دول » الكويت

"الحكومة الـ43".. ما الذي تحتاجه المرحلة الجديدة في الكويت؟

في 2024/01/03

يوسف حمود - الخليج أونلاين

تتجه الأنظار في الكويت نحو تشكيل أول حكومة في عهد الأمير الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، خصوصاً بعد خطابه شديد اللهجة عقب أدائه اليمين الدستورية.

وسيتعين على أمير الكويت أن يتعامل مع التوتر طويل الأمد بين الحكومة والبرلمان على الدوام، والذي يجده الكويتيون سبباً أعاق الإصلاح المالي والاقتصادي في البلاد، وهو الأمر الذي بدا لافتاً في خطابه محذراً من أي محاولات لعرقلة الإصلاحات والقضاء على الفساد.

وشهدت فترة حكم أمير الكويت الراحل، الشيخ نواف الأحمد الصباح، تشكيل ثماني حكومات وإجراء ثلاثة انتخابات برلمانية، نتيجة الاضطرابات السياسية، فكيف سيكون شكل الحكومة القادمة؟

الحكومة الـ43

ستكون الكويت خلال الأيام القادمة على موعد مع تشكيل حكومتها الـ 43 منذ الاستقلال قبل 61 عاماً عام 1962 خلال عهد الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح.

وكان لافتاً أن الخطاب الأول للأمير الجديد، يوم 20 ديسمبر الماضي، مختلف عن خطابات من سبقه، فقد حمل توبيخاً لاذعاً للسلطتين التنفيذية والتشريعية، وتعهداً منه بمحاربة الفساد ومحاسبة من "أضروا بالكويت".

وقال في خطابه حينها: "الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح البلاد، وما حصل في تعيينات المناصب دليل على عدم الإنصاف، إضافة إلى تغيير للهوية الكويتية، وما حصل في ملف العفو وتداعياته والتسابق لقانون رد الاعتبار، وما يزيد في الألم سكوت السلطتين عن هذا العبث كأنها صفقة تبادل مصالح بينهما".

ويملك الأمير مشعل خبرة سياسية كبيرة خصوصاً أنه تولى، بصفته ولي العهد، إدارة معظم شؤون البلاد في العامين الماضيين، خلال مرض الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد.

وخلال أول أسبوعين من تولي الشيخ مشعل الأحمد الحكم، عقد لقاءات مع رؤساء السلطات الثلاث في البلاد؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية، في إطار المباحثات المستمرة التي يجريها لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وبحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا) استقبل الشيخ مشعل (24 ديسمبر 2023)، في اجتماعات منفصلة كلاً من رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون، ورئيس الحكومة الشيخ أحمد نواف، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز المستشار عادل ماجد بورسلي، في قصر "السيف" بالعاصمة الكويت.

آمال شعبية

ومع حديث عن إعلان مرتقب للحكومة، بدت الآمال الشعبية تتصاعد بتشكيل حكومة مختلفة لعهد جديدٍ في البلاد تلبي مطالب وطموحات الكويتيين، حيث يطرح السياسي نادر عبد الإمام تساؤلات عما يريده المواطن الكويتي، مؤكداً أن المطالب تختلف عما يريده السياسيون وأولويات المواطنين، مؤكداً ضرورة "قراءة الواقع وعدم القفز عليه".

أما الصحفي الكويتي خالد الطراح، فيقول إن الكويتيين لم يعد أمامهم سوى "التفكير والتشجيع على دعم فكرة رئاسة حكومية شعبية، خصوصاً في ضوء عدم وجود محظور دستوري يحول دون قيادة الحكومة، من إحدى الشخصيات الكويتية من أصحاب الخبرة والحياد والنزاهة والحكمة".

فيما يرى الصحفي رشيد الفعم أن الكرة حالياً بـ"ملعب السلطة"، في إشارة لأمير الكويت، مشيراً في منشور له بمنصة "إكس" إلى أحداث مجلس الأمة عام 1967، مؤكداً أن ما حدث لاحقاً أسفر عن "تشكيل أفضل حكومة بتاريخ الكويت وبرلمان من أفضل المجالس الكويتية".

