ثقافة » تربية وتعليم

مع محاربة الغرب للقيم.. هل تواجه الدول الإسلامية هجمات الانحلال؟

في 2023/08/10

متابعات- 

"حرب أخلاقية".. وصف من بين أوصاف عديدة يطلقها مراقبون ووسائل إعلام على الحملات الغربية ضد القيم والأخلاق والمسلمين خاصة، والغريب أنها تدعمها الحكومات، وما يزيد من غرابتها ارتفاع حدتها، وهو موضوع سيكون حاضراً في قمة إسلامية مرتقبة تحتضنها السعودية.

أساليب عديدة في استفزاز مشاعر المسلمين حاضرة منذ سنوات في أوروبا، لكنها ازدادت كثيراً جداً خلال العام الجاري.

الأساليب الاستفزازية هذه أصبحت تأخذ أشكالاً عديدة، وصلت إلى دعم كل ما من شأنه أن يعزز استهداف الطبيعة البشرية والأخلاقية التي تدعمها جميع الأديان السماوية والقيم السوية.

مؤتمر إسلامي

نداءات كثيرة وجهتها دول وشخصيات اجتماعية عامة ومنظمات دينية وإنسانية طالبت أن يكون للدول الإسلامية موقف تجاه موجات الاستهداف التي تضرب القيم الدينية والأخلاقية.

ويبدو أن مؤتمراً سيعقد قريباً لبحث هذه التهديدات، حيث وافق الملك سلمان بن عبد العزيز على إقامة مؤتمر إسلامي تحت عنوان: "التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم وما في حكمها"، في مدينة مكة المكرمة ما بين 13-14 أغسطس الجاري.

يشارك في المؤتمر 150 عالماً ومفتياً يمثلون 85 دولة، منهم المفتون ورؤساء الجمعيات والمشيخات الإسلامية والمفكرون وأكاديميون من عدد من الجامعات العالمية، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) الأربعاء (9 أغسطس 2023).

سيبحث المشاركون بالمؤتمر موضوعات "الوسطية والغلو والانحلال والتطرف والإرهاب والتسامح والتعايش بين الشعوب" في 7 جلسات عمل على مدار يومين.

الاعتداء على المقدسات

ما يؤكد أن هناك هجوماً ضد المسلمين والقيم والفطرة الإنسانية تدعمه حكومات غربية؛ هو استمرار إجازة السلطات السويدية والدنماركية لأشخاص بحرق المصحف الشريف وأمام سفارات دول إسلامية.

يأتي ذلك رغم المواقف العديدة التي أبدت من خلالها الدول الإسلامية استنكارها هذه الأفعال ورفضها لها والدعوة إلى عدم تكرارها.

ووصل الأمر إلى استدعاء سفراء السويد والدنمارك من قبل العديد من الدول الإسلامية، فضلاً عن قيام متظاهرين عراقيين باقتحام السفارة السويدية ببغداد وحرق الأعلام السويدية.

لكن كل ذلك لم يقف حائلاً أمام تواصل حرق المصحف الشريف، التي كان آخرها الثلاثاء 8 أغسطس الجاري في مدن عدة بالدنمارك، وعلى رأسها العاصمة كوبنهاغن، خاصة أمام سفارات كلّ من تركيا، وباكستان، والجزائر، وإندونيسيا، وإيران.

بين الأخلاق والسياسة

يرى مراقبون أن تفشي سوء الأخلاق ومخالفة الفطرة والاعتداء على الأديان والكتب السماوية، هي سياسة غربية الهدف منها السيطرة على الشعوب عبر نشر الرذيلة، لا سيما أن قوة الشعوب العربية والإسلامية أساسها الأخلاق ووحدة الصف الإسلامي.

يقول الباحث والمحلل شاهو القره داغي، لـ"الخليج أونلاين"، إنه "بعكس الشعارات التي تدعو إلى احترام عقائد وأفكار وآراء الآخرين، نرى اليوم أن هناك حملة ممنهجة من قبل بعض الدول الغربية لفرض بعض المفاهيم والأفكار التي تتعارض أصلاً مع الفطرة البشرية".

ويشير إلى أنه "على الرغم من الاعتراضات الكثيرة لكن الدول الغربية تتعمد التركيز على نشر والتسويق للمثلية ومحاولة فرضها على الآخرين بحجة احترام حرية الرأي والتفكير".

