دول » دول مجلس التعاون

دول الخليج تحت حماية القبة الحديدية الإسرائيلية.. كيف أصبح العدو صديقًا؟

في 2015/10/16

شؤون خليجية -

بعد تغلغل وانتشار القواعد الأمريكية العسكرية بكل دول الخليج العربية، لحمايتها من خطر نظام صدام حسين عقب غزو العراق للكويت، الآن تسعى الدول نفسها لشراء قبة حديدية إسرائيلية من دولة الاحتلال الصهيوني بوساطة أمريكية، ضد فزاعة جديدة هي إيران وأطماعها التوسعية في المنطقة.. فهل تحمي قواعد أمريكا وقبة إسرائيل الأمن القومي الخليجي؟، أم ستجعل دول الخليج بين شقي رحى أو كماشة، وتصبح في قبضة أمريكا وإسرائيل؟

وهل يفسر هذا التحرك على أنه كارثة أمن قومي جديدة بتطوير التعاون العسكري الخليجي الإسرائيلي بهذا العمق والقوة والحساسية، حيث تنكشف أسرار الدول العسكرية للشركات المصدرة للسلاح، لأنها تعرف كيفية تشغيلها وتعطيلها وصيانتها ونقاط الضعف فيها، وكيفية السيطرة عليها ومواجهتها، إلى جانب اضطرار الدولة المستوردة للاستعانة بخبراء من هذه الدول للأمور الفنية الخاصة بطرق التركيب والتشغيل، ما يجعل الدولة المستوردة مكشوفة وعارية أحيانًا بحكم صفقات السلاح، فهل تضحي دول الخليج بحصانتها وأمنها من ناحية تل أبيب العدو الاستراتيجي الأول للأمة العربية، لكي تعزز قدراتها الدفاعية في مواجهة طهران؟

ويرى مراقبون، أن طلب القبة الحديدية من إسرائيل، جاء تحت وطأة الاحتلال الروسي لسوريا، وتشكيل تحالف عسكري بحري وجوي جديد يتمثل في "موسكو- طهران– بشار الأسد" وتطوير إيران أسلحة بالستية جديدة، وبمنطق براجماتي "عدو عدوي صديق" فإن الخليج وإسرائيل يخشون تطوير قدرات إيران التسليحية وأذرعها العسكرية ووكلاءها بالمنطقة، عقب توقيع الاتفاق النووي وتمريره بالكونجرس الأمريكي وبالبرلمان الإيراني، وعقب قيام موسكو بإطلاق صواريخ بسوريا من سفنها ببحر قزوين في استعراض للقوة، مع تهديدات قادة الحرس الثوري الإيراني وقادة القوات البحرية في طهران بذريعة حادث منى.

لكن المثير للقلق أن طهران وتل أبيب ليسوا أعداء وبينهما تقارب ومصالح متصاعدة، ولا يوجد ما يضمن ولاء تل أبيب للخليج وتفضيله عليها، وقد تكون الفزاعة الإيرانية هي مصيدة وفخ جديد ينصبه الحلف الصهيو أمريكي للخليج، الذي التقت مصالحه مع الحلف الصهيو مجوسي الصفوي الإيراني حول تفتيت وتفكيك دولها وجيوشها، واستنزاف أموالها في صفقات سلاح وحروب ووقف عجلة التنمية فيها، خاصة مع انهيار أسعار النفط وانخفاض الميزانيات والاحتياطي النقدي.

ومن المتوقع أن تسبب هذه الصفقة العسكرية إن تمت بين دول الخليج وتل أبيب حرجًا شديدًا، وردة فعل غاضبة من شعوبها، لأنها تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث يمارس الاحتلال الإسرائيلي العربدة والقتل اليومي، ومحاولات تقسيم المسجد الأقصى وتهويد القدس والانتهاكات ضد الضفة وغزة، التي أدت لمقتل 33 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 1300 مصاب حتى الآن.

الخليج تحت حماية القبة الحديدة الإسرائيلية

قالت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، اليوم الخميس: "إن البحرين ودول خليجية أخرى لم تسمها تجري مفاوضات لشراء منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية بوساطة شركات أمريكية"، مضيفة أن "الصفقة تقدر بعشرات وربما مئات بل مليارات الدولارات"، وفق تعبيرها. وبحسب القناة، فإن هذه المحادثات التي تأتي بدافع التخوف من التهديد المتصور من إيران، من شأنها أن تؤدي إلى طفرة في الأرباح بالنسبة للشركات الأمريكية والإسرائيلية.

