دول » عُمان

كيف تعاونت السعودية وعُمان بشكل مثمر في مجال السياحة؟

في 2024/01/05

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

لا تتوقف الجهود السعودية العمانية من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بمجال السياحة ضمن مساعي الدولتين الخليجيتين لتنمية هذا القطاع ليصبح مورداً رئيسياً لإيراداتهما العامة.

وخلال السنوات القليلة الماضية زادت الأنشطة السعودية العمانية الثنائية من أجل جذب مزيد من السياح الدوليين للمنطقة.

وتعتبر سلطنة عمان والسعودية وجهتين سياحيتين متميزتين بالمنطقة، فالسلطنة تتمتع بطبيعتها الخلابة، في حين أن المملكة لديها تنوع سياحي كبير؛ نظراً إلى مساحتها الواسعة.

تعاون واسع

وفي أحدث الجهود السعودية العمانية لتعزيز التعاون السياحي، اجتمعت في الـ27 من ديسمبر الماضي، لجنة تفعيل الشراكة السعودية-العمانية بمجال السياحة.

واستعرض الاجتماع مبادرات تهدف إلى تطوير برامج سياحية مشتركة لزيادة الترويج السياحي للبلدين في الأسواق العالمية، وتستهدف جذب مزيد من السياح الدوليين للمنطقة.

وأوضحت وزارة السياحة السعودية في منشور على موقع "إكس"، أن الاجتماع تطرق إلى زيادة عدد الرحلات الجوية الموسمية بين البلدين، تماشياً مع الاستراتيجية الخليجية للسياحة.

وأعربت اللجنة عن حرصها على تعزيز التعاون السياحي بين البلدين، وتوجيه الجهود نحو تحقيق تنمية سياحية مستدامة وتعزيز السياحة في المنطقة.

وفي 6 يونيو الماضي، أجرى وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، زيارة لسلطنة عمان، اجتمع فيها مع وزير السياحة والتراث العماني سالم بن محمد المحروقي.

وآنذاك، جرى خلال الزيارة إطلاق عدد من المبادرات والبرامج السياحية المشتركة، التي تهدف إلى استقطاب السياح الدوليين والمواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.

وركزت المبادرات على تفعيل التعاون التجاري والاستثماري، لا سيما مشاريع قطاع السياحة ودعم رواد الأعمال المهتمين بمجال السياحة في البلدين، وتدريب وتطوير الكوادر البشرية السياحية.

وفي إطار التعاون ذاته، وقعت وزارة التراث والسياحة العمانية مع نظيرتها السعودية مذكرة تفاهم في المجال السياحي في 29 نوفمبر 2022، على هامش أعمال القمة العالمية للمجلس العالمي للسفر والسياحة التي عقدت بالعاصمة الرياض.

وتهدف المذكرة إلى تكثيف التعاون في المجال السياحي بين البلدين من خلال تبادل الخبرات بينهما وتفعيل المشاركة في الفعاليات السياحية المختلفة.

كما تتعلق بتنسيق الجهود في المجالات ذات الصلة بالسياحة كالاستثمارات وإدارة المنشآت السياحية، وتشجيع القطاع الخاص للإسهام بشكل فاعل في عملية التطوير السياحي، وتنسيق الحملات التسويقية والترويجية، وتشجيع تنظيم رحلات سياحية بين البلدين.

وتسعى الاتفاقية أيضاً، إلى تبادل المعلومات والإحصائيات والدراسات والأبحاث في مجال التخطيط والاستثمار السياحي بهدف تعزيز نمو القطاع السياحي لدى البلدين.

ولاحقاً في فبراير من العام 2023، وقعت شركة المسافر السعودية و"فيزيت عمان" اتفاقية لتطوير تعزيز السياحة ذات الجودة بين البلدين.

هذه الاتفاقيات والاجتماعات والمباحثات المشتركة بين السعودية والسلطنة تأتي في سياق خطط منفردة لكل بلد لتعزيز السياحة وجذب مزيد من السياح.

الخطة العمانية

وفي 4 أكتوبر الماضي، قال المدير العام للتراخيص السياحية وخدمات المستثمرين في وزارة التراث والسياحة العمانية، طلال الخصيبي، إن "السلطنة تسعى لزيادة نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5٪، بحلول العام 2030".

وأضاف الخصيبي في تصريحات صحفية، إن "عدد السائحين وصل إلى 2.9 مليون، العام 2022"، متوقعاً أن يرتفع إلى 3.6 ملايين سائح خلال العام  2023.

وتابع أن السلطنة تستهدف استثمارات بقيمة 7.79 مليارات دولار، خلال الفترة ما بين 2021 و2025.

وكان وزير التراث والسياحة العماني، سالم بن محمد المحروقي، أوضح بتصريحات صحفية له في سبتمبر الماضي، أن مساهمة قطاع السياحة بالسلطنة بلغت 1.07 مليار ريال (2.77 مليار دولار) في الناتج المحلي للبلاد عام 2022.

وقال المحروقي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العمانية: إن "قطاع السياحة في السلطنة يشهد نمواً مطرداً بالمجالات كافة".

