اقتصاد » اسكان ومصارف

وسيظل الفكر هو المشكلة

في 2015/11/18

فاطمة آل تيسان- الوطن السعودية-

لم يغالط الحقيقة من قال إننا نعاني أزمة فكر، بل تلطف قليلا في الوصف لأن الواقع يقول إننا ضحية فكر ترسخ عميقا بفعل قوته واستحواذه على عقول "البسطاء"، في فترة انعدم فيها المضاد أو المنافس، ليس في المفاهيم التي نطبقها في تسيير حياتنا اليومية فحسب، بل وفي تعاملنا مع غيرنا، وفهمنا وحكمنا على ما يثار من مشاكل وقضايا في هذا العالم الذي نشغل جزءا منه، نؤثر ونتأثر بكل ما يحدث فيه. هذا الفكر خدعنا بفكرة التمايز أو الأفضلية التي نتوهمها، غير أن الأحداث الجارية كشفت طبيعة ذلك التميز الذي انحصر في تطرف ما يحمله بعضنا من فكر، وهو ما حشد كراهية المجتمعات لنا -بسبب منظري التطرف والإقصاء- والخوف أن يتطور الكره إلى نبذ ومحاربة. وعلى كل الحقائق الصارخة التي تكشف لنا عيوب هذا الفكر وتدعونا إلى نقده وتنقيته من شوائب التطرف والكراهية للإنسانية، إلا أن معظمنا مستمر في المكابرة وعدم الاعتراف بهذه العيوب. ومع يقننا التام أن العالم يدرك الدور الذي لعبه فكر المحرضين في تشكيل ذهنية المتطرفين وحشوهم حتى التخمة بكراهية الآخر ومعاداته، غير أننا اكتفينا بالاستنكار والشجب، حتى وإن اكتوينا كثيرا بنار الإرهاب، إلا أن ذلك لم يمحُ صورة التطرف التي ألصقت بنا بسبب بعض المحرضين.

والواقع ومجريات الأحداث يفرضان علينا وقفة جادة وجريئة في محاربة التحريض والتطرف واجتثاثهما من الجذور، وملاحقة تلك الأبواق التي تطل علينا بعد كل عملية مهللة مستبشرة، كاشفة عن الحقيقة وهي أنه إذا كانت مخابرات بعض الدول استغلت تلك التنظيمات لتنفيذ أجنداتها العدائية لشعوب الغرب والشرق -وهذا صحيح- إلا أن نصيب فكر هؤلاء المحرضين هو الأكبر، وإلا لما وجد من بيننا من يفرح ويثني على منفذي هذه العمليات ويحرض على المزيد منها.