دول » الكويت

بعد انتخابات مجلس الأمة.. هل تطوي الكويت صفحة الجمود السياسي؟

في 2024/04/09

كمال صالح - الخليج أونلاين-

مرحلة جديدة تعيشها الكويت، بعد إجراء أول انتخابات لمجلس الأمة في عهد الأمير الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وسط توقعات وآمال بانفراجه في العلاقة بين الحكومة والمجلس.

إرث ثقيل من الخلافات والتباينات مع الحكومة تنتظر المجلس الجديد، وكذلك الحكومة التي يفترض أن تتولى مهمة انتشال البلاد من حالة الجمود الراهنة سياسياً واقتصادياً.

وبالرغم من احتفاظ عدد كبير من النواب السابقين بمناصبهم، فإن ثمة تغيراً في تشكيلة المجلس عقب هذه الانتخابات، فكيف ستلقي بظلالها على المشهد في البلاد؟

تقدم المعارضة

يوم الخميس (4 أبريل)، شهدت الكويت عُرساً ديمقراطياً شارك فيه أكثر من 65% من الناخبين، لانتخاب 50 نائباً في مجلس الأمة، وهي نسبة تجاوزت المشاركة في الانتخابات السابقة.

وأسفرت تلك الانتخابات عن تقدم لافت للمعارضة، حيث فاز الإسلاميون ممثلين بالحركة الدستورية الإسلامية والتيار السلفي بقرابة 13 مقعداً، بينما خسرت حركة الإخوان المسلمين مقعدين في المجلس الجديد.

كما حصل المكون الشيعي في الانتخابات على 8 مقاعد، من إجمالي المقاعد ضمن الدوائر الخمس الموجودة في الكويت.

ومثّل التغيير في شكل مجلس الأمة ما نسبته 22% مقارنة بالمجلس السابق، حيث تضمنت التشكيلة الجديدة دخول 11 نائباً جديداً، مع نائبة وحيدة.

وغير واضح ما إذا كانت هذه التشكيلة الجديدة ستنجح في خلق حالة من الوئام مع الحكومة الجديدة، ولا سيما أن العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، طوال السنوات الماضية، اتسمت بالتباين والخلاف.

ويقود الخلاف المستمر بين مجلس الأمة والحكومة البلاد إلى أزمات سياسية متتالية كبّلت المساعي المبذولة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، إذ كثيراً ما يتسبب ذلك الخلاف بحل المجلس والدعوة لانتخابات.

استقالة الحكومة

وفي أول إجراء عقب انتخابات مجلس الأمة، صدر الأحد (7 أبريل)، أمر أميري بقبول استقالة حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح، على أن تستمر في تصريف مهامها لحين تشكيل الوزارة الجديدة.

وحتى كتابة هذا التقرير كانت المشاورات مستمرة حول تشكيل الحكومة واختيار رئيسها، وسط أنباء عن اعتذار الشيخ محمد صباح السالم، ووجود توجه لتكليف الشيخ أحمد العبد الله الصباح، كما صدر مرسوم أميري بتأجيل الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمة إلى 14 مايو المقبل، بعد مرسوم سابق بانعقاده في 17 أبريل الجاري.

وسبق أن انتقد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مجلس الأمة والحكومة السابقين، متهماً إياهم بالفشل في القيام بالدور المنوط بهم.

مخاوف وتحديات

التعقيدات السياسية التي تعيشها الكويت، وحالة عدم التوافق المزمنة بين الحكومة ومجلس الأمة، تفرض حالة من الترقب وعدم اليقين حول ما إذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد انفراجة حقيقية.

ويرى الأكاديمي والإعلامي الكويتي علي السند أنه من الصعب الجزم بانتهاء حالة الارتباك في المشهد السياسي الكويتي، رغم إيمان العناصر الفاعلة في المجلس والحكومة بضرورة التعاون والتنسيق الذي تلمسوا ثماره في المجلس الماضي، وأسفر عن إقرار عديد من القوانين المهمة في مدة قصيرة.

