اقتصاد » ميزانيات

رأي الاقتصاديين في أزمتنا العميقة

في 2015/10/13

قاسم حسين- الوسط البحرينية-

استضافت جمعية «الوفاق» ندوةً خاصةً عن «الأزمة الاقتصادية» في البحرين، مساء الأحد (11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) شارك فيها كل من الأمين العام للتجمع القومي التقدمي حسن العالي، والنائبين السابقين عبدالنبي سلمان (المنبر التقدمي) وعبدالجليل خليل (الوفاق).

المشاركون اعتمدوا في قراءتهم للوضع الاقتصادي على الأرقام، لتشخيص النفق المعتم الذي بدأنا بدخوله، مع انهيار أسعار النفط. وبدأ المتحدث الأول (سلمان) بالحديث عن الوضع السياسي المأزوم الذي نعيشه، والذي سيزداد إرباكاً مع اشتداد الأزمات في سورية واليمن والعراق. فنحن مازلنا نعتمد بنسبة 90 في المئة على مدخول النفط. وقارب الدين العام مبلغ الـ7 مليارات دينار، ويتوقع أن يصل إلى 10 مليارات في العام 2018، وهو ما سيشكل رقماً خرافياً في تاريخ البحرين كما قال.

الأسوأ أن خدمة الدين ستزداد إلى 300 مليون دولار سنوياً، وستبرز مشاكل أخرى، كالعجز عن التعاطي مع مشكلة البطالة وشحة فرص عمل، وتجميد الرواتب وتقليل الإنفاق على المشاريع العامة كالإسكان والتعليم والصحة. هذا بينما نشهد تناقضاً في الخطاب الرسمي، بين الاعتراف بالاعتماد شبه الكلي على النفط والادعاء بأننا نمتلك أفضل اقتصاد خليجي من ناحية تنوع مصادر الدخل.

زيادة المديونية العامة والعجز في الموازنة في السنوات الماضية غطّته الحكومة بالاقتراض، والآن شرعت في إجراءات لا تلقى قبولاً عاماً، مثل وقف العمل الإضافي في مؤسساتها، ونوبات عمل الأطباء، وهي إجراءات تشير إلى حراجة الوضع. وأشار سلمان إلى أننا مقبلون على فترة صعبة، والحكومة لم تجد غير اللجوء إلى التضييق على المواطن استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، التي أدت إلى فشل الدول التي طبقتها سابقاً، ودفعت أثمانها الشعوب، حيث لم يكن من بينها التوصية بفرض الضرائب على الشركات الأجنبية على سبيل المثال، وبالتالي يتم استهداف الفئات الضعيفة اقتصادياً والفقراء، والتخبط بإجراءات من قبيل رفع السن التقاعدي إلى 65. وطالب بفرض ضرائب على الشركات الأجنبية كما فعلت الكويت، والتي فرضت أيضاً زيادة رسوم المرور على الأجانب فقط.

سلمان الذي كان نائباً نشطاً في برلمان 2002، وتعامل مع ملفات اقتصادية في تلك الدورة، اقترح رفع أسعار الغاز المباع للشركات الكبرى، فهو يحرق مبالغ ضخمة من الموازنة بسبب ذلك الدعم. كما أن محاربة الفساد تعتبر أولوية، لأنه يستنزف أموالاً طائلة من المال العام.

في الورقة الثانية، التي قدّمها حسن العالي، ابتدأ بتعريف «الدولة الريعية»، التي هي نقيض للدولة الديمقراطية الحقيقية، حيث تبلورت في أعقاب الطفرة النفطية بعد حرب 1973. وهي بطبيعتها خصمٌ للديمقراطية وللتنمية المستدامة. ومن نتائجها سيادة مفهوم الدولة الأبوية في الخليج، التي لا تخضع سياساتها لمساءلة مع غياب التمثيل الشعبي. وهي تنفق الكثير من الأموال على تشكيل مجموعات غير مستقلة تكون تابعة للحكومات، وعلى شراء الذمم ومحاولات مصادرة الحريات في الداخل والخارج، وتكريس مفهوم الولاء للسلطة، وإبراز مؤسسات ذات شكل ديمقراطي، لكنها مفرغةٌ من التمثيل الشعبي الحقيقي. وبالمقابل يجري تشويه صورة المعارضة، والشخصيات الوطنية، واتهامها بالخيانة والعمالة وغيرها من نعوت سلبية.

الدولة الريعية لا تؤمن بالحوار الذي يتجه له كل العالم اليوم. وهي لا تحترم حقوق الإنسان، بل تسعى لفرض ما تريد بالقوة. وفي ظل الدولة الريعية يعتمد الاقتصاد على المضاربات والصفقات والمقاولاتية، ما يؤسس الأرضية لانتشار الفساد والطبقات الطفيلية والوصولية، وما يرتبط بها من تجنيس وإغراق الأرض بالعمالة الأجنبية وما يستتبعه من انتشار البطالة والفقر.