعديلات القضائية.

وفي النهاية، فصفقة مع السعوديين تعني تضحية نتنياهو بائتلافه، والمخاطرة بعقد انتخابات جديدة، وربما وجد أن هذا ثمن لن يستطيع دفعه مقابل صفقة مع السعودية. وهناك إمكانية لتعرض بايدن لإحراج كبير من خلال رفض السعوديين والإسرائيليين لخطته. وحتى لو استطاع جمع الطرفين، فعليه التعامل مع التقدميين في حزبه الديمقراطي الذين يرفضون نتنياهو الديكتاتوري، ومحمد بن سلمان.

وهناك فصيل داخل الإدارة الأمريكية يرى أن المخاطر كبيرة جدا، ويقولون إن السعوديين والإسرائيليين يتعاونون معا، وحلفاء في واقع الأمر ضد إيران، ولديهم علاقات مع الصين، لكن لا يستطيعون التخلي عن المظلة الأمنية الأمريكية، وعليهم التقارب من الولايات المتحدة وليس العكس.

وخلافا لهذا، يقال إن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية تتركز الآن على أوكرانيا، وفي البحر ضد الصين. كما فهمت الإمبراطورية البريطانية متأخرة أن الاستثمار في شرق قناة السويس كان مكلفا وحرفا للاهتمام.

والسعودية وإسرائيل هما قوتان إقليميتان ولا تحتاجان أمريكا كي تدفعهما نحو فعل ما هو صواب. ولو أرادتا تخريب الأشياء، فمن الأفضل عدم جر الآخرين. وتواجه خطة بايدن الكثير من الحواجز الواجب اجتيازها.