علاقات » اميركي

ماذا سنقول لهم؟

في 2015/09/09

فاطمة عثمان البكر- القبس-

عندما اتصلت السفيرة الأميركية السابقة في الكويت - بنا - أكثر من مرَّة قبل مغادرتها وانتهاء فترة مهامها في الكويت تطلب المساهمة منا في كتابة كتابها «ماذا قالت لي جدتي»، قلت لها إنني أقدر هذه المبادرة، ولكن ما قالت لنا جدتنا من أمثال ووصايا ونصائح كلها مرتبطة ونابعة من عمق ذلك الزمن الذي نطلق عليه اليوم «الزمن الجميل» بكل ما شابه من متاعب ومشقات، ولكن يزخم بالمثل والمبادئ، والأمثال العفوية التي تترجم واقع مجتمع يعيش بتلك العفوية، ولم تكن الأمور والمشاكل إذا قيست بها اليوم تصبح كذرات رمال تطايرت في الهواء.

والمعروف كما نعلم أنها تكون تلك المبادرة بمنزلة تسجيل وتوثيق لتلك المرحلة والتي كوّنت وجدان وفكر وشخصية الأفراد الروحي، النفسي، وحتى المادي، وأكثر ما تقع أو تظهر تلك الملامح كمثل - المرأة - لأنها هي التي تحمل، وهي الواجهة، وهي المدرسة الأولى في تربية الأبناء، قلت لها: قالت لنا وكنا وكان.. ولكن مجال بحثها هو مركز الدراسات للتراث والمهتمين بهذا الشأن.. وكنت على وشك السفر، وأنا في الطائرة فكرت كثيراً في هذا الأمر، يتعدى إلى أمور أكبر وخبايا أكثر، «فالشخصية التي تكونت في تلك المرحلة» هي شخصية اليوم بكل ملامحها وتصرفاتها، فهذا إرث غني وكبير لمراكز الدراسات والجهات البحثية!

أما نحن، نتاج وإفرازات تلك المرحلة، فماذا سنقول اليوم للجيل الجديد؟ الأمور تغيرت، والأحوال تبدلت، ومرحلة من عمر الزمان تعادل بأحداثها وتقلباتها «زمن بحاله» ولن نقول لهم فهم سوف يقولون لنا ما يحدث تسجيلاً بالصوت والصورة والمواقع بتواريخها، كل ذلك بفضل تلك الثورة التكنولوجية المذهلة، ووسائل الإعلام والاتصالات السريعة، لن نقول لهم بل هم سيخبرونا بما يجري أولاً فأول، ساعة بساعة، دقيقة بدقيقة، يشاهدون بالصوت والصورة تلك الأحداث، وتلك التقلبات، والكوارث، والمآسي، والتغيرات الكبرى في عالمنا اليوم على كل الأصعدة، حتى الهواء والمناخ، كلها معروضة عرضاً مذهلاً وكأننا اليوم نعيش على فوهة بركان... الطبيعة الغاضبة، وشلالات الدماء، والموت بالمجان... يشاهدون، يسمعون، يراقبون، ونحن نسافر إلى حيث المرابع الجميلة والشلالات الحقيقية... وسجّل يا تاريخ ما شاء لك الهوى أن تسجل!