سياسة وأمن » دراسات سياسية

الحل السوري بين السعودية والإمارات

في 2015/09/17

فرانس تي في & بلاست نيوز-

في الآونة الأخيرة، تواتر الحديث عن مساعي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وشهدت عواصم إقليمية وعالمية نشاطًا ملحوظًا لبحث ذلك الأمر خلال الشهرين الأخيرين، وكان للسعودية والإمارات الدور الأبرز في ذلك الحراك السياسي.

ونشر موقع "بلاستينج نيوز" بنسخته الفرنسية تقريرًا تحت عنوان "تحالف إقليمي بقيادة الإمارات لحل الأزمة السورية"، قال فيه إن الإمارات تقود تحالفًا يشارك فيه النظام المصري والأردني ويحظى بتأييد روسي وإيراني، من أجل الترويج لحل سياسي في سوريا يتضمن الإبقاء على نظام بشار الأسد في الحكم.

وأشار التقرير إلى أنه في إطار هذا التحالف قام ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، بتنظيم زيارة إلى موسكو بصحبة العاهل الأردني عبد الله الثاني والمصري عبد الفتاح السيسي، وعرضوا تفاصيل هذا الحل خلال لقائهم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في غياب السعودية.

وتهدف الإمارات من خلال ذلك التحالف إلى حشد رأي عام دولي يعمل على التوصل لحل سياسي في سوريا، يتضمن بقاء بشار الأسد في السلطة، وطرح أجندة سياسية للمنطقة تحاول فرضها على السعودية وحلفائها الآخرين، وتسمح لإيران بالظهور من جديد للحصول على مكاسب ونفوذ أوسع.

وتزامنت الزيارة الثلاثية إلى روسيا مع تصريحات إعلامية مثيرة للأسد، كشف خلالها عن علاقته الوثيقة بنظام السيسي في مصر أمنيًا وعسكريًا، وشدد الأسد على أنه يقف مع السيسي في خندق واحد وفي معركة واحدة ضد من وصفهم بالإرهابيين.

لكن هذه الدول، مصر والإمارات والأردن، ما زالت حتى الآن لم تعلن عن موقفها الداعم لبقاء الأسد بشكل صريح، خشية استفزاز السعودية التي تعاظم دورها الإقليمي في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل "غرق" نظام السيسي في مستنقع أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، وحاجة السيسي الملحة للمساعدات المالية والاستثمارية السعودية لاستمرار نظامه، الذي وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري دموي.

غير أن مخططات هذا التحالف الذي تقوده الإمارات لا تتوقف عند هذا الحد، حيث تعمل بقوة أيضًا على فرض رؤيتها في التعامل مع باقي قضايا المنطقة، ومن بينها ملف اليمن حيث أصبحت الإمارات لاعبًا رئيسيًا فيها.

 

الرياض ترفض

ولذلك فإن رد السعودية على المحاولات الإماراتية جاء سريعًا على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، بعد يوم واحد فقط من زيارات الدول الثلاث إلى روسيا، حين جدد التأكيد على أنه "لا مساومة على بقاء الأسد"، مغلقًا الباب أمام محاولات الأطراف التي زارت موسكو.

وزير الخارجية السعودي لم يكتف بحسم موقف المملكة من القضية السورية برفض الإبقاء على الأسد، لكنه أكد أيضًا على أن حل الأزمة في اليمن لا بد أن يمر عبر تطبيق القرار الأممي 2216، ليقطع الطريق على محاولات الإمارات وحلفائها الدفع باتجاه حل سياسي يقضي بتقسيم اليمن إلى دولتين.

 

الحل السعودي

أما الرؤية السعودية لحل الأزمة السورية فتعتمد على خيار أساسي، وهو إبعاد بشار الأسد عن المشهد السوري بأي طريقة كانت، وعدم القبول به كجزء من أي حل للأزمة، وأصرت الرياض على ذلك الموقف طوال السنوات الأربع الماضية، وأنفقت في سبيله مليارات الدولارات.

موقع "فرانس تي في" تناول وجهة النظر السعودية هذه، ونقل عن يومية "الجمهورية" اللبنانية، أن الرياض من الممكن أن تقبل حلًا يتضمن إبعاد بشار الأسد ورموز نظامه إلى دولة أخرى مثل الجزائر.

وأفادت الصحيفة أن الزيارات المتعددة التي قامت بها وفود سعودية إلى روسيا أسهمت بشكل كبير في تحسين العلاقات بين الجانبين، وعقد صفقات اقتصادية بأكثر من عشرة مليارات دولار، الأمر الذي آثار مخاوف إيران من قيام روسيا بتغيير سياستها تجاه سوريا.

وحسب مصادر الصحيفة، فإن الرؤية السعودية تتمثل في طرح مشروع متكامل لحل الأزمة السورية، يبدأ بتشكيل هيئة انتقالية بدون بشار الأسد، وتضم ممثلين عن الأطياف السورية، مؤكدة أن مشروع الحل مبني على قاعدة تفاهم سعودي روسي أمريكي سعيًا لإنتاج وثيقة لحل الأزمة تسمى "جنيف 3"، بمشاركة جزء من النظام والمعارضة.

وأكدت الصحيفة أن روسيا أبدت موافقتها على السير في هذا الطريق بعد تعهد الولايات المتحدة بضمان خروج آمن للأسد وفريقه من السلطة، إلى بلد مستعد لاستقبالهم، ومن هذه البلدان الجزائر أو عمان أو إيران.

وفي هذا الإطار يربط البعض زيارة رئيس المخابرات السورية اللواء علي المملوك، إلى الرياض بترتيب روسيا، خاصة بعدما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن روسيا وإيران باتتا تدركان أن الرياح لا تميل لصالح بشار الأسد.

أيضًا فإن زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المفاجئة للجزائر، والتقائه بعدد من المسؤولين الجزائريين بداية سبتمبر الجاري، من المرجح أنها تأتي أيضًا في إطار التحضيرات المستمرة لإخراج حل مقبول للأزمة السورية ومخرج آمن للأسد.

هذه التحركات الدبلوماسية المكثفة تعد مؤشرًا على أن جهودًا استثنائية تبذل حاليًا، من كافة الأطراف للخروج بحل يعلن عنه خلال مؤتمر "جنيف 3"، الذي سيعقد على الأرجح خلال شهر سبتمبر الجاري، على وقع التنسيق السعودي الأمريكي الروسي الذي يبحث عن حل لأزمة سوريا، التي باتت قاب قوسين أو دنى من الوقوع تحت سيطرة الحركات المسلحة بشكل كامل.