اقتصاد » احصاءات

مكة والمدينة.. القطاع العقاري يفتح وجهة استثمارية جديدة للأجانب

في 2024/02/02

طه العاني - الخليج أونلاين- 

تواصل المملكة العربية السعودية مساعيها الهادفة إلى جذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز دور القطاع العقاري في الاقتصاد المحلي، من خلال اتخاذ عديد من الإجراءات التحفيزية اللازمة.

وأعلنت هيئة السوق المالية السعودية قرارها الجديد بافتتاح أفق جديد للاستثمار الأجنبي، مما يتيح لغير السعوديين الاستثمار في الشركات التي تمتلك عقارات في مكة المكرمة والمدينة المنورة للمرة الأولى.

فتح باب الاستثمار

وفتحت المملكة باب التملُّك العقاري للأجانب في مكة والمدينة، بحسب ما أعلنه رئيس مجلس إدارة هيئة السوق المالية، محمد القويز، في 22 يناير، وذلك خلال مشاركته في "منتدى مستقبل العقار" في الرياض.

وقال القويز إن هناك 4 أمور في الأفق تؤثر على التمويل العقاري في المملكة، كاشفاً عن أنه قبل نهاية الربع الأول من 2024 ستصدر الضوابط التي تمكّن غير السعوديين لأول مرة من الاستثمار في الشركات المدرجة التي تستثمر في مكة والمدينة.

أول هذه الأمور وأكبرها من ناحية الفرص هو تطوير سوق الدين؛ "لأن القطاع العقاري من أكبر مستفيدين منه، لا سيما في تصكيك التمويل العقاري للأفراد وتحويله إلى أوراق مالية"، وفق القويز.

ويبيّن أن الأمر الثاني هو "المساهمات العقارية التي تسهم في خلق قناة إضافية لصغار المطورين، وثالثاً؛ مزيد من التحرير الذي نتوقعه وسنعلنه قريباً في الصناديق العقارية التي تتيح خيارات إضافية لكافة أنواع مديري الصناديق، ومن ضمنها القطاع العقاري".

وحول الأمر الرابع يقول إنه التملك في مكة والمدينة والاستثمار والتمويل فيهما، مشيراً إلى أنه في العام الماضي تم تحرير الاستثمار في مكة والمدينة لمن هم من خارج المملكة في مجال الصناديق العقارية.

ونوه القويز بأنه قبل نهاية الربع الأول من 2024 ستصدر الضوابط التي تمكن غير السعوديين لأول مرة الاستثمار في الشركات المدرجة التي تستثمر في مكة والمدينة؛ لتحقيق مزيد من التمويل للقطاع العقاري لتحويل الطموح إلى واقع ملموس.

ويأتي هذا القرار في سياق استراتيجية المملكة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية وتنويع مصادر الدخل، ويعكس رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة وتطوير قطاعات جديدة في الاقتصاد السعودي، مع التركيز على فتح فرص الاستثمار في القطاع العقاري، خاصة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وذلك بهدف تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الاستدامة المالية للمملكة.

وبلغ حجم الأصول المُدارة في قطاع الصناديق العقارية نحو 45.33 مليار دولار، في نهاية الربع الثالث من العام الماضي، ويُلاحظ أن هذا الرقم يُشكل ثلث الأصول المدارة في السوق المالية، مما يبرز بوضوح التوسع السريع لقطاع التمويل العقاري عبر السوق المالية.

ويؤكد الكاتب والصحفي بدر العتيبي أن تطوير القطاع العقاري يلقى اهتماماً بالغاً في المملكة؛ لكونه واحداً من القطاعات الحيوية والمحركة للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن رؤية المملكة تركز على الاستثمار العقاري من خلال زيادة القدرة الاستيعابية لاستقبال الحجاج والمعتمرين في مكة والمدينة من 8 ملايين إلى 30 مليوناً بحلول عام 2030، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وفتح باب الاستثمار العقاري لهم، في خطوة جريئة ومهمة لتنويع الاقتصاد وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

ويرى العتيبي أن أهمية القرار تأتي في تحفيز النمو العقاري والسياحي والتجاري في المملكة، وخلق فرص عمل وتنمية مستدامة، عبر زيادة الطلب على العقارات والخدمات المرتبطة بها، وتحسين جودة وتنوع العروض العقارية، كما يعكس الثقة في السوق العقارية السعودية والاستقرار الأمني والسياسي البلاد؛ مما يعزز صورة المملكة كوجهة استثمارية وسياحية جاذبة.

وحول مكة والمدينة، فإن حكومة المملكة تركز عليهما باعتبارهما أهم المدن السعودية والعالم الإسلامي، إذ تحظى المدينتان بمكانة خاصة لدى المسلمين كافة الذين يأتون إليهما من كل بقاع العالم لممارسة شعائرهم الدينية، بحسب العتيبي.

ضوابط استثمار الأجانب

دعت هيئة السوق المالية السعودية، في 15 نوفمبر الماضي، عموم سكان المملكة للتعبير عن آرائهم حول الضوابط المتعلقة بتملك المستثمرين الأجانب لأسهم الشركات السعودية المُدرجة، خاصة تلك التي تمتلك عقارات استثمارية في مكة والمدينة.

ويتمثل أهم العناصر الرئيسة في الضوابط؛ بتمكين الشركات السعودية المدرجة من اكتساب حق الملكية أو حق الارتفاق أو الانتفاع داخل حدود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة على العقارات المخصصة لمقراتها، أو مقرات فروعها، شريطة أن يُستغل العقار كاملاً لهذا الغرض.

