اقتصاد » تطوير بنى

«العملة المعدنية» السعودية تسجل انحسارًا تاريخيًا وسط تهيؤ لإطلاق الإصدار الثاني

في 2015/08/04

الشرق الأوسط- في وقت تتهيأ فيه السعودية لإطلاق الإصدار الثاني من العملات المعدنية، لا تزال التداول بمبالغ النقود المصنوعة من المعدن مستقرة عند مستوياتها الضعيفة مسجلة انحدارا تاريخيا منذ عشرين عاما حينما بلغ حجم التداول ذروته عند 63.7 مليون ريال مسكوكة من المعدن خلال عام 1994، لتبقى دون مستوى 40 مليون ريال منذ مطلع الألفية الجديدة.

ورغم عدم تحديد وقت لسك الإصدار الجديد، تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول تفعيل التعامل بالنقد المعدني بشكل أوسع، إذ يلفت مختصون اقتصاديون إلى أنها من أسس التداول النقدي حاليا ومستقبلا، في المقابل، يرى فيها البعض عودة إلى الوراء في ظل التقدم التقني والرقمي الملموس في النظام المالي الدولي والمحلي.

وبحسب آخر الإحصائيات الرسمية، تعامل السعوديون بقيمة 33.5 مليون ريال معدني فقط خلال العام الماضي، بزيادة 146.8 ألف ريال فقط مقارنة بعام 2013، فيما سجلت تناميا طفيفا حول هذه المستويات منذ عام 2010 التي تداولت فيه بقيمة 32.4 مليون ريال. ويتضح حجم التعامل بالنقد المعدنية عند مقارنته مع إجمالي النقد المتداول خارج المصارف الذي بلغ خلال عام 2014 ما قوامه 153.7 مليار ريال (40.9 مليار دولار)، مما يكشف حال التعاملات المالية بالمعدن أنها بالغة الضآلة مقابل العملة الورقية.

وشهد الشهر الجاري إفصاح السعودية عن إطلاق إصدار ثان من النقود المعدنية حيث اطلع خادم الحرمين الشريفين على التصاميم الجديدة للأوراق النقدية والإصدار الثاني للعملة المعدنية السعودية. واستعرض الدكتور فهد المبارك ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي التصاميم الجديدة للأوراق النقدية والإصدار الثاني للعملة المعدنية حيث ستشمل صورا لتوسعة الحرم المكي والحرم النبوي، بالإضافة إلى صور لمعالم النهضة السعودية، وأهم الآثار التاريخية للدولة السعودية، كما يحمل الإصدار الجديد أحدث العلامات الأمنية.

ويؤكد الدكتور فهد الحويماني، خبير اقتصادي، أن التوجه العالمي حاليا يذهب إلى تفعيل التقنية في الدفع فأصبح الدفع عبر وسائل الجوال والبصمة والكروت في وقت تتزايد فيه استخدامات «المياكرو - كاش»، مما يبرز أن التعامل بالعملات المعدنية هي عودة للوراء.

ولم ينف الحويماني بعض الفائدة من تفعيل العملة المعدنية على الصعيد التجاري باعتباره حقا للمشتري أو البائع، بيد أن واقع التطورات الحالية على صعيد الأنظمة المالية وطرق الدفع وأساليب الشراء بحضور التقنية قلبت المعادلة، كما أن الرغبة في عدم حمل النقود المعدنية في الجيب لثقل وزنها، هي السائدة في انطباع السعوديين وهو ما يدعو لاعتبارها عاملا ثقافيا في التعامل النقدي.

وزاد الحويماني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الاعتبارات غير الاقتصادية تقف إحدى العقبات في وجه تفعيل المعدن، إذ إن الكثيرين لا يستعيدون بقية حسابهم من العملة المعدنية حال شرائهم حاجياتهم أو الاستعاضة عنها بقطع من الحلوى الرخيصة أو الشوكولاته أو العلكة أو المحارم، مما يسخر الاستفادة من عوائدها على عدد محدود من مصنعي بعض السلع.

في المقابل، يرى راشد الفوزان وهو الكاتب الاقتصادي أن تداولات العملة المعدنية خارج السعودية ذات أهمية وحضور وقيمة تداول يومية ملموسة، مرجعا غياب التعامل بها في السعودية إلى سببين، الأول التضخم السعري وآخر يكمن في ذات فئة العملة للمعدنية.

وطرح الفوزان تساؤلا مؤخرا حول العملة المعدنية هل هي ترف وعبء «وزني»، كما يصف، مفيدا أن ذلك يعتمد على توجه سياسة «مؤسسة النقد»، حيث إن رغبت برفع قيمة العملة المعدنية للتداول كأقل تلف من الورقية وربما أقل كلفة من الورق، فعليها هنا أن تعيد النظر في الفئات النقدية للعملة المعدنية.

واقترح الفوزان في طرحه أن يكون هناك فئة ريالين وخمسة ريالات معدنية، لخلق قيمة حقيقية لها للتداول في البيع وتصبح واقعا ملموسا، مشيرا إلى أن كثيرا من السلع تقيم بين الريال والخمسة ريالات في المشتريات اليومية من غذاء أو مشروبات، بالإضافة إلى أهمية أيضا تعديل العملة الورقية وأن يضاف فئة (ألف ريال) وبقاء الفئات الأخرى.

وكانت السعودية تحركا عمليا على أرض الواقع حينما أطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2013 عبر وزارة التجارة والصناعة، حملة واسعة تحت اسم «خذ الباقي» يستهدف إلزام المحال التجارية بتوفير جميع العملات المعدنية في خطوة تعرف المستهلك بحقه في أخذ المتبقي لثمن السلعة من أجزاء الريال (العملات المعدنية) عند شراء السلع.

ويأتي قيام «التجارة والصناعة» بهذه المبادرة لتوعية المستهلك بحقه في أخذ المتبقي من العملات المعدنية عند دفعه مبلغ شراء السلع، مؤكدة مخالفة الممارسات التي تقوم بها بعض المنشآت التجارية حاليًا والمتمثلة في تبديل المتبقي من ثمن السلعة من العملات المعدنية بسلع أخرى رخيصة، مثل العلكة والمناديل الورقية، والمياه الصحية، وغيرها من السلع التي قد لا يرغب فيها المستهلك، حيث يمثل هذا السلوك إلزام المستهلك بشراء مواد إضافية، بدلاً من الحصول على حقه المتبقي من المال.

وتعمل جمعية حماية المستهلك على تقديم الأفكار التي تعزيز التعامل بالعملة المعدنية وإعلاء قيمة استخدامها، منها: تعميم ثقافة استخدام الهللات من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومن خلال المؤسسات الإعلامية والشبكات الاجتماعية مع التأكيد على أهمية القيام بحملات توعوية بأهمية العملة المعدنية باعتبارها أحد المكونات الوطنية