ثقافة » تربية وتعليم

"وقف الأم".. صندوق إماراتي يحارب الأمية ويؤصل قيم العطاء

في 2024/03/30

كامل جميل - الخليج أونلاين- 

منافع عديدة تحملها حملة "وقف الأم" التي أطلقها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فهي فضلاً عن مساهمتها في دعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم، تدفع إلى تأصيل العطاء وقيمه العليا.

الحملة التي أطلقها حاكم دبي في 4 مارس الجاري تهدف إلى تكريم الأمهات من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم (272 مليون دولار)، لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم، بحسب وكالة أنباء الإمارات "وام".

يأتي إعلان حاكم دبي هذه المبادرة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وامتداداً للعادة السنوية في إطلاق حملة رمضانية إنسانية من شعب الإمارات، وهو ما جعل الحملة تكتسب زخماً متصاعداً في التفاعل معها من جميع فئات المجتمع.

تستهدف حملة وقف الأم، التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، تكريم الأمهات من خلال إتاحة الفرصة لكل شخص للتبرع باسم والدته في وقف الأم، ودعم المجتمعات والأفراد الأقل حظاً بشكل مستدام، من خلال دعم عملية تعليمهم.

كما تسعى الحملة إلى ترسيخ قيم بر الوالدين والمودة والتراحم والتكافل بين أفراد المجتمع، وتعزيز موقع الإمارات في مجال العمل الخيري والإنساني.

ويذهب ريع الوقف لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم ومنحهم الأدوات والمهارات اللازمة لتكوين حياة مستقلة تصون كرامتهم، وتضمن لهم العيش الكريم، وذلك بالشراكة مع عدد من المنظمات والمؤسسات الإنسانية.

الأمين العام لمؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية"، محمد القرقاوي، قال إن حملة "وقف الأم" نجحت في جمع 770 مليون درهم (209 ملايين دولار) خلال أسبوعين؛ عاداً أن ذلك يدل على أن الحملة تسير بثبات لتحقيق مستهدفاتها.

مخاطر الأمية

تعرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) الأمي، بأنه الفرد الذي لا يستطيع مع الفهم قراءة وكتابة جملة قصيرة بسيطة عن حياته اليومية، أو إذا كان يستطيع القراءة ولا يستطيع الكتابة.

تترتب على الأمية مخاطر وتحديات عديدة تؤثر سلباً على الفرد والمجتمع بشكل عام، ومها تحديات اقتصادية؛ فالأشخاص الذين يعانون من الأمية عادةً يواجهون صعوبة في الحصول على فرص عمل جيدة ومدخول مستقر.

وهناك أيضاً التحديات الصحية؛ فالأشخاص الأميين غالباً ما يفتقرون إلى المعرفة اللازمة للعناية بصحتهم وصحة عائلاتهم بشكل فعال، كما قد يتعرض الأشخاص الأميين للتمييز والعزلة الاجتماعية.

وترتبط الأمية بشكل مباشر بتأخر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات، حيث يؤثر قلة التعليم على القدرة على تطوير المهارات والابتكار والمشاركة الفعالة في الاقتصاد، وتزيد الأمية من مخاطر تعرض الأفراد للجهل والتأثيرات السلبية مثل التطرف.

بدورها تؤكد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو"، على ضرورة مواصلة محاربة الأمية محذرة من أخطارها وآثارها السّلبيّة على المجتمعات الإنسانية عامة.

في بيان سابق، أكدت "الألكسو" عزمها على استمرارية التزامها الإنساني وحشد جهودها المستمرّة منذ نصف قرن، بالتنسيق مع الدول العربية، لمقاومة هذه الظاهرة الخطيرة باعتبارها مدخلاً للتخلف وعائقاً للتقدم.

70 مليون أمي وأمية

تؤكد الألكسو أن عدد الأميين في العالم العربي بلغ ما يقارب 70 مليون أمي وأمية من الفئة العمرية 15 عاماً فما فوق وهو ما يمثل نسبة 9.1% من المجموع العالمي.

