اقتصاد » فرص عمل

المواطن برهن التأجيل.. إلى متى؟

في 2015/10/20

عبدالعزيز الخاطر- الوطن القطرية-

عندما ينهض من نومه ليجد أن أسعار الغاز قد تضاعفت بقرار حكومي، عندما يفاجأ بأسعار البنزين والوقود قد زادت من أقرب عامل في محطة بنزين، عندما يقرأ في الصحف زيادة أسعار الكهرباء على بعض المنشآت والإيجارات التي تمثل دخلا له، عندما يعيش سنويا حفلة التأجيل لحضوره كقيمة تستشار ويؤخذ رأيها فيما يخص حياته ومستقبل أولاده، يدرك أنه إنسان برهن التأجيل!

الحضور الإنساني له مجاله وتأثيره ما لم يكتمل هذا المجال وهذا التأثير يصبح هذا الحضور ناقصا أو مؤجلا حتى يتم اكتماله.

قد تحضر الدولة ولكن لا يحضر المواطن، قد تحضر السلطة وقد يغيب الفرد أو يؤجل حضوره لعدم اكتماله كتأثير وليس كجسم.

ولكن ما لمقصود بالتأثير، المقصود به هنا البعد القانوني بما هو حقوق وواجبات، الإنسان المرعي فقط إنسان مؤجل الحضور، المواطن الذي له من مواطنيته جواز سفره مواطن مؤجل، المسؤول الذي لا يمتلك المسؤولية ولا يمارسها مسؤول مؤجل، وإن امتلكها وخشى من ممارستها فهو مؤجل أبدي لا يرتجى حضوره لأن التأجيل هنا ذاتي.. الإنسان الذي يعيش بيولوجيا فقط إنسان مؤجل.. مشروع التأجيل مشروع غيبي يتعلق بالمصير بعد الحياه ولكن عندما يتحول إلى مشروع حياة أو يعتمد كذلك يصبح موتا سابقا لأوانه.

حضور الإنسان في الكون رسالة إلهية وتأثيره في ذلك مطلب رباني.. كم كان الإنسان العربي مؤجلا أولا بسبب الخارج واليوم بسبب الداخل، حتى الديمقراطية بما هي حضور للإنسان حضرت ولم يحضر الإنسان في عالمنا العربي.

الإنسان في هذا العالم يعيش بين قوسين في الهامش بانتظار الإفراج عنه، كم كان التأجيل مؤلما في ظل الحدود والتكتم والتستر، كانت الجاسوسية وأساليب التجسس هي الطريق الأوحد للخروج منه، اليوم فتحت تكنولوجيا الاتصال ثقوبا في جدار التأجيل ذاته فلم يعد الإنسان مؤجلا حكما ولكنه برسم التأجيل اعتمادا على مقدرته في استغلال ما تهبه التكنولوجيا من قفزات تتسم بالسرعة والنفاذ.

الإنسان المؤجل يعني ثقافة مؤجلة، يعني مجتمعا مؤجلا، وبالتالي دولة مؤجلة.. التأجيل ذاته كمشروع يفصل الفرد عن الممارسة خطير ومدمر في حين أن الممارسة تخلق تأجيلا من نوع ىخر يعد إيجابيا لالتقاط الأنفاس.

الدولة التي تؤجل حضور مواطنيها دولة خطابية لا تتلقى تغذية راجعة فبالتالي الخطأ لديها مميت ومصيري وقاتل، عندما يؤجل الإنسان يختفي النقد ويزدهر النفاق والنقل واللغة والخطابة.. تختفي العيوب لأنها مؤجلة كذلك، تقتحم دولة الإنسان المؤجل التاريخ في معارك خاسرة ويتحمل هو النتيجة، وتقيم الاحتفالات الكبيرة بدونه، وتنتصر في معاركها الشخصية فقط.

باختصار.. المواطن العربي سيظل مؤجلا طالما لم يضرب هو لنفسه موعدا للخروج من دائرة التأجيل وإعادة إنتاجه كمشروع خارج عن إرادته.