سياسة وأمن » دراسات سياسية

التصدي للحملة الإعلامية المغرضة

في 2015/10/05

سعود بن هاشم جليدان-

تتعرض المملكة وبشكل لافت للنظر لحملة إعلامية مغرضة وخبيثة، تهدف إلى الإساءة إليها، وذلك من خلال منظومة دجل مضللة تستخدم عدة أساليب تتضمن بث واختلاق أخبار كاذبة، وتشويه سياساتها، وإنكار محاسنها ودعمها المحتاجين والأشقاء والفقراء حول العالم، وتجاهل إنجازاتها والتقليل منها وحتى إبرازها بشكل سلبي قدر الإمكان. ويأتي إنكار مساعدة المملكة للشعب السوري المنكوب من عدة مصادر غربية وشرقية، ضمن موجة الأكاذيب التي يرددها بعض الساسة ووسائل الإعلام الغربية والمغرضة. وسبق لي مشاهدة جزء من المحاورة التي بثتها شبكة CNN بين المرشحين الجمهوريين للرئاسة في الولايات المتحدة قبل أسبوعين أو ثلاثة، والتي تناول جزء منها سياسات أمريكا بخصوص منطقتنا وسورية بالتحديد. وأظهرت المناظرة جهل معظم المشاركين بمجريات الأحداث في المنطقة، وتعمد بعضهم الكذب حول قضاياها لأغراض سياسية انتخابية. ومن ضمن الأكاذيب التي سيقت ولفقت ادعاء أحد المشاركين في المناظرة، أن المملكة لم تستقبل ولا حتى لاجئا سوريا واحدا، بل وافتراؤه أن المملكة تدعم الإرهاب. ويردد المغرضون هذه الادعاءات في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة. وادعاء عدم استقبال المملكة أي لاجئ كذب صريح وجهل أو تجاهل بحقائق الأمور، أما ادعاؤه أنها تدعم الإرهاب فهو ادعاء وقح ومغرض، يهدف إلى تجييش الرأي العام ضد المملكة وحمل العالم على معاداة المملكة. وهذا أمر خطير لا يمكن السكوت عليه، بل ويجب التصدي له بكافة الوسائل المادية والقانونية الممكنة. ويمكن رفع قضايا قانونية ضد مدعي وملفقي الأكاذيب حول المملكة في البلدان التي يتمتع فيها القضاء بالنزاهة والاستقلالية. وتهدف هذه الافتراءات إلى الإضرار بأمن المملكة والإساءة المتعمدة إلى سمعتها. ويقوم عديد من الجهات الإعلامية الموجهة والمنظمات السياسية وبعض الساسة والصحافيين والكتاب المأجورين بحملات ضد المملكة. ويمكن أن يمثل رفع قضايا ضد هذه الجهات والأفراد في بلدانهم رادعا لباقي الأفاقين والكذبة، حتى لو لم تكسب بعض القضايا.

ويتطلب التصدي لحملة الأكاذيب ضد المملكة أن يوجه مزيد من الجهود الإعلامية إلى الرأي العام الغربي والشرقي، لإيضاح الحقائق حول المملكة وسياساتها وأهدافها. وتوجه معظم جهودنا الإعلامية في الوقت الحالي إلى الداخل والمنطقة المحيطة بنا. ويتطلب التصدي لهذه الحملة بذل مزيد من الجهود الإعلامية في العالمين الغربي والشرقي أو داخل مجتمعات الدول والمنظمات التي تتجنى على المملكة. ويوجد عديد من شبكات التلفزة التي تتصف بالتوازن في القضايا العالمية وتحظى باحترام وتقدير كثير من سكان العالم مثل شبكة CNN، أو عديد من الصحف العالمية والمواقع على شبكة الإنترنت. ويمكن التعاون مع المؤسسات الإعلامية المتزنة من خلال بث عديد من الإعلانات أو البرامج المدفوعة خلال هذه الشبكات لتوضيح سياسة المملكة والحقائق حولها، خصوصا عند بث نشرات الأخبار التي قد تتضمن بعض الاتهامات للمملكة. كما يمكن لعديد من الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية والخاصة التعاون مع هذه المصادر من خلال الترحيب بمراسليها وإعداد الإجابات الشفافة والشافية للتساؤلات حول المملكة وسياساتها.

وينبغي ألا تترك مسؤولية التصدي لحملة الأكاذيب للجهات الحكومية فقط، والتي يتصف معظمها بدرجة كبيرة من البيروقراطية والبطء وانخفاض الاحترافية، بل يجب أن يشارك القطاع الخاص، خصوصا الشركات الكبيرة في التصدي للحملات الإعلامية التي تتعرض لها المملكة. ويمكن لهذه الشركات أن تبث مزيدا من الإعلانات عن أنشطتها التجارية والصناعية في وسائل الإعلام المحايدة والمحترمة والواسعة الانتشار، حيث يمكن من خلالها بث رسائل وتضمين وإيضاح الحقائق عن المملكة وإنجازاتها وسياساتها. كما يمكن لحملات جمع التبرعات للأعمال الخيرية أن تستخدم وسائل الإعلام المحايدة لإيضاح أنشطتها، أو زيادة المشاركة في حملات التبرعات التي تقوم بها. ويتحمل الكتاب والمثقفون والسعوديون المقيمون في الخارج كطلاب أو عاملين أو دبلوماسيين، وكذلك السياح الزائرون للدول الأجنبية مسؤولية المساهمة في إيضاح مواقف المملكة والدفاع عن مواقفها من خلال التواصل المباشر أو النشر في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الأجنبية، وكذلك ترك انطباع جيد عن المملكة وسكانها من خلال التعامل اللبق والحضاري مع الآخرين. إن الحملة الخبيثة التي تتعرض لها المملكة تتطلب تكاتف الجميع والتصدي لها بجميع الوسائل الممكنة، فأمن وسلامة هذه البلاد ليس مسؤولية الجهات الرسمية فقط، بل إن جميع سكان هذه البلاد والمحبين لها حول العالم ـــ وهم كثر ـــ يشاركون في تحملها.