مجتمع » شؤون المرأة

للمرأة العربية خصوصيتها

في 2015/09/18

رندة صادق - عمان اليوم-

متلازمة المرأة والاضطهاد الاجتماعي لا تهدأ وتيرتها، واجتهد في تحليلها وتبسيط أسبابها علماء الدين والدنيا، وكثيرا ما ردوا تلك الأسباب الى عقد نقص في تركيبة المجتمع عامة، وفي تركيبة المرأة النفسية، خاصة أنها تشكو من سيطرة الذكور على القرارات الأساسية في حياتها، وأن يكن بنسب متفاوتة بحسب المجتمعات ودرجة انفتاحها والقوانين الوضعية التي تهتم بالعدالة الإنسانية.

غالبا المرأة العربية، أكثر وقوعا في فخ هذا الاضطهاد، لأن المجتمعات العربية ترغب في حماية المرأة وعدم تعريضها لقسوة التعامل في الحياة العملية، وما قد تواجهه من صعوبات في العمل، وفي الحياة عامة وخاصة في حياتها الأسرية، فقد تعجز عن الجمع بين مهام أمومتها ومهامها كامرأة عاملة، ورغم خروجها الى سوق العمل ومنافسة الرجل بكثير من المجالات وتفوقها عليه في بعض الأحيان، إلا أنّها غير راضية عن النتائج التي وصلت إليها، وما زالت تصر على طرح فكرة أنها كائن مضطهد، ومن المطبات التقييمية التي تقع فيها المرأة، مقاربتها للمرأة الغربية والنظر إليها كنموذج حضاري أكثر منها، انطلاقا من أن المجتمعات الغربية تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، قد يظن البعض، أن هذا الكلام يحمل اتهاما للمجتمعات العربية أو نقدا لها، ولكن الحقيقة إن أدركنا خصوصية كل مجتمع، وتعاملنا مع وعيه الفكري وارتباطه بموروثاته، كنا ابتعدنا عن المقارنات المطلقة، فكلّ المجتمعات لديها مشاكل تقوم على هذا الصراع بين الرجل والمرأة، الذي يتمظهر بأشكال منها الضيقة الصامتة، ومنها الواسعة الصاخبة، في المحافل الدولية وفي الحركات النسائية التي تناصر قضايا المرأة والتي تقوم هنا وهناك، خاصة أن الاتفاقات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان تشدد على ضرورة التعامل مع المرأة كإنسان، وليس كجنس.

فما الذي تريده المرأة العربية حقا؟ هل ترغب في حكم المجتمع، أم أن تشارك في حكمه، أم أن تتعاون مع شريكها الرجل لبناء المجتمع؟ هذا بالتأكيد ما عليها أن تحدده، أي ماذا تريد؟ خاصة أن الظلم والاضطهاد واقع معاش في بعض المجتمعات للرجل والمرأة، لكن من الملاحظ أن المرأة أدمنت الشكوى وباتت تعيش حالة من التذمر الدائم. ربما لو اقتنعت المرأة العربية بميزاتها البيئية وخصوصيتها في مجتمع يستمد فكره ويعالج قضاياه من العقيدة الإسلامية، التي اهتمت بتنظيم العلاقة الثنائية، ووضعت لها الأطر الشرعية، كانت صنعت لنفسها مكانة غير مقلدة تقليدا أعمى عن المرأة الغربية، واستطاعت أن تعالج قضاياها بحكمة أكبر تتوافق مع بيئتها وموروثاتها، فليس المطلوب الخروج عن المجتمع، بحجة التطوير وهدمه وقيادة حرب إلغائية على قوانينه، بل المطلوب التعامل معه بعقلانية ووعي كي لا يُدمر المجتمع بأكمله نتيجة تهور المرأة من جهة، وعدم فهم الرجل لدوره الداعم لها من جهة أخرى، فمعظم هذه العلاقات التصادمية بينهما، تأتي نتيجة الفهم المختلف لمفاهيم الحياة الواحدة. رغبة المرأة مشروعة في التطور والتقدم واكتساب الحقوق والامتيازات في المجتمع، وفي سوق العمل، وقد أثبتت نفسها بمجالات كثيرة، ولكن عليها أن لا تغفل نقطة مهمة، أننا مجتمعات أسرية، تقوم على التكافل الأسري. فالأسرة هي الخلية الأولى في تكوين المجتمعات، ومما لا شك أن نجاحها زاحم أمومتها وقد أثر على دورها في كونها عمود أساسي في بناء الأسرة. المرأة اليوم بحاجة الى إعادة تموضع يقوم على ترتيب أولوياتها، لأننا لا نريد أن نهد مجتمعاتنا بسبب وقوعها في فخ إحساسها بالاضطهاد والتقليد الأعمى للمرأة الغربية، وجموح رغبتها في السيطرة والقيادة لا المشاركة والتكامل.