اقتصاد » صفقات

أبرمتها مع الصين.. ما أثر "الاتفاقيات السبع" على الكويت؟

في 2023/09/25

امل جميل - الخليج أونلاين-

تتجه أنظار الكويتيين نحو بكين في سعيهم إلى تحقيق نهضة اقتصادية، متخذين من علاقاتهم المتينة مع الصين طريقاً لذلك، بحسب ما تشير الخطوات التي كُشفت أخيراً، وهو ما يراه مراقبون يصب في صالح الكويت لما تملكه الصين من حضور دولي مؤثر.

سبع اتفاقيات مختلفة جرى توقيعها بين الكويت والصين في عدد من المجالات الحيوية، شهدتها مدينة هانغتشو؛ وذلك على هامش زيارة ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر للصين، ولقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، الجمعة (22 - سبتمبر 2023).

الاتفاقيات السبع تضمنت بياناً مشتركاً بشأن الخطة الخمسية للتعاون الثنائي بين البلدين وذلك خلال السنوات 2024 - 2028.

شملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بين الكويت والصين بشأن ميناء مبارك الكبير، وأيضاً مذكرة تفاهم بشأن منظومة خضراء منخفضة الكربون لإعادة تدوير النفايات والتعاون في مجال البنية التحتية البيئية لمحطات معالجة مياه الصرف.

وتضمنت الاتفاقيات التعاون بين هيئة تشجيع الاستثمار المباشر والجانب الصيني في مجال المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة، ومذكرة تفاهم في مجال التطوير الإسكاني، وأيضاً شملت تعاوناً ثنائياً في مجال بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية المتجددة.

مشاريع تنموية

وزير خارجية الكويت الشيخ سالم العبد الله الصباح، أعرب في حديث لتلفزيون الكويت عن توقعاته بأن تشهد علاقات بلاده والصين "نقلة نوعية"، على أثر التعاون الجديد.

وقال إن المباحثات الرسمية التي عقدت بين الشيخ مشعل الأحمد والرئيس الصيني كانت "إيجابية جداً ومثمرة وناجحة"، كما كانت "أجواء الاجتماعات ودية جداً".

وحول توقيع سبع اتفاقيات أشار إلى أنها تتعلق بمشاريع إنشائية كبيرة ستقوم بها شركات صينية في الكويت، ومنها مشاريع مدن إسكاني.

كما بين أنها "تتعلق بمشاريع مهمة جداً؛ منها مثلاً الصرف الصحي، والطاقة المتجددة، وميناء مبارك الكبير، إضافة إلى المدن الإسكانية، مؤكداً أن "هذه كلها مشاريع تنموية سوف تسهم بنهضة الكويت".

وبحسب ما ذكر الوزير الكويتي، سيكون لهذه المشاريع مردود كبير جداً على الدولة، وأن "تحدث تأثيراً مباشراً وإيجابياً في حياة أهلنا في الكويت".

قوة الصين

على مدى العقود الأخيرة شهدت الصين تحولاً هائلاً من دولة ذات اقتصاد ضعيف، إلى واحدة من أكبر القوى الاقتصادية والسياسية في العالم. 

اليوم تعدّ الصين ذات قدرة كبيرة على تطوير الصناعات المختلفة، مع قدرات واسعة على تنفيذ مشاريع بشتى القطاعات، تنتشر حالياً في عديد من الدول.

والصين علاوة على هذا باتت قوة تكنولوجية هائلة، عبر مجموعة متنوعة من الصناعات، بدءاً من الاتصالات والتكنولوجيا النانوية وصناعة السيارات إلى الذكاء الاصطناعي والطاقة الشمسية.

كما أنها انتقلت من الاعتماد على الصناعات الثقيلة والتصنيعية التقليدية إلى التصنيع الذكي والتكنولوجيا الحديثة؛ تمثلت هذه التحولات في تطوير قطاعات مثل التكنولوجيا العالية والطاقة النظيفة.

وتمتلك الصين بنية تحتية حديثة ومتطورة تشمل النقل السريع والمطارات والموانئ والاتصالات والشبكات وغيرها.

