مجتمع » تعايش

مجابهة التجييش الإلكتروني

في 2015/11/16

أميرة كشغري- المدينة السعودية-

لفت نظري الخبر المنشور في صحيفة مكة (الخميس 12 نوفمبر 2015) حول آليات مواجهة التجييش الإلكتروني والتي حددها عدد من خبراء وسائل الإعلام الجديد والتواصل الاجتماعي في 14 آلية تم طرحها في منتدى شبكات التواصل الذي نظمته جامعة الدمام قبل أيام عدة. لا بد من الإشارة أولاً إلى الجانب المهم في الخبر المنشور وهو توصل الخبراء لقناعة تامة بعدم جدوى سياسة حجب المواقع الإلكترونية التي فشلت في منع الوصول إلى عقول الشباب واستقطابهم.

أما بالنسبة للآليات المطروحة فسوف يكون من المفيد وضعها للنقاش لنستكشف آفاق تطبيقها على أرض الواقع. الآليات كما وردت في الخبر هي:

1. تبني خطاب مناسب يجهض الهجمات الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف السعودية.

2.إنشاء حسابات في تويتر تتبنى لغة مناسبة تجذب الشباب وتركز على المواطنة الجامعة.

3.تضافر جهود خبراء الاتصال والتربية والاجتماع وعلم النفس والاستعاضة بها عن الحجب والردود المستعجلة وغير المبنية على أساس علمي.

4.تجنب التوجيه المباشر.

5.التصحيح وإعطاء أمثلة حية من الواقع مدعمة بإحصاءات.

6.البعد عن المبالغة التي لا يمكن استيعابها.

7.عدم إعادة نشر ما يستقبل من رسائل.

8.الضرب على أيدي العابثين بمواقع التواصل الاجتماعي.

9.مجابهة النقد والتجريح عبر الوسائل الإلكترونية.

10.مراقبة وسائل التواصل رسمياً.

11.إتاحة الفرصة للقادرين على تقويم الشباب.

12.ملاحقة العابثين بسمعة أفراد المجتمع أو الوطن قضائياً وأمنياً.

13.المراقبة الأسرية لسلوك الأبناء.

14.تفعيل دور كل من المسجد والمدرسة.

ويتضح من مراجعة هذه الآليات أن عدداً منها ينحو باتجاه التنظير أكثر من الممارسة والسلوك ونواتجه المتحققة، فهي مصاغة بعبارات فضفاضة يختلف تفسيرها بالإضافة إلى كونها تفتقر إلى السلوك الإجرائي المرغوب فيه والذي يمكن ملاحظته وقياسه عبر مدة زمنية طالت أو قصرت. على سبيل المثال الآليات رقم 1، 4، 9، 13 تتحدث عن قضايا نظرية تبدو جميلة على الورق لكنها غير قابلة للتطبيق أو على أقل تقدير سيكون تطبيقها متفاوتاً بناء على من يقوم بتنفيذها. ويميل البعض الآخر للتعميم غير الواضح، مثلاً الآلية رقم 6، تتطلب البعد عن المبالغة، فكيف نحكم على الطرح بأنه مبالغ فيه؟ ومن وجهة نظر من؟ وينطبق ذات التساؤل على الآلية رقم 11، التي خلت من إيضاح ماهية التقويم المطلوب، ومن هم القادرون على تقويم الشباب بحيادية؟ وكيف يتم التقويم إذا كان بعض ممن يقومون به يعتنقون كثيراً أو بعضاً من أدبيات الخطاب التجييشي؟ كما أن الآلية رقم 14 عامة جداً وقد يدّعي البعض أنها مفعّلة وفقاً للمنظور الذي يحكمون به على ماهية دور المسجد والمدرسة وحدود صلاحياتهما.

في اعتقادي أن الآليات الممكن تطبيقها بفعالية، كونها تحدد سلوكاً واضحاً لا يختلف اثنان على تفسيره هي الآليات 2، 7، 10، 12، لأنها آليات محددة بسلوك (إنشاء حسابات، عدم نشر ما يستقبل من رسائل تجييشية، ملاحقة المتطرفين قضائياً) وكنت أتمنى لو أن هذه الآليات تضمنت بوضوح وضع قانون يجرّم التجييش الطائفي المتطرف والذي مازلنا في انتظاره.

نحن في زمن لم تعد تجدي فيه الخطابات التنظيرية الفضفاضة لمحاربة التطرف. نحن في حاجة لقوانين صارمة تعاقب كل من يصدر عنه فعل أو قول تجييشي. نحن في حاجة لإيقاف حسابات المتطرفين على شبكات التواصل الإجتماعية سواء كانوا يكتبون بأسمائهم الصريحة أو المستعارة وإخضاعهم للمساءلة القانونية.حمى الله وطننا ووسائلنا الاجتماعية من التجييش والطائفية.