السلطة » خلافات سياسية

حكومتنا تغرق !

في 2015/09/23

د. وائل الحساوي- الرأي-
عندما انتقدنا المعارضة الكويتية وبيّنا فساد موقفهم من المشاركة في الانتخابات وبالتالي اصلاح الخلل في البلد، اعتقد البعض بأننا نزكي الحكومة وننزهها من الاخطاء، وذلك من الخطأ الكبير فالحكومة - لو احسنا بها الظن - لقلنا بأنها تفقد ارادة الاصلاح، فمثلها كمثل الذي احترق بيته وأحاطت به النيران، ثم لم يجد إلا احضار دلو ماء ليصبه على الحريق المنتشر!

إن تجار الفساد قد أدركوا ضعف الحكومة وتقاعسها عن التصدي لهم فراحوا ينهبون البلد من دون رحمة ومظاهر النهب واضحة:

أولا: تنفيع شركات وافراد في جميع المناقصات والمشاريع الضخمة حتى عندما يثبت فشلهم المتكرر وعدم حرصهم على المال العام بحجة انهم الوحيدون المؤهلون لإنجاز المشاريع و«محد يفهم غيرهم» والمشكلة انهم لا يحاسبهم احد على الفشل المتكرر وتكبيد المال العام خسائر مليارية!

لقد شاهدنا كيف بادرت السعودية الى إيقاف أكبر شركة في البلاد وسحب مشروع الحرم الشريف منها عندما وقع خطأ سقوط الرافعة في الحرم الشريف ومقتل المصلين وتشكيل لجنة للتحقيق في الموضوع فهل يحدث مثل ذلك في الكويت؟! لا اعتقد، فهؤلاء الكبار هم من يملكون البلد ولا احد يحاسبهم على ما يفعلون!

ثانيا: تغلغل أبناء الأسرة الحاكمة في جميع مرافق الدولة واستحواذهم على نصيب الاسد فيها، بل لا تكاد تجد مشروعا حكوميا إلا ولأحد ابناء الاسرة نصيب فيه، والمشكلة هي ان احدا لا يحاسبهم على تجاوزاتهم - على الرغم من ان الدستور لا يعطيهم اي حصانة - وقد وصل هذا التغلغل الى درجة افساد الرياضة وتشويه صورة الكويت في الخارج وآخرها محاولة إيقاف «خليجي 23» بالرغم من امتعاض الشعب الكويتي جميعه من ذلك، واصراره على تنظيم الفعالية!

وإذا كان ما ذكرته جريدة «الراي» عن دور بعض ابناء الاسرة في «خلية العبدلي» صحيحا فإن تلك تعتبر مأساة ولابد للسلطة ان تتخذ موقفا حازما، فالكويت خط احمر ولا نسمح لكائن من كان بتهديد امنها او العبث بسيادتها!

ثالثا: الفوضى العارمة التي نشاهدها في جميع مرافق البلد لا شك ان مصدرها هو الحكومة، ويكفي ان يصل عدد الوافدين الى ثلاثة ملايين في بلد لا يتجاوز عدد مواطنيه 1.3 مليون نسمة، فما حاجتنا الى مثل هذا العدد من الوافدين؟ وحتى لو كانت هنالك حاجة فكيف تتسع الشوارع الى ذلك العدد المهول من السيارات والمستشفيات الى ذلك العدد من المرضى؟! وهل تمت محاسبة متنفذ واحد ممن يتكسبون من وراء بيع الاقامات وإغراق الكويت بتلك العمالة السائبة؟!

ولماذا يتوعد الوزراء بكشف اسماء التجار المتلاعبين بالاقامات في كل مناسبة ثم لا تجد اسما واحدا يتم نشره.

رابعا: ان الهجمة الشرسة التي تمارسها قوات الامن على المغردين وتحويلهم للنيابة كان يمكن ان تكون من ضمن وضع حد للفوضى في البلد لو كان هنالك اجراءات رادعة ضد المفسدين، ولكن في ظل تلك الفوضى العارمة التي تتفاقم يوميا فإن الشعب يرى في اولئك المغردين متنفسه الوحيد لمحاربة الفساد، فهو يرى الحكومة تتفنن في محاربة من يشير باصبعه الى الحرامية بينما الحرامية طلقاء يفعلون ما يشاؤون؟!

خامسا: نحن بحاجة الى تغيير شامل في نهج الحكومة اذا كانت حقا تسعى لإصلاح البلد، فلم تعد تلك الابر المخدرة التي تروج لها الحكومة لمحاربة الفساد تقنع احدا في البلد، ونخشى ان يتم اتخاذ اجراءات قاتلة فيظل العجز الحقيقي في الميزانية والسطو على مكتسبات الشعب! ان نداءنا للمعارضة الكويتية بترك المقاطعة والدخول الى الحلبة من اجل إصلاح ما يمكن إصلاحه يعتبر من أوجب الواجبات حتى لا يغرق بنا المركب جميعا!