دول » دول مجلس التعاون

أين وصل قطار التحالف الإسلامي العسكري بعد 7 سنوات من تأسيسه؟

في 2024/02/05

متابعات- 

في مرحلة حساسة تعيشها المنطقة والعالم، جاء الاجتماع الثاني لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، في العاصمة السعودية الرياض يوم 3 فبراير، للتأكيد على أن الحرب ضد الإرهاب لا هوادة فيها، ولن تتوقف مهما كانت الظروف والمتغيرات.

ويكتسب الاجتماع أهميته بالنظر إلى طبيعة التحديات التي تواجهها المنطقة، جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر، وتزايد احتمالات توسع الصراع، وهو ما يوفر بيئة خصبة لانتشار ظاهرة الإرهاب في المنطقة.

وتشكل ظاهرة الإرهاب تهديداً خطيراً للأمن والسلم الدوليين، ولذلك برز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في 15 ديسمبر 2015، كمحاولة لتوحيد الجهود وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في مواجهة هذا الخطر الداهم.

وبعد مضي 7 سنوات على تشكيل هذا التحالف، ما الذي حققه؟ وإلى أين يتجه؟

المجالات الأربعة

محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وتجفيف منابعه، ونشر ثقافة السلام والتسامح في العالم الإسلامي، كان ولا يزال أبرز أهداف التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب.

وتتمحور أهداف هذا التحالف حول 4 مجالات رئيسية، هي "المجال الفكري والمجال الإعلامي، والمجال العسكري، وكذا مجال محاربة تمويل الإرهاب".

وفي أعقاب إعلان الأمير محمد بن سلمان، حينما كان ولياً لولي العهد السعودي منتصف ديسمبر 2015، تأسيس التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، تم تأسيس مركز عمليات مشترك في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية ضد "الإرهاب"، حسب بيان مشترك للدول المنضوية في هذا التحالف.

وفي بداية التحالف، كان عدد الدول التي انضوت تحت لوائه 34 دولة، ثم ارتفع عددها ليصبح 42 دولة، وحينها أعلن الأمير بن سلمان أن "هدف التحالف هو تنسيق الجهود ضد المتطرفين في العراق، وسوريا، وليبيا، ومصر، وأفغانستان".

نشاط مستمر

ورغم عدم الظهور الإعلامي الكبير للتحالف الإسلامي خلال الفترة الماضية، فإنه يواصل أنشطته وفعالياته واجتماعاته التي تسعى إلى تحقيق رؤيته في محاربة الإرهاب.

وللمرة الثانية تحتضن العاصمة السعودية الرياض، "مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء، يوم السبت الموافق 3 فبراير الجاري، تحت شعار "محاربة الإرهاب مسؤولية مشتركة"، لمناقشة تفعيل مسيرة التحالف، علماً بأن الرياض احتضنت أيضاً الاجتماع الأول في نوفمبر 2017، والذي تم فيه "الاتفاق فيه على الأطر والأسس لانطلاقه، والالتزام بتسخير كافة الجهود لمحاربة الإرهاب ومكافحة التطرف".

وفي البيان الختامي لاجتماع السبت، أكد الحاضرون عزم دولهم على تعزيز التعاون وتنسيق الجهود وتوحيدها لدرء مخاطر الإرهاب والوقوف ضده، مشددين على "أهمية العمل الجماعي المشترك لمواجهة جميع أشكال وصور الإرهاب والتطرف".

الوزراء والقادة الحاضرون أكدوا أيضاً حرصهم على "مواصلة الجهود لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه من خلال العمل الجماعي المنظّم والتخطيط الشامل، وفق خطط ومبادرات تدعم مجالات التحالف الرئيسة المتمثلة في المجال الفكري، والمجال الإعلامي، ومجال محاربة تمويل الإرهاب، والمجال العسكري".

وخلال السنوات الـ7 الماضية لم تتوقف اجتماعات التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، وإلى جانب اجتماع نوفمبر 2017، واجتماع فبراير 2024 لوزراء دفاع دول التحالف الإسلامي، عُقدت العديد من الاجتماعات والفعاليات، منها على سبيل المثال، مشاركته في معرض الدفاع الدولي 2024 الذي يُقام في الرياض، وذلك من أجل التعريف برؤية ومهمة التحالف في محاربة الإرهاب.

وفي ديسمبر الماضي، احتضنت الرياض الاجتماع الثاني لرؤساء الأركان لدول التحالف الإسلامي العسكري، والدول الداعمة، حيث جرى خلال الاجتماع بحث إنجازات التحالف في المجالات المعنية.

وحينها قال أمين عام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، اللواء الطيار ركن محمد بن سعيد المغيدي: إن "إجمالي طلبات الدعم من الدول الأعضاء، التي جرى التقدم بها من ممثلي الدول بالتحالف، تجاوز 60 مبادرة؛ جميعها تصب في مجالات محاربة الإرهاب المختلفة"، مشيراً إلى أن التحالف "قام بدراستها وتأطيرها وفق القوانين الدولية، للشروع في تنفيذها بعد إقرارها من مجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي".