أما الصحفي نامي المطيري، فيعتقد أن كفة الترشيحات تميل بقوة لتكليف الشيخ محمد صباح السالم لرئاسة الحكومة، مؤكداً أن الكويت "تستحق استقراراً سياسياً وانتفاضة اقتصادية تشريعية إسكانية خدماتية".

معايير وتطلعات

يؤكد المحلل رئيس مركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات، عبد العزيز العنجري، أن الكويتيين يتطلعون إلى استقرار بلادهم بـ"التوازي مع تشديد معايير الحوكمة والرقابة والإصلاح ومكافحة الفساد، والتأكيد على أهمية الفصل بين السلطات، وضرورة التعاون المتبادل بينهما لخدمة المصلحة العامة".

ويرى أن أي سعي كويتي نحو الكمال المطلق "يُعد سعياً مستحيلاً نحو المثالية غير الممكنة، والتطلع لوجود حكومة قادمة كاملة في محاسنها، خالية من أي عيوب أو شوائب، يُعد وهماً من الخيال".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يؤكد أن وجود بعض الأخطاء دليل على وجود من يعمل، "ولا بد من تقبل نسبة بسيطة جداً من الأخطاء وسوء التقدير في بعض القرارات"، مضيفاً: "الحكومة التي تعمل وتنجز بوجود نسبة ضئيلة من الأخطاء في عملها، بالمقارنة مع إنجازاتها، هو أمر طبيعي ومتوقع في ظل القرارات والتعاملات اليومية المتنوعة".

ويرى أنه ‏في عملية التقييم العادلة لأداء الحكومة القادمة، "يجب التعامل مع الخطأ كجزء لا يتجزأ من العمل الإداري والتنفيذي المستمر"، لكن في المقابل يرى أن "الزيادة المفرطة في نسبة الأخطاء تستوجب المساءلة والمراجعة والمحاسبة".

وأكد أن على الكويتيين "التوازن والعقلانية والإنصاف في تقييمنا للأداء الحكومي القادم، ويجب التركيز على مدى كفاءة الحكومة في التعامل مع مجمل القضايا بشكل متكامل".

وأكمل: "من مقومات المجتمع الكويتي وجود عقلاء صادقين، يقولون الحقيقة خوفاً من الله، لا إرضاءً لعبيده، واليوم ننادي بهم للمساهمة وتقديم المشورة الحكيمة لتعزيز الاستقرار وتصحيح المفاهيم الخاطئة".

الداء والدواء

للحكومة في الكويت دور أكبر من أي حكومة أخرى في العالم، لأن القطاع العام يولد نحو 70% من حجم الاقتصاد، ويوظف نحو 84% من العمالة المواطنة، وهو الأمر الذي يحتاج إلى حكومة مستقرة، وفقاً لما يشير له مركز "الشال الاقتصادي".

يؤكد التقرير الصادر مطلع العام الجديد 2024، أن غياب الاستقرار والكفاءة انعكس سلباً على كل مؤشرات الأداء في الكويت، مؤكداً أن "الاقتصاد ينكمش، والمالية العامة في عجز متصل، واختلال ميزان العمالة يسير في اتجاه اللاعودة بعد سلسلة طويلة من القرارات الشعبوية، وبيئة الأعمال طاردة للاستثمار المباشر، المحلي والأجنبي".

وأشار التقرير إلى أن لدى الكويت "كل متطلبات ومفاتيح النهوض والتفوق"، لافتاً إلى أن الداء والدواء "يبقى في محتوى إدارتها التنفيذية القادمة، والأمل ينحصر في نبذ تشكيلها وفق معيار الجينات ومعيار المحاصصة، واستبدالهما بمعياري الكفاءة والأداء".

كما يشير إلى أنه ما بين 2006 ونهاية سبتمبر 2020، تشكلت 15 حكومة بمعدل 350 يوماً لعمر الحكومة الواحدة، وفي الفترة من ديسمبر 2020 حتى 20 ديسمبر 2023 يوم استقالة الحكومة الأخيرة، تشكلت 8 حكومات، بمعدل 105 أيام لعمر الحكومة الواحدة، أي انخفض معدل عمر الحكومة الواحدة بنحو 70%.