دول » السعودية

باحث أميركي ينتقد أساليب (السكينة) في مواجهة (التطرف): مترددة ومتناثرة

في 2015/11/14

الياة السعودية-

انتقد باحث أميركي الأساليب التي تستخدمها الدول العربية والإسلامية في مواجهة الدعاية الإرهابية لتنظيم «داعش»، وغيره من الجماعات الأصولية المسلحة، التي وصفها بأنها «أكثر تردداً وتناثراً». وقال نائب معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط ألبرتو فرنانديز في «ورقة عمل» قدمها في الدورة الـ12 من منتدى أميركا والعالم الإسلامي، المنعقد في الدوحة خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، التابع لمعهد بروكنجز، إنه «على رغم الجهود الرامية إلى التأثير في دعاية «داعش»، إلا أنها بدأت مترددة وغير فعالة، على رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها بعض الدول على غرار السعودية والولايات المتحدة، إلا أن حجم بصمة «داعش» الكبير قوَّض من الجهود الرامية إلى مواجهة رسائله، كتلك التي يترأسها مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب، والذي لم يعادل أي جهد حتى الآن في الطبيعة الخاصة بداعش ونطاقه أو محتواه المشحون».

وقال فرنانديز: «إن السعودية أسست مركز المناصحة، الذي يُعتبر الأوسع نطاقاً، والأعلى تمويلاً، والأكثر استمرارية لمحاربة الإرهاب. ويستخدم مختلف أدوات إرسال الرسائل المضادة، بما في ذلك المشاركة الإعلامية، والخطاب الديني، والاستشارة، وحتى التعاون الدولي». وأشار إلى أن الجزء المتعلق بالإنترنت من هذا المجهود، والذي يعرف باسم حملة السكينة، بدأ في عام 2004، ومنذ عام 2008 ادعت السكينة أنها أقنعت 877 فرداً عبر الإنترنت، برفض الآيديولوجيات المتطرفة».

وإذا كان المشروع حظي باهتمام إعلامي مهم ومديح واسع، إلا أن الباحث الأميركي أوضح أنه «من الصعب مواءمة هذا المديح مع الادعاء القائل بأن السعوديين يميلون أكثر من أي جنسية أخرى، إلى الانضمام إلى «داعش». وأضاف: «إن المجموعات الجهادية في سورية جندت منذ بداية عام 2015 أكثر من 20 ألف مقاتل، خدمةً لقضيتها، وكان غالبية هؤلاء المقاتلين انضموا إلى صفوف «داعش» لسبب رئيس، وهو مهارة أعضائها في استخدام الدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما أتاح لها توسيع نطاقها من نزاع يقتصر على فئة معينة في سورية والعراق، إلى عنصر جذب عالمي».

وأشار ألبرتو فرناديز إلى أن رسالة «داعش» ورسائل مختلف المجموعات التكفيرية، والسلفية، والجهادية تتسم نسبياً بـ«المباشرة والوضوح»، لكن رد المعارضين على هذه الدعاية «أكثر تناثراً وتردداً، وغالباً ما انحصر الخط الأول من هذا الرد بوسائل التواصل التقليدية التي تستخدمها الجهات الحكومية، مثل تصريحات عالية المستوى من وزارات الخارجية، وبيانات صحافية من الأجهزة الأمنية (الدفاع والداخلية)، وتغطية إعلامية من وسائل الإعلام الرسمية».

وقال: «إن حكومتي سورية والعراق، احتكرت في غالبية الأحيان منطقة التأثير المباشر لرسائل «داعش» التي تشكل وسائل الاتصال التي يتابعها الجمهور الذي يستهدفه التنظيم، خصوصاً المسلمين العرب السنة، على اعتبارها طائفية، وتشكل خطراً على نحو مثير لليأس، إن لم تكن تماماً غير شرعية».

 رئيس «الحملة»: رؤية تستحق التقدير والاهتمام

قال رئيس حملة «السكينة» عبدالمنعم المشوح: «إن الحملة تابعت بأهمية أوراق العمل المطروحة ضمن مشروع العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي، ومنها الورقة «القيّمة» التي قدمها نائب معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط ألبرتو فرنانديز، وتعرض فيها إلى الحملة». وأكد أن تعليق الباحث «مهم»؛ لأنه «يكشف تصوُّر مجموعة من الباحثين حول برنامج عمل «حملة السكينة» ويكشف رؤية بعض الباحثين والمختصين حول برامج المواجهة والمعالجة، وهي رؤية تستحق التقدير والاهتمام، إذ ننظر إليها بأهمية وتفيدنا في التطوير».

وقال المشوح لـ«الحياة»: «إن برنامج السكينة لا ينحصر في مواجهة ومعالجة الإرهاب العنفي فقط، فهذا أحد أهدافه، لكنه أشمل من ذلك، فهو برنامج لتعزيز الوسطية، ونبذ العنف ودرء الفتن. وهذا الإطار الكبير تحته مشاريع فكرية ومعرفية، نجحنا في تأسيس منصات معرفية قدّمت محتوى متكاملاً رسم خطاً عريضاً للسلم في المُجتمعات؛ لذلك انتقلت أجزاء التجربة في كثير من دول العالم، وتعاطت معها مؤسسات مجتمعية وأخرى رسمية بشيء من المُشابَهة، ونجاحنا في تقديم أنموذج لا يعني أننا حققنا النجاح في كل التفاصيل».

وأقر بـ«كقصور وضعف في بعض الجوانب، لكننا صنعنا بيئة موثوقة يُمكن الإفادة منها واستنساخها عالمياً، على سبيل المثال نجاح التجربة باللغة التركية، وداخل المجتمع التركي المختلف عن المجتمع السعودي، وهو ما يدل على توافر أدوات النجاح داخل مجتمعات أخرى»، مردفاً: «إن نجاح التجربة في بيئات مختلفة ودول أخرى ينقلنا إلى «الأنموذج» المرِن، الذي يخدم السلم العالمي وفق رؤية وسطية غير مُسيّسة تتصالح مع الآخر لبناء مواجهات ومعالجات للتطرف والإرهاب وغيرها من المُهددات».

واعتبر المشوح أن القوّة تكمن في «الفكرة»، ومدى الاستمرارية في تحقيق الأهداف، والتركيز على مفاصِل التغيير، وتوفير المحتوى المُتكامل الذي يُغذّي أدوات من يعمل في هذا المجال، سواءً أكان عملياً نظرياً، أو تطبيقياً. وأضاف «وهنا تكمن فروقات الرؤية التي نحملها مع ما تحمله بعض مراكز الدراسات، إذ إن بعض مراكز الدراسات وبيوت الخبرة تريد أنموذجاً مُقولباً وفق رؤيتهم وتقديراتهم المُسبقة لذلك لم تنجح كثيراً بعض التجارب بسبب تأطيرها داخل قوالب فكرية ومعرفية غير مرنة، مع ما تحمله من إلغاء المسارات الأخرى، فالمُعالجات الصحيحة والمؤثرة ذات أصول كُليّة ثابتة، لكن مساراتها مُتحرّكة ومُتغيّرة فهي تقود «تيار» تصحيحي، ولا تقودها التيارات الموجودة».

وزاد: «نحن مادة معرفية مُجتمعية، تصنع حواضن وبيئات والتي بدورها تُحدثُ تيّاراً عفوياً، يتناغم مع الحَرَاك العام، ويتميز بتركيزه واستمراريته».