ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

محادثات التطبيع تُدخل السّعوديّة إلى مرحلة "اللّعب بالنار"

في 2023/09/22

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

في لقاء أوّل ومرتقب بين "بنيامين نتنياهو" رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجو بايدن" الرئيس الأميركي، قال مصدر إسرائيلي أمني لقناة "كان" العبريّة، عقب انتهائه، إنّ: "التطبيع مع السّعوديّة يمكن أن يُنجز خلال نصف عام". وقال "نتنياهو"، خلال لقائه "بايدن، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك: "السّيد الرئيس، أعتقد أنّه يمكننا تحت قيادتكم أن نرسي سلامًا تاريخيًا بين إسرائيل والسّعوديّة".

في هذا التصريح؛ باختصار يمكن رصد أمرين رئيسيين:

الأوّل: إنّ ملفّ التطبيع السّعودي - الصّهيوني يحمل أولويّة متقدّمة في العلاقات الأمريكيّة الإسرائيليّة إلى الدرجة التي تسمح له بتصدّر مشهد اللقاء الأوّل بين "بايدن" و"نتنياهو"، فضلًا عن عن كونه ملفًا متقدّمًا في العلاقات الأمريكية السّعوديّة في المرحلة الراهنة.
الثاني: إنّ ملف التطبيع السّعودي- الصّهيوني قطع أشواطًا متقدّمة في المناقشات والمفاوضات بما يسمح أن يُعلن عنه بأنّه يمكن أن يُنجز في الشهور القليلة القادمة.

لكنّ الأمر الجديد والخطير، هو ما رشح عن مناقشة ثلاثيّة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" والسّعوديّة وأنّ اتفاق التطبيع المحتمل يشمل تطبيع العلاقات الدبلوماسيّة بين الإسرائيليين والسّعوديين، وكذلك إبرام اتفاقية دفاع بين واشنطن والرياض؛ حيث ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ الولايات المتّحدة تبحث مع السّعوديّة شروط معاهدة دفاع مشترك شبيهة بالاتفاقيّات العسكرية مع اليابان وكوريا الجنوبيّة.

وأوضحت الصحيفة أنّ إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تسعى، من خلال هذه الاتفاقيّة، إلى دفع السّعوديّة إلى تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، مشيرة إلى أنّ : "هذه الاتفاقية تقوم على التزام الولايات المتّحدة، بشكل عام بتقديم الدعم العسكري، إذا تعرّضت السّعوديّة لهجوم في المنطقة أو على الأراضي السّعوديّة". ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ: "التوسّط، في مثل هذه الصفقة، إنجاز سياسي لحكومة بنيامين نتنياهو اليمينيّة المتطرّفة، والتي انتقدها المسؤولون الأمريكيون بشدة بسبب مواقفها الآيلة إلى إضعاف السّلطة القضائيّة الإسرائيليّة وتشجيعها لبناء المستوطنات في المناطق الفلسطينيّة".

مصدر الخطورة، هنا، هو أنّ العدوّ الإسرائيلي لن يرعى اتفاقيّة للدفاع المشترك بين أمريكا والسّعوديّة، إلّا إذا كانت تصبّ في الصّالح الصّهيوني. والأمر الأكثر لفتًا للانتباه، هو تخلّي "إسرائيل" عن تحفّظاتها تجاه المشروع النّووي السّعودي. إذ قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمر كبار خبراء الأمن النووي في إسرائيل بالعمل على مساعدة الرياض على تطوير برنامجها النووي مقابل التطبيع"؟ هذا يعني تاليًا؛ أنّ المشروع النّووي السّعودي سيكون بإشراف أمريكي- إسرائيلي، وهو ما يناسب الأمن القومي الصّهيوني، وليس العربي ولا الخليجي ولا السّعودي!

ما يؤكد ذلك هو ما نقلته الصحيفة، عن مصدر إسرائيلي، من أنّه إذا تمّ التوصل إلى اتفاق نووي مع الرياض، فإنّ "إسرائيل" تتوقّع ضمانات "كثيرة" ذات صلة ببرنامج تخصيب اليورانيوم السّعودي. وبدوره؛ أكّد مسؤول كبير، في البيت الأبيض، أنّ أي دعم للمبادرة النوويّة السّعوديّة سيكون تحت المراقبة "الصارمة" للولايات المتّحدة.

إذًا؛ نحن- هنا- بصدد مخاطر كبيرة، حيث تعمل أمريكا وربيبتها "إسرائيل" ضد الشّعوب العربيّة والأمن القومي العربي، فأي معاهدة للدفاع المشترك بينهما وبين السّعوديّة سيكون بالتبعيّة مضادا للأمن العربي وللشّعوب العربيّة، وسيكون موجّهًا ضد كلّ من يناهض أمريكا و"إسرائيل" في المنطقة. وهو ما سينسحب بالدرجة الأولى على العلاقات مع الجار الإيراني، بعد أن تنفّس الخليج والمنطقة معه الصعداء بعد إجراءات التفاهم والتقارب الأخيرة بين السّعوديّة وإيران.

نحن، إذًا، بصدد لعب بالنيران قد يدفع المنطقة إلى توترات خطيرة، كانت السّعوديّة ومعها كامل دول الخليج في غنى عنها،  فضلًا عن التطبيع المخالف للثوابت العربيّة والإسلاميّة وكلّ القيم الأخلاقيّة.