تلك القدرات الهائلة التي تملكها الصين جعلت العديد من الدول تبرم معها اتفاقيات تعاون لإنجاز مشاريع في عدة قطاعات.

والكويت تعلم جيداً أهمية أن تكون المشاريع الصينية حاضرة في مدنها؛ لتوثيق العلاقة مع دولة لها تأثير دولي كبير، وقطب مهم في صناعة الأحداث.

وللكويت علاقة قديمة وقوية مع الصين، لا سيما أن الأخيرة تعد الشريك التجاري الرئيس للكويت، بحجم تبادل تجاري بين البلدين بلغ 48.31 مليار دولار أمريكي، في 2022، ما جعل الكويت سادس أكبر شريك تجاري للصين من بين الدول العربية.

كما أن الكويت سابع أكبر مصدر لواردات النفط الخام إلى الصين، التي استوردت 28.33 مليون طن من النفط في 2022.

وفي الكويت 60 شركة صينية شاركت في أكثر من 80 مشروعاً، في مجال البنية التحتية والتنمية الاقتصادية.

ووفق المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، حلت الكويت بالمرتبة السابعة كأكبر الاقتصادات العربية لعام 2022، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي للبلاد نحو 183.6 مليار دولار، فيما حقق الاقتصاد الكويتي ثاني أعلى معدل نمو في المنطقة بمعدل 8.7%.

منافع متبادلة

يحيل الخبير الاقتصادي نمر أبو كف عقد اتفاقيات ضخمة بين الكويت والصين إلى العلاقة القوية بين البلدين، لافتاً إلى أنها قديمة ومبنية على أسس متينة.

يقول أبو كف لـ"الخليج أونلاين" إن النشاط التجاري بين الدولتين هو "انعكاس لعلاقات سياسة مبنية على احترام متبادل بينهما، وربما ما زالت الكويت تحفظ للصين وقوفها معها ضد الغزو العراقي في مطلع تسعينيات القرن الماضي".

كما يشير الخبير الاقتصادي إلى حجم التبادل التجاري بين الكويت والصين، الذي يميل فائضه لصالح الكويت، مبيناً أنه فضلاً عن كون بكين شريكاً استراتيجياً للكويت، فإن الصين هي الآن "الدولة الثانية على مستوى العالم في الأهمية، ومن ثم فإن سعي الدول كافة لعمل علاقات استراتيجية مع الصين هو تفكير يصب في الاتجاه الصحيح"، وفق قوله.

ولا يستغرب أبو كف أن تتوج هذه العلاقة بمشاريع ضخمة مثل التي جرى الاتفاق عليها أخيراً، وأبرزها "المطار وميناء مبارك التي ستنفذ جلها الشركات الصينية". 

ويرى أن تطوير الشراكة على المدى البعيد له "آثار اقتصادية ممتازة، على اعتبار أن الكويت تسعى إلى تنويع اقتصادها وعدم اعتمادها على النفط فقط".

من جانب آخر يلفت أبو كف إلى "أن هناك استثمارات كبيرة للكويت في الصين، وهناك مساهمات كويتية في البنوك الصينية".

وعليه يعتقد أن "الصين تسعى للاستحواذ على علاقات أكبر مع الدول، وهي تنافس بذلك الولايات المتحدة، وربما تكون المشاريع الأخيرة في الكويت تتويجاً لمشروع طريق الحرير الذي يربط الصين بكثير من دول العالم، وهذا بالنسبة لبكين من الأهداف الاستراتيجية".

ويختم قائلاً: إن "البلدين منسجمان في العلاقات، وهذا ما رأيناه في استقبال الصين لولي العهد الكويتي مؤخراً"، مبيناً أن "رغبة تقوية العلاقات تنبع من التفكير الاستراتيجي للدولتين؛ الكويت تحاول الآن الاستفادة قدر المستطاع من دولة كبيرة، وأيضاً الصين تحاول الاستفادة من الكويت التي قد تكون منفذاً مهماً للصادرات الصينية".