السلطة » خلافات سياسية

(السرقات الذكية).. استنزاف لأرصدة السعودية يدفع ثمنه الشعب بالتقشف

في 2015/10/16

شؤون خليجية -

تعاني المملكة العربية السعودية من أزمات اقتصادية بسبب انخفاض أسعار البترول إلى مستويات كبيرة وصلت إلى ما يقارب 40 دولارًا للبرميل، وسط توتر كبير في المنطقة دفع المملكة لخوض حرب في اليمن ضد الانقلابيين الحوثيين "الشيعة المسلحة"، للدفاع عن أمنها القومي، واتجاهها لزيادة إنفاقها العسكري بسبب سباق التسلح مع إيران عقب الاتفاق النووي، إضافة إلى تحمل المملكة جزءًا من الحرب على الإرهاب وتنظيم "داعش"، وكذلك الحرب في سوريا، كل هذه العوامل دفعت المملكة للسحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي ما يعادل 12 مليار دولار شهريًا، كما سحبت جزءًا من أصولها في الخارج بأكثر من 70 مليار دولار في 6 أشهر.

كما قررت المملكة الاتجاه إلى التقشف، وهو ما وضح في الخطاب الذي تم تسريبه بعنوان "سري للغاية" موجه من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى وزير المالية لاتخاذ بعض التدابير لتقليل المصروفات، وأعقبه تسريب لوثيقة تحمل تعميمًا داخليًا صادرًا عن وزارة الصحة السعودية إلى الدوائر والهيئات والمستشفيات التابعة لها بطلب تقليص النفقات، ويتضمن إجراءات تقشف واسعة.

ورغم ذلك فقد رصد مراقبون وأمراء من داخل الأسرة المالكة، ما يقوم به محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع، من البذخ والإسراف والتبذير، حيث يقوم بالإنفاق في كل الاتجاهات، ويقوم بما وصفوه "بسرقات ذكية"، رغم ما تعانيه المملكة من أزمات يدفع ثمنها الشعب السعودي الذي طالبته السلطة بالتقشف. 

خطابات ملكية بإجراءات تقشفية

تضمنت الإجراءات التقشفية التي جاءت في الخطاب الملكي الموجه لوزارة المالية، "إيقاف اعتمادات بنود وبرامج ومشاريع ميزانية العام المالي الحالي، وإيقاف التعاقد على أي مشاريع جديدة، وإيقاف شراء السيارات والأثاث والتجهيزات لأي غرض من الأغراض، وإيقاف التعيين والترقيات على كافة السلالم الوظيفية والبنود، وإيقاف صرف تعويضات نزع الملكية، وفك الارتباط للعقارات التي لا يوجد ضرورة حتمية لنزع ملكيتها".

كما شملت التوجيه بعدم إبرام أي عقود استئجار جديدة، وفك ارتباط استئجار المباني التي سبق الإعلان عنها، ولا يتجاوز الصرف من اعتمادات البنود والمشاريع خلال الربع الرابع "25 %" من الاعتماد الأصلي المرصود في الميزانية.

وفيما يتعلق بنفقات "المكافآت والمصاريف السفرية والنقل الشخصي"، فأكدت الرسالة على ألا يزيد الصرف على "10 %" من الاعتماد الأصلي المرصود لها في الميزانية، وتسريع مدة إجراءات توريد الإيرادات المحصلة من الأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة إلى وزارة المالية، وهي نفسها البنود التي جاءت بالتعميم الذي وجهته وزارة الصحة للهيئات والمؤسسات التابعة لها.

رسائل بين أفراد العائلة تطالب بإيقاف النزيف المالي

استنكرت خطابات ورسائل ملكية تداولها أفراد العائلة المالكة بالسعودية، عبر رسائل "واتس أب"، الوضع المالي للمملكة، وطالبت بإيجاد حل حقيقي لإيقاف النزيف المالي والمراهقة السياسية والمجازفات العسكرية، والإشارة إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والزيادة الهائلة فى الدين العام– وهي الخطابات التي أرسلها من عرف نفسه بأنه أحد أحفاد الملك عبد العزيز.

وتعالى الحديث عن الأوضاع الكارثية المتوقعة للاقتصاد السعودي، والإنذار بدخوله مرحلة "الخطر"، في ظل تزايد نفقات التسليح العسكري لحماية الأمن القومي، ودخول المملكة في حرب ضد جماعة الحوثي "الشيعية المسلحة" في اليمن، ومحاربتها الإرهاب في الداخل، ومشاركتها مع التحالف الدولي المحارب لداعش.

ما سبق الإشارة إليه هي وقائع تعيشها المملكة السعودية، ولم يكن الحديث بشأنها هو وليد اللحظة، ولكنه فرض نفسه بحكم الإعلان عن مساعي لاتخاذ إجراءات تقشفية على المواطنين والهيئات الحكومية، يقابلها بذخ ومصروفات للأمراء في غير محلها.

قصر بـ300 مليون ريال لزوجة "بن سلمان"

تحدث المغرد السعودي "مجتهد" عن تلاعب الأمير محمد بن سلمان بأموال الوطن بشرائه قبل فترة، لزوجته الجديدة على حساب المالية قصرا بقيمة ٣٠٠ مليون ريال في حي النخيل في الرياض، وهو القصر الذي يملكه عبدالله بن مشبب (صديق سلطان بن عبدالعزيز) وقيمته لا تزيد عى ١٥٠ مليونًا، لكن "بن سلمان" أراد أن يكافئ "بن مشبب" على خدمته أيام سلطان.