صدارة سعودية

وتتصدر المملكة العربية السعودية المساعي المبذولة لتفعيل التحالف، ودفعه للتقدم نحو الأمام، لتحقيق أهدافه، في مكافحة الإرهاب واستئصال شأفته.

ومن هنا جاء إعلان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، عن دعم بلاده لصندوق تمويل المبادرات بالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بـ26.6 مليون دولار، إضافة إلى دعم 46 برنامجاً تدريبياً ضمن مجالات عمل التحالف الأربعة.

ووفقاً للبيان الختامي، فقد اتفقت الدول الأعضاء على إطلاق صندوق تمويل مبادرات التحالف المخصص لاستقبال الإيداعات الاختيارية للمنح المالية من الدول الأعضاء والدول الداعمة والمنظمات الدولية، للصرف منها على تنفيذ تلك المبادرات الاستراتيجية التي أقرها التحالف.

ووفقاً للتقرير السنوي الصادر عن التحالف، فقد تجاوزت المصروفات التشغيلية، التي قدمتها السعودية منذ إنشاء التحالف أكثر من 266 مليون دولار.

وفي كلمته التي ألقاها خلال الاجتماع، أكد وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، أن "الإرهاب والتطرف يشكلان خطراً على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

من جانبه أشاد مجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بدور السعودية، مؤكداً حرصها على تفعيل مسيرة التحالف من أجل حماية أمن الدول الأعضاء وصون استقرارها.

حرب لا هوادة فيها

ولا يخفى على أحد ما قامت به المملكة العربية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، ووفقاً لرئيس تحرير موقع "سكاي نيوز عربية"، عمر الأنصاري، فإن التحالف بقيادة المملكة، يخوض حرباً لا هوادة فيها لمواجهة خطر الإرهاب الآخذ في التغلغل يوماً بعد آخر في كثير من دول العالم الإسلامي.

وتطرق الأنصاري، في مقال نشره موقع "سكاي نيوز عربية"، في 4 فبراير الجاري، إلى ما ورد في تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، والذي رصد زيادة التهديدات الإرهابية بنسبة 50٪ عما كانت عليه في 2022 في منطقة الساحل الأفريقي وحدها، بزيادة قدرها 2000٪ خلال الـ15 عاماً الماضية..

الأنصاري قال إن هذه الأرقام جعلت الدول الإسلامية تستشعر الخطر وتوحد جهودها في الرياض، التي لديها تجربة طويلة وناجحة في اجتثاث الإرهاب وتجفيف منابعه، لحشد الطاقات والإمكانيات والاستعداد لحرب طويلة مع هذه الآفة، عبر أربعة محاور؛ "الفكرية والإعلامية وتجفيف منابع التمويل، والمجال العسكري".

ويضيف الأنصاري أن خبراء محاربة الإرهاب يعولون على التحالف الإسلامي وقيادته، ليس عبر الجهود العسكرية، بل عبر الحرب الفكرية التي أضحت ضرورة لتوعية هذه المجتمعات من التضليل، وأيضاً عبر الحرب الإعلامية أيضاً، فضلاً عن تجفيف منابع تمويل هذه التنظيمات.

خطوة مهمة

وبالنظر إلى ملابسات تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، تتضح الأهمية التي يمثلها، ووفقاً لأستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر محمد المسفر، فإن "إعلان التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة السعودية، خطوة في الطريق الصحيح".

وأضاف، في تصريحات صحفية سابقة له، أن "هذا التحالف له هدف محدد وهو التعبئة ضد التطرف والإرهاب، ولن يكون أداة ضد الإخوان المسلمين أو خصماً للمقاومة"، مشيراً إلى أن هذا التحالف "سيكون إسناداً للفلسطينيين وللعرب والمسلمين في مواجهة التطرف".

من جانبه قال الصحفي السعودي خالد المطرفي، إن "النهج الشمولي هو ما يعتمد عليه التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"، مشيراً إلى أن ذلك "يظهر من خلال منهجيته المستندة إلى القوانين الدولية في تنفيذ مبادراته الاستراتيجية".

وأضاف المطرفي، في مقال نشره، الاثنين 5 فبراير، في صحيفة الرياض السعودية، أن التحالف "يسعى في مبادراته الإعلامية على مناهضة الخطاب الإعلامي المتطرف وفضحه وكشف أساليبه، ونشر رسالة إعلامية وسطية تهدف إلى توعية الجمهور بمخاطر آفة الإرهاب والجماعات المتطرفة، ويمتد ذلك إلى قطع دابر تمويل الإرهاب"، لافتاً إلى أن ذلك هو أحد "أهم مجالات التحالف التي يعمل عليها لتجفيف منابع تمويل الجماعات الإجرامية التي تحد من حِراكهم المتطرف".