مجتمع » حريات وحقوق الانسان

كيف يفكر الروس... بالحرب المقدسة ؟!

في 2015/10/13

عبد العزيز الكندري – الراي الكويتية-

حتى نصل إلى النتائج الصحيحة يجب أن يكون لدينا تحاليل موضوعية للأحداث، بعيداً عن العواطف والأيدولوجيات والتمنيات، ولمعرفة ما أعني ما عليك إلا النظر إلى القنوات العربية ومشاهدة المحللين الذين يخرجون صباح مساء في أي قضية عربية، فتجد تحليلاً ركيكاً غير موضوعي لا ينظر إلى الموضوع بالنظرة الشاملة. ولكن المحلل والخبير الاستراتيجي حريص على إرضاء فئة ومجموعة من الناس، أو يهتم بجيبه أكثر من قضايا أمته المصيرية.

ولعل الأزمة السورية خير مثال وشاهد على ذلك، فمن يقف بجانب النظام السوري يتهم الدول التي تدعم الجيش الحر بأنها هي التي تمول «داعش»، ومن يقف ضد النظام السوري يتهمه بأنه هو الذي أوجد «داعش»، ولا يشترط أن يكون المستفيد هو الفاعل... لأن «داعش» ينشأ في الأماكن التي تفشل فيها الدول بإيجاد الحياة المدنية ومعاملة المواطنين بدرجة واحدة سواسية، فمن عاش في ظل حكم الطاغية صدام ثم شاهد فرق الموت الطائفية لا شك بأن نظرته عن الحياة تختلف عن الذي يعيش في بيئة صالحة سوية.

ومن القضايا الشائكة التي تحتاج إلى وضع المجاهر الفاحصة والكاشفة عليها، إضافة إلى تحليل موضوعي دقيق حتى نصل إلى نتيجة صحيحة هو سبب الدخول الروسي بهذه القوة إلى سورية بعد فشل جميع حلفاء الأسد والمليشيات الطائفية بالدفاع عنه تحت مسميات دينية مقدسة!، وقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن السبب هو أن الروس يحاولون تعزيز مكانتهم في سورية استعداداً للمفاوضات ولمرحلة ما بعد الأسد، خاصة بعد الاتفاق النووي الذي تم بين إيران وأميركا، والاستعداد لأي حل سياسي قادم تكون فيه روسيا ورقة قوية تأخذ ما تريد خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط.

ويقول الدكتور خالد الدخيل في صحيفة «الحياة» عن سبب التدخل الروسي والتصعيد أنه جاء نتيجة ثلاثة عوامل؛ أولها: إدراك القيادة الروسية أن موقف حليفها الرئيس بشار الأسد، يزداد حرجاً مع الوقت. الثابت الذي لا يتغير، أن هذا الرئيس يخسر باستمرار. حتى لو حقق بعض النجاحات، فهي في الغالب نجاحات موقتة.

ثانياً، إن مرور الاتفاق النووي مع إيران في الكونغرس الأميركي قد يغري الرئيس باراك أوباما، بحصاد ثمنه السياسي على الأرض السورية. وهو أمر سيكون على حساب موسكو بقدر ما أنه على حساب طهران، عندئذ سيكون تصعيد الكرملين في هذه الحالة خطوة استباقية لتعزيز قدرات الأسد، وتعزيز الموقف الروسي استعداداً لمثل هذا الاحتمال.

ثالثاً، إن خطوة التصعيد جاءت بعد اجتماع الدوحة الثلاثي بين وزراء خارجية السعودية وأميركا وروسيا، لمناقشة الحل في سورية تحديداً. وجاء بعد زيارة وزير الخارجية السعودي لموسكو بعد ذلك. ثم جاء ثالثاً بعد وصول الوساطة الروسية بين الرياض ودمشق إلى طريق مسدود.

ولكنّ هناك تساؤلاً آخر يجب أن يُطرح وهو هل يفكر الروس بطريقة أخرى أو لديهم خطة بديلة لو فشلت كل المساعي على حماية الأسد، بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها خلال الأيام الماضية، بأن لديهم طموحاً لتقسيم سورية وذلك لحماية كل مصالحهم وانزواء الأسد إلى طائفته العلوية؟، خاصة وأنه مستعد لدفع أي ثمن أو تقديم أي تنازل لمصلحة من يبقيه على كرسي الرئاسة، ولكن هناك معلومات تتحدث عن ملل الطائفة العلوية من حكم الأسد فبدأت بالهجرة إلى أوروبا كذلك بحثاً عن عيشة مختلفة بلا صراعات.

أما الحديث من أن الدخول الروسي هو للحرب على «داعش» فهذا غير صحيح، لأن سبعاً وخمسين هجمة روسية فقط منها اثنتان كانت ضد «داعش» كما ذكرت تركيا وفق معلومات استخباراتية، كما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن 90 في المئة من الهجمات التي تقوم بها روسيا لا تستهدف تنظيم «داعش»، ونفس هذا الكلام قالته وزارة الدفاع الفرنسية. وأما من يقول بأن التدخل الروسي لسحب البساط والملف من إيران فهذه المعلومة غير صحيحة كذلك لأن الترتيبات على الأرض كبيرة.

من الواضح بأن الروس لديهم أكثر من سيناريو وخطة بديلة، وهي حريصة لسحق المعارضة التي تقاتل الرئيس الأسد، وهذا واضح من خلال الضربات، ولكن نحن أمام مشكلة تركت من دون حل لمدة أربع سنوات حتى أصبحت عصية عن الحل. وطريقة دعم الكنيسة الروسية ووصفها بأنها حرب مقدسة كانت غير حصيفة وستحرج النظام الدولي وستمد من عمر الأزمة.