وأضاف "مجتهد" في تغريدات عبر حسابه على موقع "تويتر": "نعم يشتري بن سلمان لزوجته قصرًا بـ ٣٠٠ مليون ريال، ويزيد السعر للضعف مكافأة لصديق قديم، في الوقت الذي يفرض على الوطن سلسلة إجراءات تقشفية قاسية"، موضحًا أن من السرقات الذكية لـ(بن سلمان) شراء أملاك الدولة، التي أعلن عن بيعها قبل أسابيع بأسعار زهيدة، وذلك بالتنسيق مع وزير البلديات والعدل والمالية".

وأشار إلى أن وسائل الإعلام حاولت إظهار القرار كوسيلة لتقوية الميزانية بعد هبوط أسعار النفط، لكن الحقيقة هي استثمار "بن سلمان" لسلطته في الاستيلاء عليها، لافتًا إلى أن أهم شخص في تسهيل المهمة ليس البلدية ولا المالية بل وزير العدل، لأن تفاصيل كتابة الصكوك أصعب من إجراءات البلدية وتحويل الأموال للمالية.

وتابع "مجتهد": "لذلك لم يكن اختيار وليد الصمعاني وزيرًا للعدل عبثًا"، متسائلًا: "من يمكن أن يرتب هذه الصكوك أفضل من المحامي السابق لشركات بن سلمان ومستشاره الشرعي؟".

وقال: "معروف إن الصمعاني كان محامي محمد بن سلمان الشخصي ووكيله الشرعي، رغم وظيفته ذات الصفة القضائية، لكن عند بن سلمان النظام تحت الأقدام".

ولفت "مجتهد" إلى صدور قرار بتجمد خدمات الضمان الاجتماعي ورواتب الضمان إلى أجل غير مسمى، مشيرًا إلى أن مجموع ميزانية الضمان أقل من المصروفات المرتبطة بابن سلمان، وذكر أن جزءًا كبيرًا من ميزانية الضمان مصدره الزكاة من مصلحة الزكاة والدخل، موضحًا أن تجميد الضمان يعني أنها سوف تصرف في غير المصارف الشرعية.

خطة للاستيلاء على مشروع (مترو الرياض)

وسبق أن تحدث "مجتهد" عن خطة (بن سلمان) للاستيلاء على مشروع (مترو الرياض)، حيث عقب على خبر مناقشة هيئة تطوير الرياض خفض الإنفاق على مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام في العاصمة السعودية (مترو الرياض) وتأجيله، مؤكدًا أن تأجيل مشاريع المترو ليست تقشفًا، بل خطة لـ"محمد بن سلمان"- وزير الدفاع وولي ولي العهد- أن يدفع الشركات المحلية للخسارة فتنسحب، ثم يبعث المشروع من جديد تحت مظلة شركاته.

وأشار إلى أن الشركات المحلية المساهمة في المشروع كمظلة للشركات العالمية تابعة لأميرين، لكنه تحفظ على ذكر أسمائهما، لافتًا إلى أنهما أقل فسادًا من غيرهما. وأوضح أن "بن سلمان" يريد أن "يطفش" الأميرين بالتجميد والتأجيل وتعطيل الدفعات، حتى يقتنعوا بالانسحاب ثم يقفز بشركاته بعد تضخيم التكاليف، قائلًا: "بمعنى أن 84 مليار ريال تصير 200 مليار بسهولة، منها 120 مليار ريال لمحمد بن سلمان".

40  مليون ريال يوميًا تكلفة رحلة "سلمان" لفرنسا

ما سبق ذكره هي نماذج لبذخ الأمير الصغير "محمد بن سلمان"، وليست رصدًا كاملًا لما تناولته وسائل الإعلام وما ينشره النشطاء مؤكدين أن هذه المصروفات يتكفل بها الديوان الملكي، ليعيدنا ذلك للإشارة إلى رحلة الملك سلمان بن عبد العزيز التي قضاها بفرنسا في يونيو الماضي، والتي لاقت استنكارًا فرنسيًا واسعًا بسبب كم الرفاهية التي يتمتع بها الملك.

فيما ذهب فريق إلى أن المظاهر ليس مبالغ فيها كون الملك سلمان على رأس أغنى العائلات الملكية  في العالم، حيث تقع فيلته في منطقة فالاوريس بين صخور الريفيرا في فرنسا، وتمتد لمئات الأمتار على شريط ساحلي خلاب المنظر.

وعلى أثر الزيارة، كشف "مجتهد" أن التكلفة اليومية لعطلة الملك سلمان وحاشيته بلغت 40 مليون ريال سعودي من دخل المملكة، مطالبًا بتسجيل ذلك ضمن إنجازات العهد السلماني، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي تم سحب 400 مليار ريال من احتياطي المملكة، موضحًا أن "التكلفة اليومية تتضمن أرضية الطائرات وحركتها وطاقمها والفنادق والسيارات والهواتف والشرهات والخدمات الصحية والفنية".

وقال "مجتهد": "فقط من أجل أن يثبت أنه أكثر بطرًا من عبدالعزيز بن فهد، قرر محمد بن سلمان أن يجعل رحلة والده لفرنسا أكثر بذخًا من كل الملوك السابقين، وخاصة فهد"، مشيرًا إلى أن "الوفد يشتمل على 700 مرافق هذا غير الموظفين من داخل فرنسا، ما بين حارس وسائق ومرشد ومترجم وطبيب وممرض وفني وعلاقات عامة وإعلاميين.. إلخ".