دول » دول مجلس التعاون

"إقبال واسع".. ما أسباب انتشار السيارات الصينية في دول الخليج؟

في 2024/02/17

متابعات-

أصبح انتشار السيارات الصينية الصنع ملحوظاً في شوارع دول مجلس التعاون الخليجي، خلال العامين الماضيين، لكونها تناسب كافة العملاء من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط.

وإضافة إلى أسعارها المناسبة، تتمتع السيارات الصينية بجودة عالية، نظراً للشراكات التي أوجدتها بكّين مع الشركات العالمية المعروفة في صناعة السيارات، والتي تمارس أنشطتها الآن في الصين.

إقبال كبير

وشهدت مبيعات السيارات الصينية زيادة كبيرة على حساب العلامات التجارية الشهيرة في منطقة الخليج العربي، حيث وصلت إلى معدل نمو يبلغ 35% في بعض دول المجلس.

وشكلت السيارات الصينية المصنعة ما بين 10-15% من حصة السوق في دول مجلس التعاون الخليجي، خلال العام 2021، وهو ما يمثل نسبة ملحوظة من إجمالي المبيعات، حيث تفوقت هذه السيارات على عديد من الشركات المصنعة التقليدية.

وباعت الشركات الصينية ما لا يقل عن 200 ألف سيارة في المنطقة خلال انتشار جائحة فيروس كورونا عام 2020.

وفي عام 2022 ارتفاع هذا الرقم بشكل ملحوظ، حيث تم استيراد نحو 150 ألف سيارة صينية، خلال النصف الأول من العام فقط، مما يشير إلى تزايد الطلب المحلي على هذه المركبات.

وخلال الفترة من 1 يناير وحتى 30 سبتمبر من عام 2023، وصلت مبيعات السيارات الصينية في دول الخليج إلى 127 ألفاً و784 سيارة، تمثلها ست شركات رائدة وهي (شانجان، إم جي، جيلي، هافال، جريت وول بيك أب، جيتور).

ويرى خبراء خليجيون في مجال السيارات أنه غالباً ما توفر السيارات الصينية مواصفات مماثلة لتلك المتاحة في السيارات الألمانية والأمريكية، إلا أن أسعارها لا تتجاوز ربع سعر السيارات الألمانية، كما أنها أقل بنسبة تصل إلى 35% من سعر السيارات اليابانية.

ومن وجهة نظر المستهلك الخليجي، فإنه يعتزم استبدال السيارات بعد مرور خمس إلى سبع سنوات في معظم الحالات، وتقدم السيارات الصينية خدمة دون مشاكل خلال هذه الفترة، حتى لو كانت ذات جودة أقل.

نقلة نوعية

ويقول الباحث حبيب الهادي: إن "الصين أصبحت في الفترة الأخيرة الدولة المتصدرة في صناعة السيارات وفي توريدها إلى دول عديدة حول العالم، ومنها دول الخليج العربي، إذ تصدر وبمسافات بعيدة حتى عن الولايات المتحدة الأمريكية وعن اليابان، ويعتبر ذلك نقلة نوعية".

ويبيّن في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن "أسعار السيارات الصينية مختلفة وأقل بكثير عن السيارات الأخرى، وهذا يعتبر من الأسباب الرئيسة التي زادت من انتشارها في دول الخليج، فضلاً عن الجودة والرفاهية العالية والتكنولوجيا وغيرها".

ويشير الهادي إلى أن السيارات الصينية أصبحت تكتسح السوق الخليجي وتنتشر بوضوح، مثل سيارة "إم جي" و"شانجان" التي تعتبر الآن من أكثر مبيعات السيارات، وتشهد إقبالاً كبيراً.

ويردف: "الوضع الاقتصادي العام لشعوب الخليج العربي، والأوضاع الاقتصادية العالمية وتأثيراتها المحلية، كل ذلك أدى إلى التوجه لشراء السيارات الصينية، إضافة إلى تغير النمطية والفكر السابق المنتشر حول ضعف جودة السيارات الصينية".

ويؤكد الهادي أن انتشار السيارات الصينية سيؤثر على الشركات التقليدية، إذ إن "الصين اليوم تتقدم بمسافات كبيرة في مراحل وجوانب متعددة، ويمكنها تلبية رغبات الزبون الخليجي الذي يطلب سيارات تتأقلم مع البيئة، ومع الطبيعة، ومع المناخ والطقس، والظروف المختلفة الأخرى".

عوامل وأسباب

ويرى الكاتب والصحفي بدر العتيبي أن هناك عوامل عدة ساهمت في انتشار السيارات الصينية في دول الخليج، أهمها هو ميزة السعر المنخفض مقارنة مع نظيرتها اليابانية أو الكورية، مما يجذب العملاء الباحثين عن الاقتصاد والتوفير.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن من "أسباب الانتشار أيضاً هو تصاميم السيارات الصينية، التي حدثت الاتجاهات في التصاميم والتكنولوجيا وخيار المعايير المعمول بها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ ما قلل من تخوفات العملاء من هاجس رداءة المنتج الصيني".

