خاص الموقع

الشّارع الخليجي يبرز وجدانه الحقيقي.. أين الشّارعين السّعودي والإماراتي؟

في 2023/10/23

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)

بينما سيطرت التظاهرات الشعبيّة على مشهد الدعم العربي والإسلامي لغزة وللقضية الفلسطينيّة، كان للأنظمة موقف مختلف، لا يلبّي هذه الطموحات الشعبيّة ولا يتسق مع النداءات التي ردّدتها الجماهير العربيّة.

لكنّ الملفت هذه المرة، هو خروج التظاهرات في الشّوارع الخليجيّة، ليس غضبًا فقط من الجرائم الصهيونيّة وحزنًا على الضحايا، ولكن فيما بدا أنّه استجابة مباشرة لطلبات المقاومة ودعوتها للشّارع العربي والإسلامي للخروج والتعبير عن الدعم لغزة والغضب من العدوّ ورعاته.

للتظاهرات في الخليج تحديدًا وضع خاص، حيث لا ينتشر هذا النوع من أنواع إبداء الرأي، وخاصّة في السنوات الأخيرة. كما أنّ خصوصيّة العلاقات الخليجيّة -الأمريكيّة تفرض قيودًا مضافة على التظاهر والاحتجاج، وخاصّة فيما يتعلّق بالمساس بالمصالح الأمريكيّة والرغبات التي تتوافق والأولويات الأمريكيّة.

ونظرًا؛ إلى أنّ الإدارة الأمريكيّة وقفت بكامل ثقلها وراء العدوّ وجرائمه ومارست الضغوط القصوى على الأنظمة العربيّة لمعاداة المقاومة ومساعدة "إسرائيل"، في تجاوز التهديد الوجودي الراهن، فإنّ هذه التظاهرات بدت تمرّدًا على أمريكا، وليس مجرد غضب من ممارسات الصهاينة.

الأمر الآخر، هو السّماح الرسمي من الأنظمة بمثل هذه التظاهرات وعدم قمعها، وهو ما يعني أنّ الأنظمة استشعرت الحرج أمام الضغوط الأمريكيّة، ولجأت للاستقواء بشعوبها لما تعرفه وتوقنه هذه الأنظمة من مكانة القضية الفلسطينيّة، في وجدان الشّعوب. إذ لو تُرك لهذه الشّعوب العنان لقامت قطاعات منها بالتطوع للجهاد والمشاركة الفعليّة في المعارك وليس مجرد التظاهر.

لكن .. وللأسف؛ وبالرغم من خروج التظاهرات في عواصم الخليج ومدنه، إلّا أنّ دولتين قد خلت منهما هذه المظاهر، وهما السّعودية والإمارات، ولم تظهر بوادر رأي عام شعبي فيهما، إلّا على مواقع التواصل.

وباستعراض ما حدث، ففي قطر، خرجت مظاهرة حاشدة من "مسجد محمد بن عبد الوهاب"، في العاصمة الدوحة عقب صلاة الجمعة، تضامنًا مع فلسطين وقطاع غزة، وطالب المتظاهرون بموقف دولي وعربي لوقف الهجمات الإسرائيليّة المتواصلة على القطاع.

وفي الكويت، شارك الكويتيون، ومن بينهم نواب في وقفة تضامنيّة بساحة الإرادة المقابلة لمجلس الأمة تحت شعار "جمعة الغضب" للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. ورفع المشاركون في الوقفة لافتات مؤيدة للشعب الفلسطيني وداعمة لحقه في أرضه، كما ردّدوا شعاراتٍ مُندِّدةٍ بتصريحات الرئيس الأميركي.

وفي البحرين، ردّد نحو ألفي شخص في مسجد الدراز، خلال صلاة الجمعة هتافات "الموت لإسرائيل" و"الموت لأمريكا". وشارك آخرون في مسيرة بعد ذلك ردّدوا فيها هتافات مناهضة لإسرائيل مثل "كلا كلا للتطبيع". كما خرج المئات من المتظاهرين في سلطنة عمان، في مسيرات لدعم المقاومة الفلسطينية، وهم يحملون آعلامًا فلسطينيّة، وردّدوا شعارات داعمة للمقاومة.

في هذا السّياق؛ لا بدّ من وقفة مع السّعودية والإمارات، حيث لم تحاولا حتى تمرير التظاهرات كما مرّرتها أنظمة أخرى للاستقواء في مواجهة الضغط الأمريكي. وهذا ما قد يُفهم منه أنّ هناك انحراطًا كاملاً في السّياسة الأمريكيّة وإصرارًا على التناقض مع الشّارعين العربي والخليجي، وهو أمر جد خطير يشي بتورّط في جرائم الصهاينة، أو على أقل تقدير، الإسهام في توفير غطاء سياسي لمجازره.

يكتسب هذا الفهم وجاهة مع ما رشح من تسريبات وسائل الإعلام الأمريكية حول تنسيق مشترك، لهذه الإدارات مع أمريكا، حول خطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الخارج، وتمويل هذه المؤامرة. فعلى الأقل، لو لم يكن هناك تورط، فليكن هناك سماح لابداء الرأي الشّعبي حتى لا يحدث شقاق بين الشّعوب العربيّة وخاصة بين الشعب الفلسطيني، وشعبي السّعودية والامارات.