سياسة وأمن » تصريحات

رصيد «الاستحواذات» الإماراتي بعد الحرب على غزة!

في 2024/02/29

القدس العربي- 

أكد تحقيق استقصائي لمنصة «إيكاد» نشر مؤخرا حصول تطورات متسارعة في قاعدة إماراتية في إحدى جزر أرخبيل سقطرى اليمني بعد 7 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، تمثلت ببناء لسان بحري بطول 129 مترا، وظهور مهبط مروحيات شمال المدرج الرئيسي للقاعدة، بحيث بات الموقع قادرا على استيعاب طائرات الشحن العسكري الأمريكي الأكبر، وقاذفات «بي 1» الاستراتيجية (التي نفذت هجمات انتقامية في سوريا والعراق مؤخرا).

ربط التحقيق هذه التطورات في الجزيرة التي تشغل موقعا مميزا مطلا على سواحل اليمن والقرن الإفريقي بخدمة التكامل العسكري الاستراتيجي مع قواعد عسكرية أخرى لقوات أمريكية، مثل قاعدة الريان جنوب اليمن، وأخرى إماراتية مثل قاعدة ميون عند بوابة باب المندب، وقاعدة المخا المطلة على البحر الأحمر، كما ربطها بالصراع الجاري حاليا بين القوات الأمريكية ـ البريطانية والحوثيين، ولم يستبعد أن تكون إسرائيل أحد الأطراف المستفيدة من هذه التطورات، مستندا إلى تقرير لموقع «انتلجنس أونلاين» الفرنسي للإشارة إلى تعاون استخباراتي إماراتي ـ إسرائيلي سابق في الجزيرة لمواجهة الصواريخ والمسيّرات الإيرانية.

تمثّل الواقعة الآنفة جزءا من تحركات استراتيجية إماراتية تفاعلت مع حدث حرب إسرائيل الجارية على الفلسطينيين. أحد هذه التحركات تمثّلت بالهند، التي قام رئيس وزرائها ناريندرا مودي بزيارة جديدة إلى الإمارات (الثالثة خلال 8 أشهر) الشهر الماضي، ورغم أن افتتاح مودي المعبد الهندوسي (الأكبر في الشرق الأوسط) كان الخبر الأبرز ضمن هذه الزيارة، لكن الأهم من ذلك كان الاتفاق الإطاري لتطوير ممر تجاري بحري وسكك حديدية تمتد من الهند عبر بحر العرب إلى الإمارات، وعبر دول الشرق الأوسط، لينتهي في إسرائيل (ومنها إلى أوروبا).

يكتسب هذا الحضور الإسرائيلي في الموضوع الهندي ـ الإماراتي تأكيده من تصريحات وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريغيف، أثناء رحلتها إلى ميناء موندرا في الهند، الذي تخرج منه البضائع إلى إسرائيل مرورا «بعدة دول عربية» والتي قالت فيها إن تل أبيب ترد على الحصار البحري للحوثيين بنقل البضائع من الهند إلى الإمارات مرورا بالسعودية والأردن وصولا إلى إسرائيل.

الضلع الثالث للتحركات الإماراتية توجه نحو مصر وتمثّل بإعلان صفقة «رأس الحكمة» التي تحدثت عن تقديم أبو ظبي 35 مليار دولار إلى القاهرة، مقابل مشروع تبلغ مساحته 170 مليون متر مربع، كما يضم خمس مدن مسكونة أخرى، وبعد حديث رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن «حصر جميع الموجودين على الأرض» استعاد المصريون وقائع مثلث ماسبيرو وجزر الدهب والوراق والقرصاية في القاهرة، كأمثلة على أشكال استباحة الدولة للأراضي المصرية لصالح الرأسمال الإماراتي، وما تبع ذلك من عمليات تهجير واحتجاجات الأهالي عليه.

مجيء الصفقة الإماراتية خلال الحرب على غزة ليس مصادفة محضة، وصرف الأموال (وجزء كبير منها موجود سابقا كوديعة في البنك المركزي المصري) لا يستغل الوضع الاقتصادي المصري الصعب فحسب لفرض «صفقة» جائرة، على الأغلب، وستكون لها تداعيات صعبة على المصريين، ولكنها ستكون أكثر تحكما أيضا بالنفوذ المصري في دول الجوار، وهو ما رأينا انعكاساته مؤخرا في ليبيا والسودان، مع زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إلى طرابلس بعد مكالمة رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة لخصم البرهان، محمد حمدان دقلو.