دول » دول مجلس التعاون

بعد سنوات الخلاف.. ما إمكانية تحول إيران إلى مقصد سياحي للخليجيين؟

في 2024/02/06

متابعات- 

تشهد العلاقات الخليجية منذ المصالحة السعودية الإيرانية، في مارس الماضي، تحسناً ملحوظاً شمل توقيع اتفاقيات وإجراء زيارات رسمية.

وكانت الرياض وعواصم خليجية قد قطعت علاقاتها مع طهران، عام 2016، بعد هجوم متظاهرين في إيران على البعثات الدبلوماسية السعودية، على خلفية إعدام رجل دين سعودي بارز، ومنعت مواطنيها من السفر لإيران.

ووصلت إلى ذروة تعزيز العلاقات بلقاء ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في نوفمبر الماضي، بالرياض.

وترغب طهران باستغلال الأجواء الإيجابية مع جيرانها على الضفة الأخرى من الخليج العربي لتحقيق مكاسب في المجال الاقتصادي والسياحي لتنشيط سوقها المحلية.

تعزيز السياحة

وفي 5 فبراير 2024، دخل قرار طهران إلغاء تأشيرة الدخول لمواطني السعودية قطر والكويت والإمارات والبحرين حيز التنفيذ من جانب واحد، وذلك على القادمين جوّاً فقط، وليس عبر المعابر الحدودية البرية.

واعتبر وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية الإيراني عزت الله ضرغامي قرار بلاده إلغاء تأشيرات 32 دولة بينها دول خليجية بأن الحكومة قررت "فتح أبواب البلاد على العالم"، معتبراً أن إيران أظهرت أنها مستعدة لفتح أبوابها أمامها، وتقديم مزيد من التسهيلات حتى تتمكن من زيارتها بسهولة والتمتع بمزاياها.

وتراجعت السياحة الوافدة إلى إيران، خلال السنوات الماضية، تحت تأثير العقوبات الأمريكية المشددة، وتفشي وباء كورونا، والاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران، أواخر العام 2022.

وتسعى الحكومة الإيرانية لتنشيط قطاع السياحة، وبخاصة مع دول الخليج المجاورة والثرية.

وقبل انقطاع العلاقات بين البلدين عام 2016، كان يقصد آلاف السعوديين من الطائفة الشيعية إيران سنوياً؛ لزيارة المزارات الدينية في مدينة مشهد في شمال شرقي إيران، حيث توجد قنصلية سعودية، فضلاً عن مدينة قم جنوبي العاصمة طهران، التي انطلقت منها الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.

وكان لافتاً أن السياحة الخليجية في إيران شهدت قفزة نوعية، خلال العام الماضي، الذي شهد المصالحة "السعودية الإيرانية".

إذ بحسب بيانات وزارة التراث الثقافي والسياحة الإيرانية، في ديسمبر الماضي، فقد تصدر قائمة السياح العرب كل من القادمين من البحرين والكويت والعراق والسعودية، فيما نما قطاع السياحة بنسبة 48.50%، مقارنة بالعام 2022.

وسبق أن قال الكاتب والمحلل السعودي سعيد المحروقي لـ"الخليج أونلاين: إن "رفع التأشيرة سيعزز العلاقات بين البلدين، ونمو قطاع السياحة لدى السعودية وإيران، خاصةً أن البلدين يمتلكان مقومات سياحية".

كما أشار إلى أن السائح السعودي معروف بإنفاقه العالي، وهو ما سينعكس على إيران، التي لديها أيضاً مناطق طبيعية جميلة لاستقطاب السياح، خاصة خلال فترة الصيف.

واقع السياحة في إيران

وقدرت عائدات إيران من السياحة الخارجية، خلال العام الماضي، بنحو 7 مليارات دولار، وهو ليس كبيراً مقارنةً بالدول المجاورة لها مثل تركيا التي تصل إلى 56 مليار دولار، على الرغم مما تتمتع به من ميزات سياحية.

وسبق أن اشتكى رئيس جمعية الحملات السياحية الإيرانية إبراهيم بور فرج، العام الماضي، من أن تراجع السياحة في بلاده "أدى إلى تعطل قطاع السياحة، وكذلك ارتفاع معدلات البطالة".

وعملت إيران، خلال العامين الماضيين، على تنويع عروضها السياحية في المناطق الحدودية الشمالية الغربية، وعلى شواطئ الخليج، لا سيما مدينة تبريز الكبيرة وبازارها الشهير، والسياحة البيئية وسط منحدرات أراس، التي ضمّت مؤخراً إلى قائمة الحدائق الجيولوجية لليونسكو، أو الكنائس الأرمنية التاريخية.

كما تعد إيران من الدول ذات التراث العريق والثقافة الغنية، وهي تمتلك مجموعة متنوعة من المواقع السياحية التي تجمع بين الطبيعة والتاريخ.

