مجتمع » تعايش

باب ما جاء في مسلسل (تكافؤ النسب)!!

في 2015/08/27

علي بطيح العمري- اليوم- قضايا عدم تكافؤ النسب تشبه المسلسلات يختلف الناس حول «القصة»، وحبكة الدراما، الفارق الوحيد أن التكافؤ على الواقع، والمسلسلات خلف الشاشات.. حفلت الأيام الماضية بقضية جديدة حول تكافؤ النسب، فبحسب هاشتاق تويتري فقد اعترض وجهاء وأعيان إحدى القبائل على زواج فتاة من قبيلتهم بشاب من قبيلة أخرى بحجة عدم تكافؤ نسبها مع نسبه، وأظهر البعض رفضهم لهذا الزواج، ووصل بالبعض إلى التهديد والمطالبة برفع السلاح!!.

إن مسلسل تكافؤ النسب وما يصحبه من «اقتتال» مؤشر على تفشي العنصرية، ففي الوقت الذي تتقدم فيه الأمم وتتسابق حضارياً، لا تزال عندنا عادات الأموات تتحكم في الأحياء، فالتعصب القبلي عادة جاهلية وصفه الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقوله: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب...الخ.

الاعتزاز بالأصل والقبيلة أمر طبيعي، لكن غير الطبيعي أن يجعلك متعصباً وعنصرياً تنتقص من الآخرين بالنظر إلى أصولهم وجنسياتهم، فقذف الناس وسبهم من الموبقات، فهم في النهاية لم يختاروا أصولهم وقبائلهم ومناطقهم.

في الإسلام قد يكون صاحب النسب الرفيع لا يساوي عند الله جناح بعوضة، وقد يكون من هو في رأي الناس وضيع النسب ممن لو أقسم على الله لأبره، والمقياس عند الله هي الأعمال الصالحة «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، والله تعالى لا ينظر إلى صور الناس وأنسابهم، بل ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم.

وقد تحدث الفقهاء عن شرط «تكافؤ النسب» في الزواج، فذهب بعضهم إلى أنه شرط لصحة الزواج، والإمام مالك بن أنس يرى أنه لا اعتبار بالنسب في الزواج، وآخرون ذهبوا إلى أن «تكافؤ النسب» حق للزوجة والأولياء. وفي بداية الإسلام لم تكن هذه المسألة ظاهرة كاليوم، فقد تزوج زيد بن حارثة - من الموالي - بزينب بنت جحش وهي قرشية، وتزوج بلال بن رباح بأخت عبدالرحمن بن عوف القرشية.

وهنا لفتة مهمة وهي أن اعتبار الكفاءة في النسب ليس مبناه عند علمائنا أن الشريعة تعتبر التفرقة بين الناس بسبب العنصر والعرق والحالة الاجتماعية، وإنما لأن الطبقية أحيانا في بعض المجتمعات صارت أمراً مفروضاً يصعب تغييره برأي فقيه أو توصية مؤتمر، ولهذا بنى الفقهاء هذه الأحكام لما يترتب عليها من مصالح ومفاسد.

خلاصة الكلام أن التعصب القبلي ممقوت بأي شكل كان، والناس لآدم وآدم من تراب، فلا فضل لأحد على أحد، وحل هذه القضية يكون بنشر الوعي، وبتدخل الدولة في المشكلات التي تنتج عن زواجات «تكافؤ النسب»، وفي المناطق التي ما زالت تتفاخر بالأنساب والأحساب على الرجل – وكذا المرأة - أن لا يغامر بمشروع زواجه لما يترتب عليه من مشكلات وآثار قد تتمدد وتتطور لتنال من الزوجين وأولادهما وأهلهما، وكما قال الشافعي: وفي الناس أبدال وفي الترك راحة!