اقتصاد » تطوير بنى

خط "دمام - نجف".. محطة جديدة في طريق تقارب السعودية والعراق

في 2024/04/29

كامل جميل - الخليج أونلاين-

تسيير رحلات جوية مباشرة من مدينة الدمام السعودية إلى النجف العراقية، يأتي ليؤكد نمو العلاقات بين البلدين من ناحية، وسعيهما إلى الاستفادة القصوى من هذا النمو في الجانب الاقتصادي.

بحسب ما أعلنته الهيئة العامة للطيران المدني السعودية، الجمعة (26 أبريل الجاري)، سيشهد 1 يونيو القادم، انطلاق أولى الرحلات الجوية المباشرة من الدمام إلى النجف (وسط العراق).

وفق بيان الهيئة السعودية، فهذه الرحلات تأتي إلى جانب أخرى لكل من مدينتي بغداد وأربيل، في إطار تنويع الوجهات داخل العراق، ودعماً لعمليات التنقل بين البلدين.

وأكدت "الطيران المدني" السعودية أن هذه الخطوة تأتي انطلاقاً من الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطيران في المملكة، التي تضاعف الطاقة الاستيعابية من أجل الوصول إلى أكثر من 330 مليون مسافر سنوياً، حيث تهدف إلى الوصول لأكثر من 250 وجهة في العالم.

وفي تأكيد لأهمية الوجهة الجديدة، أعلنت شركة "طيران ناس"، الناقل الجوي السعودي الاقتصادي، في بيان، عزمها إطلاق رحلات مباشرة بين الدمام والنجف في العراق، ابتداءً من شهر يونيو المقبل، بواقع 3 رحلات أسبوعية.

وأوضحت "ناس" التي أصدرت بيانها بعد إعلان الهيئة، أن الحجز على الرحلات سيكون متاحاً على موقع الشركة في القريب العاجل.

مر حلة انتعاش

خط الرحلات الجوية الجديد بين السعودية والعراق يؤيد ما ذهبت إليه سفيرة العراق في الرياض صفية السهيل، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، بأن البلدين اتخذا خطوات متعددة لتعزيز وتعميق العلاقات، خاصة في السنوات الأخيرة.

علاقات البلدين في سنوات سابقة لا يمكن وصفها بالجيدة؛ وذلك على خلفية تهديدات لجماعات مسلحة عراقية للمملكة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، رغم أنها أخذت تسير على طريق العودة عقب سنوات من القطيعة على خلفية غزو الكويت في 1991.

لكن هذه العلاقات تحسنت كثيراً، وبناءً على ما ذكرت السهيل، يمكن تأكيد أن البلدين يعيشان مرحلة انتعاش كبيرة في العلاقات.

تقول السهيل: إن "العراق والسعودية يعملان معاً على تنسيق أمني رفيع، وفي التعاون السياسي عملنا على تنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز الحوار السياسي، واستضافة بغداد لاجتماعات سياسية مهمة".

محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء العراقي، هو أيضاً تحدث عن تطور العلاقات بين بغداد والرياض، وذلك في فبراير الماضي، خلال استقباله لوزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود.

خلال اللقاء رحب السوداني بدخول الشركات السعودية إلى السوق العراقية، معبراً عن تقديره لهذه الخطوة الاقتصادية التي وصفها بالإيجابية. 

تطور العلاقات

شهدت العلاقات العراقية الخليجية تطورات إيجابية ملحوظة منذ تكليف رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي (7 مايو 2020 حتى 13 أكتوبر 2022)، وخلفه محمد السوداني الذي واصل نهج سلفه في توطيد علاقات بغداد مع الخليج.

وعقد العراق، أواخر أغسطس 2021، قمة دول الجوار التي شارك فيها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونائب الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ورئيس وزراء الكويت، في إشارة واضحة إلى الدعم الخليجي للعراق.

وأثمر تطور العلاقات العراقية الخليجية اتفاقيات كبيرة كان عنوانها الأبرز "الاقتصاد والاستثمار"، فضلاً عن إقامة بطولة كأس الخليج "خليجي 25" في مدينة البصرة، خلال يناير الجاري.

ومع السعودية دخلت العلاقات العراقية مرحلة مهمّة بعد افتتاح منفذ بري جديد في عرعر عام 2020، واستئناف الرحلات الجوية اليومية إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة، ومطار الأمير محمد بن عبد العزيز في المدينة المنورة، بهدف تسهيل أداء الزوار والمعتمرين لمناسكهم، إضافة إلى تنشيط الحركة التجارية الجوية وتيسير تنقل رجال الأعمال والمستثمرين.

وسبق أن قال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إن بلاده ستسعى لتعزيز العلاقات المشتركة مع العراق.

تنافس مشروع

الخبير الاقتصادي العراقي د. عبد الرحمن المشهداني، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، يرى أن تسيير رحلات جديدة بين السعودية والعراق يمثل انعكاساً لعلاقات البلدين، التي تسير على طريق التطور الإيجابي.

وبحسب المشهداني فإن التطور الكبير بالعلاقات أخذ يتشكل بدءاً من حكومة الكاظمي، وعززها خلفه السوداني، واصفاً هذه العلاقة بأنها "أصبحت متميزة".

المشهداني يلفت إلى خطوات السعودية الساعية إلى تعزيز مواردها من خلال توسيع شبكات طيرانها حول العالم، لتحجز لها موقعاً منافساً بين نظيراتها في الخليج التي باتت علامة مميزة بين شركات الطيران العالمي، خاصة الخطوط الجوية القطرية، وطيران الإمارات وطيران الاتحاد.

هذه المنافسة المشروعة تفرض على شركات الطيران السعودية "الوصول إلى أكبر عدد ممكن من مدن العالم المختلفة باعتبارها ناقلاً وطنياً يطمح ليصل إلى العالمية، ومن جانب آخر تحقيق الأرباح"، بحسب الخبير الاقتصادي العراقي.

العراق يبلغ عدد نفوس سكانه نحو 45 مليون، وغالبيتهم مسلمون يبحثون بكل تأكيد عن شركات طيران توفر لهم مزايا سفر مغرية لأداء مراسم الحج والعمرة، وهو ما تسعى إلى توفيره شركات الطيران السعودية لجميع المسلمين حول العالم.

وهذا ما يذهب إليه المشهداني الذي يلفت إلى وجود ارتفاع كبير بأعداد المسافرين العراقيين إلى السعودية، معتبراً أن هذه الأعداد تزداد باستمرار، وهو ما يؤدي إلى الحاجة لزيادة شركات الطيران وعدد الطائرات والرحلات.  

يتطرق المشهداني إلى ارتفاع أعداد المسافرين السعوديين أيضاً إلى العراق، الذين دائماً ما تكون سفراتهم هذه في قصد زيارة مزارات دينية تنتشر في عدد من مدن العراق، وهو يشير هنا إلى الشيعة تحديداً.

ولدى العراق عشرات المزارات الدينية التي تضم مراقد شخصيات إسلامية بارزة، خاصة في بغداد والنجف وكربلاء وسامراء.

وفق ذلك، لا يستبعد المشهداني أن يشهد البلدان زيادة في عدد الخطوط المباشرة، ويتوقع أن تكون البصرة وجهة أخرى للطيران السعودي، تضاف إلى النجف وبغداد وأربيل، مجدداً تأكيد أن هذا التطور في النقل الجوي جزء من تطور العلاقات السياسية بين العراق والسعودية.