وأشار إلى أن عدد السياح القادمين إلى سلطنة عمان في عام 2022 بلغ نحو 2.5 مليون سائح، بزيادةٍ قدرها 10.8٪ مقارنة بالعام السابق له.

وذكر أن عُمان تستهدف استقطاب 10 ملايين سائح سنوياً بحلول عام 2030.

وأعرب عن أمله في أن تصل مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.75% خلال السنتين القادمتين قياساً بـ2.4% بنهاية 2022.

وأكد المحروقي، أن وزارة التراث والسياحة تعمل على تنفيذ خطة مكثفة لترويج المقومات السياحية كافة في سلطنة عمان، من خلال أحداث دولية نوعية عالمية، أبرزها إعلان سلطنة عمان الشريك الرسمي لأكبر المعارض الدولية في صناعة السياحة "بورصة برلين" للسفر والسياحة 2024.

ولفت إلى أن الوزارة تركز على تنفيذ مخططات سياحية متكاملة، تستهدف تطوير بعض الوجهات السياحية الواعدة لتنميتها بالتوافق مع مختلف القطاعات والبرامج الوطنية.

وكان المركز الوطني للإحصاء في عُمان نشر إحصائية حول إيرادات الفنادق في السلطنة، حتى نهاية يوليو من العام الماضي، حيث بلغت قرابة 318 مليون دولار، بارتفاع بلغ 27.8٪، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020.

ماذا تريد السعودية؟

السعودية أيضاً تملك خططها وأهدافها الخاصة المرتبطة بقطاع السياحة وتعزيزه، ففي يونيو الماضي، كشف وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، عن سعي كبير تبذله المملكة لتطوير القطاع السياحي، مبيناً أنها تنوي استثمار 800 مليار دولار في هذا القطاع الحيوي.

وأفاد الخطيب، خلال مشاركته في مؤتمر الأعمال العربي الصيني بالرياض، بأن السائح يستطيع الآن الحصول على التأشيرات السياحية إلكترونياً، مشيراً إلى أن الوزارة وضعت خططاً لقطاع السفر والسياحة تمثل 3% من سوق العمل.

وأضاف أن السياحة في المملكة حققت نمواً في الناتج المحلي بنسبة 4.45%، لافتاً إلى أنها ستستثمر أكثر من 800 مليار دولار خلال السنوات العشر القادمة.

وفي تصريحات سابقة، أشار الوزير الخطيب إلى أن المملكة تتوقع استقبال 100 مليون زائر بحلول 2030.

وتستهدف المملكة جذب استثمارات بقيمة 220 مليار ريال (53.3 مليار دولار) في قطاع السياحة حتى نهاية العام 2023، و500 مليار ريال (133 مليار دولار) حتى 2030، وفق الوزير الخطيب.

ونتيجة لهذه الجهود احتلت السعودية المركز الأول بين دول مجموعة العشرين، والمركز الثاني عالمياً في نسبة نمو عدد السياح الدوليين خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الماضي.

وأوضحت وزارة السياحة السعودية في حسابها على منصة "إكس"، في 13 ديسمبر الماضي، أن المملكة حققت نمواً في عدد السياح الدوليين بنسبة 50%، خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، وفقاً لتقرير السياحة العالمي "باروميتر" الصادر عن منظمة السياحة العالمية.

إمكانات ضخمة ونجاح متوقع

وفي قراءته للتعاون السعودي العماني في هذا المجال، يقول المحلل الاقتصادي حسام عايش، إن "الرياض ومسقط، كل منهما لديها خطتها الخاصة لتطوير السياحة وجذب السياح، وهذا التعاون يأتي في إطار هذه الخطط التي بدأت تظهر بالسنوات العشر الماضية".

ويضيف عايش، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أصبحت هناك حالة مهمة من الوعي في دول الخليج العربي ترتبط بضرورة تنويع الاقتصاد وترك الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات العامة، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تمر بها سوق الخام".

وتابع: "قطاع السياحة أحد أهم القطاعات التي يجب استغلالها لزيادة الإيرادات العامة بما يعني زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، خاصةً أن الدولتين تمتلكان إمكانات كبيرة لجذب السياح من جميع أنحاء العالم".

ويرى الخبير الاقتصادي، أن توحيد الجهود العمانية السعودية سيكون له تأثير أكبر وجذب أعداد أكبر من السياح، والتأشيرة السياحية الخليجية التي تم الإعلان عنها مؤخراً، ستسهم بشكل كبير في إنجاح هذه الجهود لتكون أكثر فاعلية.

كما يشير إلى أن هناك دولاً تعتمد ميزانياتها على القطاع السياحي بالدرجة الأولى، والدول الخليجية تملك الإمكانات لتحقيق ذلك فهي لديها الطبيعة الخلابة سواء في الصحراء أو السهول أو الجبال والفنادق الفارهة والبنية التحتية، إضافة إلى مقومات السياحة العلاجية والسياحة الدينية، إضافة إلى سياحة الحلال.

ويعتقد المحلل الاقتصادي، أن أمام السعودية وسلطنة عمان فرصة متميزة للتطوير المشترك للقطاع السياحي، وتوحيد إمكانات الدولتين سيسهم في إنجاح خططهما بهذا المجال.