وأشار السند في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "هناك العديد من المخاوف والتحديات التي تواجه الطرفين، فضلاً عن وجود ملفات مهمة قد تكون سبباً في التصعيد والتصادم"

تحفظ على التعيينات

ونوّه بأن من أبرز التحديات "التشكيل الحكومي وما يتضمنه من عناصر قد تكون سبباً في توتر العلاقة بين السلطتين"، مشيراً إلى أن عدداً من النواب أعلنوا تحفظهم الشديد على عودة وزير الداخلية، بل ذهب أحد النواب إلى أن ذلك سيدفعه إلى تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء بعينه؛ بسبب إعادة تعيينه للوزير الشيخ فهد اليوسف.

واستطرد السند قائلاً: "كما أن ملف تحسين مستوى المعيشة قد يكون أحد أهم الملفات التي ستخلق صداماً بين السلطتين نتيجة تحفظات حكومية على ما يطرحه بعض النواب من زيادات تراها الحكومة عبئاً على ميزانية الدولة، بينما يمثل هذا الموضوع ضغطاً شعبياً على النواب أمام قواعدهم الانتخابية، مما يضطرهم إلى الذهاب إلى السقف الأعلى من المطالبة بالزيادات المالية".

إرث ثقيل

وخلال عام 2023، شهدت الكويت ثلاث انتخابات برلمانية وتشكيل خمس حكومات، الأمر الذي يعكس استفحال المعضلة السياسية التي تعيشها البلاد، لكن تصميم القيادة الكويتية الراهنة يمنح جرعة تفاؤل باحتمالية تغليب المصلحة العامة رغم التباينات.

وتواجه الكويت في هذه المرحلة إرثاً مليئاً بالتحديات يتطلب إصلاحات جادة وتغييرات في البنى والهيكليات، وفقاً للمحلل السياسي الكويتي عصام الطواري، في تصريح سابق لصحيفة "العرب" اللندنية.

من جانبه يقول محمد الثنيان، رئيس مركز "طروس للدراسات"، في تصريح لـ"الجزيرة"، إن التعاون في المجلس القادم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية سيكون أصعب تحدٍّ يواجه المجلس؛ وهذا يحتاج إلى حلحلة الملفات العالقة والبحث عن التوافق في صفوف البرلمان.

ولفت إلى أن على النواب "ألا ينطلقوا في بناء خريطة تشريعية وإلزام الحكومة بها، بل تجب الدعوة لتشكيل حكومة قوية وإلزامها بتقديم برنامج عمل حكومي، على أن يراقب المجلس عمل الحكومة وفقاً لبرنامجها".

تحديات مالية

ولعل أكبر معضلة تواجه الكويت تتمثل في الخلافات المزمنة بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وهو ما جعل البلاد تدخل في حالة من الجمود السياسي، الذي انعكس على اقتصادها، رغم ما تمتلكه من مقومات وثروة ضخمة.

وتواجه البلاد حالة من التضخم في الإنفاق العام، إذ تضمنت مسودة ميزانية 2023 – 2024، أكثر من 86 مليار دولار للإنفاق الحكومي، منها 80% مخصصة لأجور الخدمة والدعم العام.

ويرى الخبير الاقتصادي في شؤون الخليج جاستن ألكسندر، في تصريح لصحيفة "العرب" اللندنية، أن "القرارات التي ستتخذ خلال السنوات القليلة المقبلة لها أهمية حاسمة في تحديد ما إذا كانت الكويت ستسير على درب الازدهار على المدى الطويل".

ويضيف أن ذلك يشمل "اعتماد سياسات مالية واقتصادية تضع البلاد على المسار الصحيح، وتجاوز الخلافات السياسية التي جعلت الكويت غير قادرة على النهل من إمكاناتها في العقود الأخيرة".