وأشارت إلى أن مجموع الأطفال والشباب خارج النظم التربوية في الوطن العربي بلغ حوالي 16 مليون طفل وشاب

بحسب ما تذكر الأمم المتحدة لا يزال هناك نحو 763 مليون من الشباب والبالغين في عام 2020 يفتقرون إلى مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية، وغالبيتهم من النساء.

وتلفت إلى أن هناك حوالي 244 مليون طفل ومراهق وشاب من سن 6 إلى 18 سنة ومن كلا الجنسين غير ملتحقين بالمدارس.

وتشير نتائج برنامج التقييم الدولي لكفاءات الكبار (PIAAC)، الذي أجري في عام 2018 في أكثر من 40 بلداً، إلى أن 20% من البالغين (من سن 16 إلى 55 سنة) في القوى العاملة في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لا تحقق الحد الأدنى من الكفاءة في مهارات القراءة والكتابة.

وبحسب "اليونسكو" غالباً ما يكون التعليم أقل توفراً في المناطق الفقيرة.

وتملك النيجر، وغينيا، وجنوب السودان، ومالي، وأفريقيا الوسطى، أعلى معدل أمية في العالم، حيث بلغ معدل الأميين بها 80.9%، 69.5%، 68%، 66.9%، 63.3% على التوالي للأفراد الذين يزيد أعمارهم عن 15 سنة فأكثر من إجمالي السكان.

أثر إيجابي

تأتي حملة "وقف الأم" الإماراتية لتثبت أنها تحمل أهمية كبيرة على مستوى العالم، لما للتعليم من أثر إيجابي كبير على البشرية، فضلاً عن أنها تدعم تماسك الأسرة وتعزز من تماسك المجتمع.

ذلك ما يؤكده العديد من الكتاب الإماراتيين، ومن بينهم الكاتبة علياء حسن الباسي، حيث أشارت في مقال بصحيفة "الخليج" الإماراتية، إلى أن الحملة تجسد العطاء وقيمته الإنسانية العالية، وإنها  تأتي من بين المبادرات والمشاريع الإنسانية والمعرفية والتنموية التي تتبناها الإمارات.

ترى علياء الباسي أن العطاء الذي يتجسد بالحملة "يسهم في رفع القيم الإنسانية، ويعزز من صور التلاحم الوطني والمجتمعي، ويطور من سلوك الأفراد، وينمي مداركهم ومهارات التواصل الفعال لديهم، ويعكس أدوارهم في تحقيق النهضة والتنمية المستدامة".

وتعتقد الباسي أن الحملة، تدفع المجتمع إلى التحلي بالمسؤولية، لافتة إلى أن هذه المسؤولية تهدف إلى "الحفاظ على التماسك الأسري وتنشئة جيل مسؤول، محب للتعايش بتسامح، ومدرك لأهمية التواصل الحضاري والإنساني في كل الظروف، (...) وتسهم في الحد من الظواهر السلبية التي قد تؤثر في استقرار أفراد المجتمع".

بدوره يقول الكاتب علي العمودي في مقال بصحيفة "الاتحاد" الإماراتية، إن حملة "وقف الأم" تعمل على "دعم الأفراد، تعليماً وتأهيلاً، في المجتمعات الأقل حظاً، من خلال دعم العملية التعليمية، ضمن مختلف المستويات الدراسية والمهنية والتأهيلية".

ولذلك فإن الحملة توفر فرصاً مستدامة لتحسين جودة حياة هؤلاء الأفراد، والارتقاء بواقعهم، ويسهم في تمكينهم وإعدادهم لأسواق العمل الحالية والمستقبلية، بحسب العمودي، مضيفاً أن ذلك "ينعكس على تحقيق الاستقرار في مجتمعاتهم وتفعيل عجلة التنمية والتطوير في شتى المجالات، من خلال بناء وتأهيل قوى عاملة منتجة".

العمودي يرى أن الحملة التي تدعو إلى "برّ الوالدين والمودة والتراحم والتكافل بين أفراد المجتمع"، هي أيضاً "تعزز موقع الإمارات في مجال العمل الخيري والإنساني".