دول » البحرين

اختراق المعزين

في 2015/10/19

فريد أحمد حسن- الوطن البحرينية-

في الليلة نفسها التي قام فيها عشريني بالاعتداء على حسينية في سيهات بالرصاص وقتل خمسة وجرح ضعفهم قبل أن يرديه رجال الأمن قتيلاً تم الاعتداء على مجموعة من الأفراد كانوا يقفون خارج حسينية في إحدى مناطق إيران فقتل اثنان وجرح آخرون. مسألة يصعب استيعابها وفهمها، ذلك أن من حقك أن تختلف مع الآخر لكن ليس من حقك أن تضع حداً لحياته. وإذا كانت صيغة الخبر عما حدث في إيران يفهم منها احتمال أن العملية كانت بسبب خلافات شخصية فإن الأكيد هو أن ما قام به ذلك العشريني لم يكن لمثل تلك الأسباب، الأمر الذي يفتح الباب على مسألة خطيرة يرفض كل عاقل أن تجد لها مرتعاً في دول مجلس التعاون التي تعيش الاستقرار دائماً ويعرف أهلها بالتسامح.

لكل فهمه وأفكاره التي يؤمن بها لكن ليس من حق أحد اللجوء إلى هذا الأسلوب المتخلف لفرض أفكاره عليه وتغييرها، ومحاسبة العباد شأن إلهي بحت. الله سبحانه وتعالى هو من يجازي كل فرد على أفعاله، فهو العالم بما في النفوس، وهو القادر على التغيير والهداية.

هذا باب خطير افتتحه آخرون قبل هذا وذاك، وأدى إلى ارتكاب جرائم قتل مصلين في العديد من المساجد، في دول مجلس التعاون، وهم يعبدون الله سبحانه وتعالى، بعضها تم في شهر الصوم، وأدى إلى ارتكاب جرائم أخرى هنا وهناك، وقد حان الوقت ليس فقط لوضع حد لهذه الجرائم، وإنما لاجتثاثها فهي غريبة علينا وأجنبية، وهو الدور المنوط بوزارات الداخلية بدول المجلس والتي تبذل دونما شك كل الجهود لتحقيق هذا الهدف.

التجمعات تتوفر في كل بلداننا، ولكل مجموعة أياً كان دينها ومذهبها مناسبات تفرض على المنتمين إليها التجمع في أماكن عامة، فهل يعقل أن يكون الجميع صيداً سهلاً لكل من يختلف مع المنتمين إلى هذه المجموعات؟ وهل يعقل أن تكون لغة الرصاص هي لغة التفاهم مع من نختلف معه؟

ما حدث في سيهات جعل الناس هنا يضعون أيديهم على قلوبهم ويشكرون الله سبحانه وتعالى على أن أمراً كهذا لم يحدث في اليوم الماضي، لكنهم يظلون قلقين ويسألون الله أن يحفظهم ويحفظ الوطن من شر مماثل وحماقة في الأيام التالية يرتكبها آخرون يعتقدون أنهم بمثل هذه الأفعال ينتصرون للدين ويضمنون لأنفسهم الجنة.

ما حدث في سيهات ضاعف من مسؤولية رجال الأمن في البحرين تحديداً حيث يتواجد الكثيرون وعلى مدى أسبوعين في نهار وليل عاشوراء مشاركين أو مشاهدين، والأكيد أن وزارة الداخلية لن تألو جهداً كي يشعر الجميع بالاطمئنان وتمر هذه الأيام على خير كما مرت في الأعوام السابقة، لكن هذا بالتأكيد لا يكفي إن لم يردف جهد الداخلية بتعاون الجمهور وعدم تدخله في شأن الأمن وبالتنسيق معه في كل شيء، فمن دون رجال الأمن يمكن أن يحدث الكثير مما يتخوف منه، ومن دون التعاون معهم ومساعدتهم على تسهيل مهامهم يمكن أن يتعرض الجميع للخطر.

أيضاً من المهم عدم السماح لأولئك الذين تعودوا استغلال أيام عاشوراء لأغراضهم السياسية، ومنعهم من كل محاولة يقومون بها في هذا الخصوص، لأنهم ببساطة لا يهمهم أن يحدث أي شيء طالما أنهم سيحققون أهدافهم السياسية والتي يعتبرونها حقاً لا يقبل المنازعة.

ما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن الذين تعرضوا لإطلاق النار في سيهات بذلوا جهوداً كبيرة لمنع حدوث مثل هذا الأمر وتعاونوا مع رجال الأمن، ورغم هذا حدث ذلك الاختراق الذي أودى بحياة الأبرياء. ترى كيف سيكون الحال لو أن المعنيين بمثل هذه التجمعات لم يتعاونوا مع المعنيين بالأمن؟