دول » الكويت

حاميات الجشع والطمع مستمرة..!

في 2015/11/14

محمد بن إبراهيم الشيباني- القبس الكويتية-

أرسل الأديب الكبير أمير البيان شكيب أرسلان إلى صديقه د. يعقوب صروف رسالة يقول فيها: «نعم قد كان في الخير والبعد عن الشر أمة وحده، كنت قد ذكرت له تصرف الدول التي تزعم أنها حاميات الحق والعدل، فيما نكثت به من مواعيدها للعرب، وما أظهرت من الجشع والطمع بسلب حقوقهم واحتلال بلدانها بعد الحرب الكبرى»، فأجابني أجزل الله ثوابه عن ذلك بما يأتي قال: «أما رجال السياسة الذين أشرتم إليهم، فقد رأيت منهم بعد الحرب ما أصغرهم في عيني، وجعلهم أحقر من أن أدافع عنهم، من أكبرهم إلى أصغرهم، أبقاني الله وإياكم داخل سياج العلم وأطال الله بقاءكم».

نعم، وهذا ما أردده في كثير من مقالاتي إلى متى؟! لقد تقززت نفس العربي وقرف من إنسانيته، وهو يشاهد المآسي من حوله، حيث البشاعة في أكمل صورها، ورائحة المنية تزكم الأنوف.

مسرح كبير يشاهد المليارات من البشر ممثليه، وهم يقومون بالقتل والإبادة للصغار والكبار والنساء والرجال وبالأسلحة المتنوعة كافة، لا حرمة في استخدامها طالما أن الذي يكشف عنها ويعطي تقريره فيها هو من غير دينك، وجلدتك، مسرح لا حد للممثلين فيه ولا لفصوله أو قصصه ورواياته تشاهد فوق القتل، السجون المفتوحة أكثر من المغلقة، والتعذيب بأشكاله المتعددة التي لم تخطر على بشر ولا عين رأت مثلها أو أذن وصل إلى مسامعها، ترى في هذا المسرح البحر، حيث الغرقى والناجون من النازحين إلى الديار الأخرى، وتشاهد في هذا الفصل طوابير النازحين، وهم بالمئات في مكان وبالألوف في أماكن أخرى، وهم سائرون إلى نهاية أو لا نهاية.

هذه هي الحضارة اليوم بصورها كافة، وبالحجم الكبير مادية بحتة وبشعة حتى النخاع، وجشع وطمع في سبيل التسلط والحكم.

«ما أصغرهم في عيني وجعلهم أحقر من أن أدافع عنهم من أكبرهم إلى أصغرهم» هذه كلمات د. صروف، وهل يستحق الاستعمار اليوم والساسة الذين يعينونه على بغيه وعدوانه غير التصغير والتحقير لما يفعله بالإنسان الأعزل البائس الضعيف؟ إلى أين سيؤدي به غروره هذا؟ أليس هو التراب وإلى التراب سيعود؟

لماذا أصبحت صناعة الموت على البشر لا تحرك فيهم ساكناً أو رحمة أو رأفة؟ لقد جعلوها مألوفة وطبيعية عند معظم السياسيين، بل ومعهم البشرية جمعاء الذين تمثلهم دولهم وهم كثير في الأمم المتحدة، لماذا لا يكون لهم دور وإحساس إنساني وضغط؟ بل أمين الأمم المتحدة نفسه أين دوره من قضايانا العربية، وما يفعله فوق كل ذلك المحتل الإسرائيلي في شعبنا هناك؟

لقد تاه فكرنا وشرد خيالنا وزادت أحزاننا وتوسع حيز مصائبنا. والله المستعان.