وأضاف أن تلك الحرية الغربية "وصلت إلى حرق المصحف أكثر من مرة تحت حماية هذه الدول التي تُساهم بهذه التصرفات في تغذية التطرف والإضرار بمبدأ التعايش والتعاون الإنساني بين المجتمعات".

وتعمل هذه الحرية المزعومة على "نشر الكراهية بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق تبني هذه الرؤية التي ترى فيها حكومات الغرب تحقيقاً لحرية الإنسان دون الاكتراث بكيان المجتمع الذي يُعد كياناً مقدساً ومُهماً لدى الكثير من المجتمعات"، وفق القره داغي.

دعم الانحلال

الغرب على ما يبدو اتخذ خطوات واسعة، وحدد زمناً قصيراً لفرض الشذوذ على المجتمعات الغربية التي تهدد العالم بنشر الانحلال الأخلاقي.

أكثر المتضررين هم المسلمون الذين يعيشون في الغرب إذ يواجهون هجمات شرسة من قبل مؤسسات عديدة تبدأ من المدرسة.

يؤكد مسلمون يعيشون في السويد أنه لا خيار أمامهم سوى الخضوع لتعاليم المدرسة والجهات الحكومية لكي يعيش أطفالهم معهم.

تقول هدى عز الدين، وهي من أصول عراقية وتحمل الجنسية السويدية، إنها لجأت وعائلتها إلى تركيا واستقرت فيها لتحافظ على أطفالها.

هدى، التي تحدثت لـ"الخليج أونلاين"، تؤكد أنها كادت تفقد طفلتها، مبينة: "هددتني معلمة طفلتي بأنها ستبلغ الشرطة لسلب ابنتي مني لأنها رفضت ارتداء شارة المثليين في مناسبة ما. كثيرون فقدوا أولادهم ولا أريد أن أكون منهم".

ما يؤكد الدعم الدولي الكبير للانحلال فرض وجود علم المثلية الجنسية والإشارات الخاصة بها في جميع المناسبات؛ وهو ما أريد فرضه على بطولة كأس العالم 2022 التي استضافتها قطر، وحسنة كبيرة تحسب للدوحة أنها فرضت شروطها ومنعت أي مظهر من مظاهر الانحلال.

اختيار الجنس

تعزيز آخر لهدم الأخلاق ومخالفة الطبيعة البشرية والفطرة السوية التي خُلق عليها الإنسان، سواء الأنثى والذكر، كان بأخذ الغرب نشر ما يخالف "الجندر" الذي يميز الجنس الذي خلقت على وفقه البشرية.

في الغرب اليوم، لا سيما بالولايات المتحدة، هناك توجه كبير لتشويه سلوك الإنسان بدءاً من الصغر ومنعه من الإعلان عن جنسه ليختار الأطفال لاحقاً الجنس الذي يرغبون فيه فيتحولوا حسب رغباتهم.

وتنتشر لدعم هذا التوجه الشاذ المدمر للمجتمعات صور ومقاطع فيديو لأشخاص بأجسام نساء لكنهم بشوارب ولحى، وغيرها من الأشكال التي تخالف الفطرة.

ووفق ما تذكر تقارير، تتبنى العديد من المدارس الأمريكية هذا النهج ويعطى الطفل أدوية توقف نموه الجنسي، لكي يستطيع لاحقاً اختيار الجنس الذي يفضله، دون الحاجة إلى موافقة الوالدين، بل إن معارضة الوالدين لهذا الأمر قد تعرضهما للمساءلة القانونية.

يقول شاهو القره داغي: إن "المجتمعات الإسلامية تتميز بالاهتمام بكيان المجتمع، بينما يحاول الطرف الآخر تفكيك هذا الكيان عن طريق التسويق لأفكاره دون التفكير بالفروقات الكبيرة بينهم وبيننا".

يعتقد القره داغي أن إقامة مؤتمر إسلامي في السعودية كبير الأهمية لمواجهة هذه الهجمات، وهو ما تنتظره المجتمعات الإسلامية.

وأضاف: "من المؤكد أن وجود موقف موحد من قبل الدول الإسلامية سيعطي رسالة واضحة لهذه الدول الغربية بأن عليها احترام المقابل، وعدم فرض أفكار خاصة بها داخل هذه المجتمعات والاهتمام بقضايا أخرى أكثر أهمية كالبطالة والفقر والحروب والصراعات، التي تتطلب اهتماماً دولياً أكثر من هذه القضايا الجانبية التي تُفكك وتضعف المجتمعات".