وتقضي الضوابط بمنح المستثمرين الأجانب فرصة التملك لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية التي لديها عقارات استثمارية داخل حدود العاصمة المقدسة والمدينة النبوية، شريطة ألا تتجاوز ملكية المستثمرين الاستراتيجيين الأجانب، سواء كانوا أفراداً أو مجموعة، ما نسبته 30% من أسهم الشركة المدرجة أو أدوات الدين القابلة للتحويل للأسهم أو كليهما الخاصة بهذه الشركة.

واشترطت الهيئة عدم تجاوز ملكية الأشخاص ذوي الصفقة الطبيعية والاعتبارية الذين لا يحملون الجنسية السعودية مجتمعين نسبة 49% من أسهم الشركة المدرجة أو أدوات الدين القابلة للتحويل الخاصة بالشركة.

وأشار الكاتب الاقتصادي سعود المطير إلى أن نسبة 30% التي وضعتها هيئة السوق المالية كبيرة جداً، وهذا سيعطي فرص استثمارية قوية لمن لدية الرغبة في عملية الاستثمار من المستثمر الأجنبي، ومحركاً لسوق الأسهم السعودي خلال الفترة القادمة.

وأضاف في تصريح لصحيفة "مال"، أنه "سيزداد معدل تدفق رؤوس الأموال من الاستثمار الأجنبي وفقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، بحكم أن سوق الأسهم السعودي يشهد نمواً اقتصادياً، وسيصبح من الأسواق العالمية الكبرى".

أهمية القطاع العقاري

ويعتبر القطاع العقاري من بين القطاعات الرئيسية التي تؤدي دوراً حيوياً في تحقيق أهداف رؤية 2030، فيما يأتي هذا التركيز نتيجة للنمو السريع والازدهار الذي شهده القطاع في السنوات الأخيرة.

ويعكس هذا التطور الطفرة في استراتيجية المملكة لتعزيز الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، ويبرز الدور المحوري الذي يؤديه القطاع العقاري في دعم التنمية المستدامة وتعزيز استقرار الاقتصاد الوطني.

واليوم، تشكل السعودية وجهة استثمارية بارزة للمستثمرين العقاريين من جميع أنحاء العالم، وتتمثل هذه الجاذبية بشكل خاص في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث تحظى كلتا المدينتين بأهمية استثنائية في العالم الإسلامي.

وتتميز مكة المكرمة بكونها الموقع المقدس الذي يستقطب المسلمين من جميع أنحاء العالم، بينما تحتل المدينة المنورة مكانة مهمة في التاريخ والثقافة الإسلامية، وفتح الباب لاستثمار غير السعوديين في الشركات العقارية التي تمتلك عقارات في هاتين المدينتين يعزز الجاذبية الاقتصادية والاستثمارية للمملكة.

ويهدف القرار لرفع مكانة المملكة كوجهة استثمارية جاذبة، حيث يفتح الباب أمام المستثمرين الأجانب للمشاركة في الاستثمار في القطاع العقاري، وذلك بشكل خاص في مدن مكة المكرمة والمدينة المنورة.

ويشمل هذا القرار أيضاً تحقيق أهداف أخرى، منها زيادة الناتج المحلي وتوفير فرص عمل، فضلاً عن تحفيز التنمية الاقتصادية في القطاع العقاري، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال توفير تمويل إضافي للشركات العقارية، مع فتح خيارات استثمارية جديدة للمستثمرين الأجانب في الشركات العقارية المُدرجة.

فرصة ذهبية

ويوضح العتيبي لـ"الخليج أونلاين" أن الخطوة تنضوي تحت الخطة الاستراتيجية الطموحة لتحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع ومستدام، وذلك من خلال إعادة هيكلته ليكون جاذباً لرؤوس الأموال الأجنبية، وزيادة الاستثمارات في القطاع العقاري، وخاصة في مكة والمدينة؛ لأهميتهما السياحية.

ولا يعتقد أن هناك علاقة مباشرة بين هذا القرار وزيادة المعتمرين خلال العام المنصرم، بل تعود الزيادة إلى التسهيلات المقدمة للمعتمرين، مثل سهولة الحصول على التأشيرات، وتحفيز شركات السياحية والعمرة لتقديم عروض وخدمات متنوعة ومناسبة للمعتمرين من مختلف الفئات والميزانيات.

ويؤكد الكاتب الصحفي أن الاستثمار العقاري في المنطقتين المقدستين (مكة والمدينة) فرصة ذهبية للمستثمرين الأجانب؛ وذلك لتميزهما بطلب متزايد على العقارات فيهما.

ويلفت إلى أن هذا القرار يمكن المستثمرين الراغبين من الاشتراك في الصناديق العقارية المتداولة التي تستثمر في عقارات داخل هاتين المدينتين، وكذا الاستفادة من الحوافز والتسهيلات التي تقدمها لهم المملكة من تيسير للإجراءات وتخفيض للرسوم والضرائب.

ويردف: "القرار خفض من التحديات التي قد تواجه المستثمرين الأجانب، إلا أن المنافسة مع المستثمرين المحليين الذين يمتلكون خبرة وعلاقات في السوق العقارية في المدينتين هو التحدي الأكبر الآن أمامهم".

ويرى العتيبي أن القرار السعودي خطوة جريئة وإيجابية تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية وتحسين البنية التحتية والخدمات في المنطقتين المقدستين، وسيكون له تأثيرات اقتصادية إيجابية تتمثل في تحسين الأداء الاقتصادي والمالي للشركات المدرجة في السوق السعودية التي تملك عقارات في مكة والمدينة، وزيادة قيمتها السوقية وجاذبيتها للمستثمرين، بما يعزز النمو الاقتصادي.