سياسة وأمن » دراسات سياسية

الشرور بالمنطقة ولعنة الوهم حول الدور الأميركي

في 2015/10/09

رأي الوطن العمانية-

في الوقت الذي تتكشف فيه أوراق سجل الدور الأميركي في المنطقة بدعم الإرهاب ورعايته بقوة حقيقة التدخل الروسي وواقعيته، لا يزال هناك من تطارده لعنة الوهم بأن الأميركي هو مخلِّص المنطقة من شرورها وليس منتجها وداعمها، رغم أن هذه الأوراق تتقلب أمام ناظريه وقد خطت أسطرها اليد الصهيو ـ أميركية بدماء شعوب المنطقة، في حين لا تزال ثمة أوراق كثيرة في السجل الأميركي بانتظار أن تُملأ أسطرها باللون الأحمر القاني العربي.

من جديد ما تكشفه الضربات العسكرية الروسية الموجهة إلى فلول الإرهاب وعصاباته التي تربت وترعرعت تحت وصاية الاستراتيجية الأميركية، وتحت مظلة التحالف الأميركي الستيني، إعلان وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن الولايات المتحدة لن تتعاون مع روسيا في محاربتها الإرهاب، طالما أنها تتبع ما وصفها بـ”استراتيجية خاطئة” في سوريا. بينما أعرب وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو أثناء اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد وزارة الدفاع الروسية للاتفاق على وثيقة حول التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، بالإضافة إلى ذلك تمنع الدول الأعضاء في الحلف الستيني بقيادة واشنطن التعاون مع روسيا الاتحادية والتجاوب مع مطالبها بتقديم معلومات حول أهداف يمكن استهدافها من أجل العمل بصورة أكثر فاعلية. وبدلًا من ذلك راحت الولايات المتحدة بمنظومة تحالفها الستيني تنسج الدعايات الإعلامية وأساليب التحريض والتشويه بأن الضربات الروسية لم تستهدف تنظيم “داعش” الإرهابي، وإنما تستهدف المدنيين وإرهابيي “المعارضة المعتدلة” التابعين للسي آي إيه والموساد وعملائهما؛ ولذلك ما قاله وزير الدفاع الأميركي آنفًا لا يخرج عن هذا السياق الساعي إلى ستر عورات العلاقة العضوية القائمة بين التحالف الستيني وفلول الإرهاب وعصاباته، ما يشي بحجم أثر الألم الناتج عن ضياع مشروع صهيو ـ أميركي ـ غربي ـ إقليمي، أريد أن يرتكز على تلك الفلول والعصابات الإرهابية، وبالتالي ضياع أهم عناصر الابتزاز والتحايل الصهيوني الأميركي الغربي لدول المنطقة أو بالأحرى الدول الغنية تحت طائلة الدفاع عنها وحمايتها من خطر الإرهاب، أو تحت طائلة التبعية والولاء بأن تتولى عملية ضخ التمويل اللازم في الاتجاهين، اتجاه تمويل الإرهاب، واتجاه محاربته، في ثنائية عبثية مقيتة، تدلل على ما وصل إليه بعض العقول من مستوى التفكير، وكذلك على مدى استحكام التبعية والولاء لأعداء الأمة والخنوع لابتزازاتهم. فالضربات الروسية وتدمير مراكز الإرهاب في سوريا دمرت معها خطط الابتزاز والاحتيال المحددة بين خمس إلى ثلاثين سنة.

إذًا، من الواضح أن التحالف الستيني بقيادة الولايات المتحدة لا يريد أي دور لروسيا في الأزمة السورية؛ لأن النجاح الروسي في تقويض الإرهاب وضرب بنيته التحتية التي بناها التحالف الستيني، لن يلقي فقط الضوء وبصورة أكبر على الكذب الغربي بمحاربة الإرهاب، وعلى الدور الغربي في تعميق الأزمة السورية وإلحاق الكوارث والمآسي بالشعب السوري، وجعله يدفع ثمن هذا الكذب والدجل الغربي حول “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” و”مساعدة الشعب السوري ودعمه حتى تحقيق تطلعاته”، بل سيقلب الموازين لصالح الحل السياسي والتعجيل به، بما يجنب سوريا المزيد من الآثار المدمرة. فالولايات المتحدة تريد إخضاع روسيا وتدخلها العسكري وفق شروطها وقواعد عمل تحالف واشنطن الستيني لتضمن تحييد فاعلية الدور العسكري الروسي.. وهذا هو ما يعلمه الروس جيدًا، وهو ما يعطي موقفهم الحزم والحسم أكثر. ومما لا شك فيه أن ارتفاع حالة الحرد لدى المعسكر الأميركي من التدخل السوري هو أن هذا التدخل أعطى مفاعيله على الأرض لصالح الدولة السورية وجيشها الباسل، ببدء معركة برية واسعة لاستعادة المناطق الخاضعة تحت سيطرة عصابات الإرهاب وتطهيرها، وهذا في الوظيفة والنتيجة يحافظ على سوريا ويصونها مما راهن عليه أعداؤها بتقسيمها إلى كيانات، ويحاولون جاهدين إلى ذلك تارة بدعم الإرهاب وتوحيد عصاباته، وتارة بالدعوة إلى إقامة مناطق عازلة.