مجتمع » حريات وحقوق الانسان

نهاية الجهاز المركزي وأزمة التجنيس مرة ثانية

في 2015/11/02

د. حسن عبدالله عباس- الراي الكويتية-
ليس سرّاً أننا حسّاسين جدًّا للحديث عن التجنيس، فهو بلا شك موضوع خطير جدًّا كونه يمُس هوية المجتمع. لكن غير صحيح أيضاً أن نضع رؤوسنا بالتراب ونسكت عن مشكلة بهذا الحجم.

إعادة الكتابة حول التجنيس سببه التقرير النهائي الذي قدّمه رئيس الجهاز المركزي للبدون إلى الحكومة ووضع فيه تصورات الجهاز عن المشكلة وكيفية الحل. ما يهمني بصراحة ليست قضية التجنيس تحديداً بقدر الأزمة الإنسانية التي ابتُلي بها الكثير بسبب التجنيس. لذا دعوني أقسم شرائح المجتمع غير الكويتي (بدون وأجانب) إلى الفئات التالية:

أجنبي من أم كويتية: وهو فريق ليس بكثير من أبناء الكويتيات المطلقات والأرامل ممن ينطبق عليهم قانون التجنيس.

أجنبي من أسرة كويتية: وهذا القسم غريب في بابه. فيوجد من بيننا أفراد ينتمون لأسر كويتية بالكامل، حيث الأب والأم والإخوان كلهم يحملون الجنسية الكويتية باستثناء أحدهم (وعادة ما يكون الأخ الأكبر) لأنه أثناء فترة التجنيس في الستينات لم يكن متواجداً بالكويت ولم يُضف لملف الأب.

بدون من حملة إحصاء 1965: وهم الفئة التي حددها السيد صالح الفضالة بمستحقي الجنسية. وهذه الفئة تنقسم بحد ذاتها وبحسب تصنيف الجهاز المركزي لنوعين: نوع نظيف ولا يحمل أي سجل إجرامي أو أمني ولم يتعاون مع العدو الصدامي، ونوع آخر له تاريخ سيئ كقيد أمني أو مرتكب لبعض الجرائم.

بدون من خارج إحصاء 1965: وهم الفئة الأغلب من البدون ممن لم يقرهم الجهاز المركزي كما كانوا بالأساس خارج حسبة التجنيس وحتى قبل مرسوم تأسيس الجهاز المركزي. وبالطبع هذه الفئة الأكبر وينقسمون بدورهم إلى قسمين: إجرامي وغير ذلك.

لو اقتصرنا الحديث عن الأنواع الأربع السابقة لوجدنا أنفسنا أمام ثلاثة علاجات واضحة: الأول تجنيس المستحقين، الثاني ملاحقات قضائية للمجرمين ومعاقبتهم، الثالث التعامل الإنساني ممن يقع خارج حسبة التجنيس والإجرام. لكن مع قانونية الكلام ومنطقية الحجج، إلا أن عاملاً غريباً رابعاً يدخل في الموضوع ليربكه بالكامل، وهو خيار «السيادية». وهي الحجة التي جعلت المجتمع بأكمله (لا فقط البدون والأجانب) ليدفع الثمن وليتحمل الكثير من المصاعب.

فالمشكلة التي نحن كمجتمع بصددها أن الحكومة كانت وما زالت تماطل بالحل النهائي لقفزها المريب على خيوط الحلول. ولو كان الأمر لهذا الحد لقبلنا، لكن المشكلة أن الحكومات المتتابعة فعلت ما هو أسوأ بأن تلاعبت بهذا الملف واستفادت منه سياسياً ولأغراض ليس الآن وقت مناقشتها. فتقريبهم في فترة السبعينات والثمانينات ثم محاربتهم وتطفيشهم وملاحقتهم في العقدين الأخيرين جعل من الملف قنبلة مزروعة فيما بينا. ولا حاجة لأذكر لك الكثير من المشاكل، فيكفيك ما حصل في مسجد الإمام الصادق كي تتعرف إلى أي حد ممكن أن تتطور الأمور.

أنا شخصياً لست مع التجنيس العشوائي للجميع. بل أكثر من ذلك، ونطالب بمحاسبة من غدر بالكويت وجنّس زوير وعوير لأنه دفع له مبلغاً من المال أو له معرفة شخصية براقصة أو مطربة. لكننا بالتأكيد نريد إغلاق الملف نهائياً حتى نُبعد شبح الطبقية القانونية والاقتصادية والاجتماعية البغيضة عنا ونحمي مجتمعنا من شرورها قدر الإمكان.