 وأشارت إلى "أن بيع الأسلحة المتقدمة الإسرائيلية لدول الخليج كان مثيرًا للجدل لكل من الإسرائيليين والمشترين قبل بضع سنوات، ولكن التهديدات الرئيسة المتمثلة بطموحات إيران العسكرية المتنامية دفعت دول الخليج وإسرائيل إلى تجاهل المعيقات، والحرج من مثل هكذا صفقات".

فزاعة حلف "موسكو- طهران" 

هل يكون الحلف "الروسي – الإيراني" الفزاعة والغطاء، حيث تعكس هذه المحادثات وفق "فوكس نيوز"، "مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي من التهديد الإيراني المتزايد، لاسيما بعد أن يتم رفع العقوبات"، مضيفة أن "هذه المخاوف تعمقت أكثر من خلال التحالف المتنامي بين طهران وموسكو".

وأشارت إلى أن "هناك مخاوف من أن يشهد (الهلال الشيعي من خلال النفوذ الروسي انتشارًا في أنحاء الشرق الأوسط، ما قد يدفع ببعض دول الخليج إلى التواصل سرًا مع إسرائيل) بخصوص شراء المنظومات العسكرية من خلال وساطة شركات أمريكية".

 ونقلت القناة الأمريكية، عن وزير خارجية البحرين قوله: "إن إيران على الأرجح سوف تطور إمكاناتها الصاروخية العسكرية بعد التوصل إلى اتفاقية مع السداسية بشأن البرنامج النووي".

وأشارت "فوكس نيوز" إلى أن المنظومة الإسرائيلية سترسل إلى الدول صاحبة الشأن عبر شركة  "رايثان"، وهي أكبر مزود للمؤسسات العسكرية في الولايات المتحدة، وعبر شركات أمريكية أخرى كانت عملت بالاشتراك مع شركة "رايثان" الإسرائيلية في تطوير "القبة الحديدية" للحماية من ترسانة غزة الصاروخية، وحزب الله اللبناني. وادعت أن هذه الدول تنوي الحصول على منظومة الدرع الصاروخية الإسرائيلية "مقلاع داوود"، والمنظومة المضادة للصواريخ من طراز "سهم 1" و"سهم 2".

بمئات المليارات

في سياق متصل، اهتمت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس الأربعاء، بحديث وزير الخارجية البحريني "خالد بن محمد آل خليفة" في لقاء مع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، عن أن دول الخليج تجري حاليًا محادثات في مراحل متقدمة مع إسرائيل لشراء منظومة القبة الحديدية الدفاعية الصاروخية، للدفاع عن أنفسهم ضد إيران.

وتوقعت القناة السابعة الإسرائيلية "عاروتس شيفع" أن تكلف تلك المنظومة دول مجلس التعاون الخليجي إذا شاركت جميعها في شرائها، مئات المليارات من الدولارات.

وتحدثت عن أن تلك المبيعات إذا تمت الموافقة عليها فستصل إلى دول الخليج عبر وسطاء وشركات أمريكية، مشيرة إلى أن الصفقة قد تشمل كذلك شراء أنظمة أخرى مضادة للصواريخ البالستية العابرة للقارات مثل "آرو1" و"آرو2" و"ديفيدز سلينج"، لإسقاط الصواريخ بعيدة المدى.

وذكرت أن العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل كانت متوترة، إلا أن الاتفاق النووي الإيراني والتخوف من امتلاك طهران للسلاح النووي وحد مصالحهم الدفاعية، كذلك أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنها ليست المرة الأولى التي يناقش فيها اتفاق كهذا، فخلال السنوات القليلة الماضية، حاولت دول خليجية شراء "القبة الحديدية"، لكن حدث خلاف بينهم وبين تل أبيب، إلا أن هذه المرة وجدت دول الخليج وتل أبيب عدوًا مشتركًا وهو إيران.