ويوضح العتيبي أن "مشتري السيارات الصينية يمكنهم اتباع بعض الخطوات والنصائح، مثل التأكد من أن السيارات تحمل شهادات المطابقة الخليجية، والتي تضمن تطبيقها للمواصفات والمقاييس الخليجية المتعلقة بالسلامة والبيئة، مع مقارنة الأسعار والمواصفات والمزايا في السيارات الصينية المختلفة، بالعلامات التجارية الأخرى، ومن ثم اختيار السيارة التي تناسب احتياجاتهم وميزانيتهم، إلى جانب التعرف على الخدمات الأخرى المختلفة".

ويشير إلى أن "الخبراء يعتبرون أن ما تشهده السيارات الصينية من نمو ملحوظ في السوق الخليجية هو بفضل نجاح العملاق الصيني في تحسين جودة سياراته وتنوعها وتنافسيتها، وخاصة في مجال السيارات الكهربائية والذكية".

كما يؤكد أن "هذا التحول فرصة للتعاون والتكامل بين الصين ودول الخليج في قطاع السيارات، حيث يتوقّع خبراء السوق أن تزيد حصة السيارات الصينية في أسواق الخليج في السنوات المقبلة، في المقابل يعدونه تحدياً للشركات التقليدية التي تحتاج إلى التكيف مع التغييرات السريعة في هذه السوق ومتطلبات المستهلك الخليجي".

صدارة سعودية

تعتبر المملكة العربية السعودية أكبر مستورد للسيارات الصينية في دول الخليج، وتحتل مكاناً بين أكبر 10 مستوردين للسيارات الصينية في العالم.

وبحسب صحيفة "عكاظ" السعودية، فإن السوق السعودية أصبحت ملاذاً مرغوباً لصناع السيارات العالميين عموماً، وصناع السيارات الصينيين بشكل خاص، حيث تُعَد السوق السعودية الأكبر نمواً في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وقد ساهم هذا النمو في زيادة حجم الصفقات المتعلقة بالسيارات الصينية داخل المملكة.

كما تتمتع السيارات الصينية بشعبية واسعة بين المستهلكين في السعودية، ولا سيما بين الشباب، نظراً لجودتها وتكلفتها المناسبة، بالإضافة إلى تصميماتها المبتكرة والفريدة.

وخلال عام 2022، شهدت المملكة العربية السعودية استيراد أكثر من 200 ألف سيارة صينية، وهو رقم يمثل نحو ثلث إجمالي واردات البلاد من السيارات، فيما بلغت نسبة استحواذ السوق السعودية 52.34% من إجمالي مبيعات السيارات الصينية في دول الخليج.

ويزداد الإقبال على السيارات الصينية في المملكة نظراً لمواكبتها الأجواء المناخية السعودية الحارة، ومحافظتها على متطلبات عالية لأداء السلامة، ووجود أنظمة تكييف هواء مناسبة مقارنة مع بقية المركبات المستوردة.

كما ساهم في ذلك أيضاً النمو الكبير في صفقات السيارات الصينية داخل المملكة، حيث بلغ إجماليها نحو 66,882 ألف سيارة خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر خلال عام 2023.

وفي الوقت الحالي، يشهد سوق السيارات في المملكة وجود أكثر من 20 علامة تجارية صينية، وذلك في إطار التوسع السريع والوجود المتزايد لصناعة السيارات الصينية على الصعيد العالمي، حيث تدخل أسواقاً كبيرة.

نمو إمارتي متسارع

كما يشهد سوق السيارات الصينية في الإمارات ارتفاعاً ملحوظاً في حجم المبيعات، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، من بينها تنوع الطرازات وأسعارها الملائمة في الأسواق المحلية.

ويبلغ حجم مبيعات السيارات الصينية الجديدة نحو 5% من إجمالي المبيعات في دولة الإمارات، وذلك وفق صحيفة "الخليج" المحلية.

ومن المتوقع أن يشهد هذا الرقم زيادة مستقبلاً، نظراً للتنافس القوي الذي تشهده العلامات التجارية الصينية فيما يتعلق بالأسعار وتقديم الميزات التي يبحث عنها مشترو السيارات في الإمارات.

وتسعى العلامات التجارية للسيارات الصينية إلى دخول أسواق السيارات الكهربائية والهجينة والرياضية في الإمارات، حيث تشهد هذه الأسواق أعلى معدلات الإقبال على المركبات الكهربائية.

كما تتمتع الإمارات بواحدة من أعلى نسب محطات الشحن الكهربائي للسيارات في العالم، حيث تضم حالياً 325 محطة شحن كهربائية، مع خطط لزيادة هذا العدد بشكل كبير خلال السنوات القادمة.

ومن العوامل الرئيسية التي تزيد من شعبية السيارات الصينية في الإمارات هو تنافسية أسعارها، فقد نجحت شركات صناعة السيارات الصينية في تقديم سيارات بأسعار معقولة دون المساومة على الجودة.

إضافة إلى ذلك، فإن المبادرات التي تتخذها حكومة الإمارات لدعم صناعة السيارات الصينية، مثل تخفيض ضرائب الاستيراد على السيارات الصينية، أصبح يغري المستهلكين للنظر إلى العلامات التجارية الصينية كخيار قابل للتطبيق.