اقتصاد » فساد

للصحافة دور أكبر

في 2015/08/19

عقيل ميرزا- الوسط- إن أسوأ صحافة هي التي تتحدث عن نفسها، وتجمل نفسها، وتمتدح نفسها، وليس لديها شغل إلا وضع المساحيق على وجهها، لتظهر بصورة زاهية، وهو عند علماء النفس سلوك اعتاد عليه من يرون في أنفسهم نقصاً، ويرون في دورهم فراغاً، فيهرعون لسده بحديث الأنا الذي يزيد من زعزعة ثقة القارئ.

إن أكثر آفة يمكن أن تصيب الكيان الصحافي في المجتمعات النامية هي أن يلقي الصحافيون أقلامهم، ويحملون عوضاً عنها فؤوساً لضرب زملائهم في المهنة ذاتها، ولا يعد لهم شغل شاغل سوى فتح جبهات الصراع في منافسة لا تمت للنزاهة والموضوعية بصلة.

بيئة الفساد، أكثر ما تحتاج لكي تنتفخ حتى التخمة، هو انشغال المصلحين بأنفسهم، في كر وفر، فأي دور وطني يمكن أن تقوم به الصحافة وهي لا شغل لها إلا تقطيع أوصالها بيدها، فهل هي المنافسة التي تصل بالجسم الصحافي إلى خنق نفسه بيده؟!

الصحافيون الذين قدموا خدمة لأوطانهم هم أولئك الذين كانوا ينظرون إلى دورهم كمصلحين ولم يحملوا في أيديهم غير أقلامهم المهنية التي أعانت أنظمتهم على تخطي الصعاب، أما أولئك الذين كانت أقلامهم عصياً للتأليب على زملائهم فأولئك ليسوا إلا منافسين استغلوا الفرص لمنافسة لا تتناسب مع دور الصحافة الذي يخدم الحكومة والشعب في الانتصار للإصلاح وملاحقة الفساد.

يمكنك أن تتفهم سلوك بائع بطيخ وهو يرمي بطيخة على زميله في زحمة السوق إذا اشتد أوار المنافسة بينهما، ولكنك لن تتفهم أن يتقاذف الصحافيون الاتهامات والسباب أحياناً والتحريض على بعضهم بعضاً ليس لأنهم أفضل من بائع البطيخ، ولكن لأن دورهم تنوير المجتمع، وإصلاحه، وترشيده، فالصحافة مهنة مقدسة لأنها تنشد العدل والإصلاح.