الأمر نفسه أكدته صحيفة "التايمز" البريطانية اليوم، ونقلت أن وزير الخارجية البحريني خالد بن محمد آل خليفة، قال: "تحاول إيران إضعاف حكومات منطقتنا والإطاحة بها منذ سنين طويلة". وقال في زيارة له إلى لندن: "الإسرائيليون لديهم قبتهم الحديدية الصغيرة، وستكون لنا واحدة ولكن أكبر". وأشارت إلى أنه كشف عن أن دول مجلس التعاون الخليجي، البحرين والإمارات والسعودية وقطر وعُمان والكويت، تجري مفاوضات مع شركات إسرائيلية، من خلال الولايات المتحدة.

تهديدات الصواريخ الإيرانية والروسية

فزاعة إيران الصاروخية تتصاعد، واعتبرت واشنطن، الثلاثاء الماضي، إطلاق إيران لصواريخ بالستية تجريبية، "خرقاً لقرارات الأمم المتحدة التي تحرم عليها ذلك". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، "بالنسبة للتجارب الصاروخية التي شاهدناها خلال عطلة نهاية الأسبوع (في إيران)، فنحن لدينا مؤشرات قوية أن تلك التجارب انتهكت قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالأنشطة الصاروخية لإيران. 

الصواريخ الروسية تهدد أيضًا، حيث نشر موقع "فان" الروسي مقالًا حول استعمال روسيا صواريخ كروز في ضرب داعش، وقال إن استعمال هذه الصواريخ هو رسالة موجهة إلى السعودية وتركيا وقطر.

ونقلت جريدة "فان" في 10 أكتوبر الجاري، الدهشة التي سيطرت على خبراء السلاح حول أسباب ونوايا لجوء استعمال البحرية الروسية 26 صاروخًا من قطع حربية في بحر قزوين من مسافة 1500 كلم، لضرب البنيات التحتية لتنظيم الدولة "داعش" في سوريا. بينما كان بإمكان المقاتلات الروسية ضرب هذه الأهداف البسيطة لأنها ليست تحصينات كبيرة وضخمة.

فهل تضطر دول الخليج للتحالف مع الشيطان وتل أبيب لحماية نفسها من الصواريخ الروسية الإيرانية وحلف "موسكو – طهران"، وما الثمن المتوقع أن تدفعه سياسيًا وعسكريًا وأخلاقيًا؟

أوروبا تقاطع والخليج يتقرب

بينما يقبل الفلسطينيون على هبة جديدة وانتفاضة ثالثة تحتاج ظهيرًا عربيًا وإسلاميًا بحراك جدي في مجلس الأمن، وبالضغط على واشنطن لكبح تل أبيب، تتوسط دول الخليج لأمريكا، ولكن لتمرير صفقات سلاح مع إسرائيل، مفارقة بل ورطة ومعضلة كبيرة قد تنطوي على تنازلات تتعلق بالموقف العربي ضد المحتل، خاصة أن دول الاتحاد الأوروبي نجحت في تفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد إسرائيل، أما الخليج فمقبل على صفقة عسكرية بمئات المليارات تتدفق على الخزينة الإسرائيلية لاستكمال سياسات القتل والتهجير القسري للفلسطينيين.

 وكان تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية، قد حذر في 8 يوليو 2015، من أن مقاطعة دول الاتحاد الأوروبي الشاملة للبضائع الإسرائيلية، قد تكبد إسرائيل خسارة تصل إلى 88 مليار شيكل (أي نحو 23.3 مليار دولار أمريكي) من حجم صادراتها 40.4 مليار شيكل من إجمالي الناتج المحلى، فضلًا عن خسارة ما يقرب من 36.500 فرصة عمل. وبطء معدلات النمو الاقتصادي داخل إسرائيل وانخفاض مستوى المعيشة، ومزيد من العجز في ميزان المعاملات التجارية.

وقالت صحيفة معاريف العبرية في أغسطس 2014، إن 80 مصنعًا إسرائيليًا متخصصًا في إنتاج الحليب والألبان، مهددة بالإغلاق بشكل نهائي الشهر المقبل، بسبب قرار أوروبي، بمنع استيراد أية منتجات للألبان مصدرها المستوطنات الإسرائيلية.

وقدر خبراء وباحثون في الشأن الإسرائيلي أن تتجاوز الخسائر السنوية لإسرائيل بسبب المقاطعة الأوروبية لها ولمستوطناتها، أكثر من 8 مليارات دولار سنويًا، يرافقها فصل قرابة 10 آلاف عامل من إسرائيل والمستوطنات. فهل أوروبا أصدق في مواجهة إسرائيل لصالح الفلسطينيين أكثر من العرب؟