وفيها أيضاً مواقع أثرية مثل تخت جمشيد (بيرسبوليس)، ومدينة أصفهان التي تحتوي على عديد من المعابد والجسور والبازارات التاريخية، ومدينة شيراز، وهي مهد الشعر الفارسي، إضافة إلى أماكن تظهر العمارة الإيرانية المعروفة بتصاميمها الفريدة.

وتتميز إيران أيضاً بوجود مناطق طبيعية خلابة؛ مثل بحيرة أورومية، وجبال البرز، والصحراء الفارسية.

لكن العديد من الدول الغربية تنصح رعاياها بعدم السفر إلى إيران، لا سيما بسبب قوانينها المشددة المرتبطة بالشريعة الإسلامية، ما قد يعرّض السائح لخطر الاعتقال و"الاحتجاز التعسّفي، لذلك بدأت تنشر عروضها السياحية في الدول الخليجية إلى جانب العراق.

كما تسعى إيران أيضاً إلى جذب سكان دول الخليج، خصوصاً الإمارات المجاورة، إلى جزيرتي كيش وقشم اللتين توفران أجواء أكثر استرخاءً بوجود الشواطئ والفنادق الفاخرة ومراكز التسوّق.

مخاوف أمنية

ورغم تحسن العلاقات الخليجية الإيرانية، لا سيما مع السعودية، فإن هناك محاذير أمنية عدة قد تعيق مزيداً من الانفراج، لا سيما السياحي.

وكانت السعودية منعت مواطنيها من السفر إلى إيران، وتعاقب من يسافر إلى هناك بمنعه من السفر خارج المملكة لمدة 3 سنوات.

لكن مخاوف أمنية كبرى ثارت من تجنيد إيران للسياح السعوديين الشيعة، لا سيما أن العديد منهم كان يخالف قرار المنع ويسافر للعراق، ومنها سراً إلى إيران دون أن تختم السلطات الإيرانية جواز سفره، كما كشفت صحيفة "عكاظ" في تحقيق لها عام 2020.

كما كشفت الصحيفة أن مكاتب ووكالات السياحة في المنطقة الشرقية نظمت رحلات سرية إلى إيران، ولا يختم دخول وخروج في جواز السفر السعودي، بل يكون الختم في تأشيرة الدخول، وهي ورقة خارجية.

وسبق أن اتهمت الرياض طهران بدعم المتورطين في أحداث بلدة "العوامية" في "القطيف" ذات الأغلبية الشيعية، حتى إن وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز  آل سعود طالب علناً "إيران بالكفّ عن التدخل في الشأن السعودي".

كما اتهمت إيران بتدريب وتجنيد سياح سعوديين وخليجيين بهدف تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال الشيعة الموجودين في دول في مجلس التعاون الخليجي.

وفي العام 2016، أصدرت المحكمة الجزائية السعودية حكماً بالقتل بحق 15 مداناً من أفراد خلية تجسس إيرانية مكونة من 32 إرهابياً؛ 30 منهم سعوديون، إضافة إلى إيراني وأفغاني، متهمين بتكوين خلية للتجسُّس والارتباط والتخابر مع عناصر من المخابرات الإيرانية للإضرار بأمن المملكة.

وليس ببعيد عن السعودية، فجارتها البحرين تعاني كثيراً من تجنيد مواطنيها الشيعة الذين يزورون إيران، ما دفعها لمنع مواطنيها من السفر إلى هناك؛ أعوام 2016 و2018 و2020.

وكان الشيعة البحرينيون يسافرون إلى إيران لأسباب دينية، إلا أنه كان يجري تجنيد بعض منهم للقيام بأعمال تمس أمن المملكة.

وخلال الأعوام 2013 و2017 و2021، أعلنت الداخلية البحرينية القبض على خلايا تخريبية مرتبطة بإيران؛ لتنفيذ أعمال اغتيال وتفجيرات ومهاجمة عدة أهداف حيوية.

ووفق البيانات الرسمية حينها فإن المجموعات الإرهابية دربوا بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني داخل معسكرات يشرف عليها، حيث اشتملت أعمال التدريب على استخدام الأسلحة النارية وتصنيع المتفجرات والعبوات بكافة أنواعها، والتدريب على اقتحام المباني وحرب المدن.

وأمام هذه الرحلة الطويلة مع المعاناة الأمنية قد تكون الدول الخليجية مجبرة على التأني في الانفتاح تدريجياً على السياحة في إيران، خصوصاً أن الظروف لم تتغير كثيراً عما كانت عليه قبل المصالحة، في مارس الماضي.

وسبق أن لفت الكاتب والمحلل السعودي سعيد المحروقي لـ"الخليج أونلاين إلى أن المملكة "تعمل على استقطاب الشركات من إيران في قطاع السياحة، من خلال رفع القيود على التأشيرة لكن مع جعلها تعمل في المطارات فقط".