دعوة » مواقف

الإسلام لا يعرف الإرهاب

في 2015/11/20

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد- الامارات اليوم-

يتجنّى الجهلاء على الإسلام بنسبة الإرهاب والإرهابيين إليه، والعتب على ثقافتهم في الإسلام، وقديما قالوا: من جهل شيئاً عاداه. والحقيقة أن الإسلام يباين الإرهاب مباينة كاملة، فهما ضدان لا يجتمعان، فالإسلام رحمة، والإرهاب عذاب، والإسلام عدل والإرهاب جور، والإسلام معرفة والإرهاب جهل، والإسلام محبة والإرهاب بغض وكراهية.. فكيف يكون الإرهاب نتاج الإسلام؟! هذه والله فِرية لا يقبلها إلا السُّذج، فما أجدرها بقول عمر بن أبي ربيعة:

أيها المنكح الثريا سهيلا عَمرُك الله كيف يلتقيان؟!

هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يماني

إن تاريخ الإسلام ناصع بياضاً كبياض الشمس في رائعة النهار، فقد فتح المشارق والمغارب بدعوة حسنة وجدال أحسن، وإقناع للعقول، ووصول إلى الأفهام، فهذا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول عن نفسه «إنما بعثت رحمة» تعبيراً عن قول الله تعالى له {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، ولذلك كان يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا حزن على عدم قبول دعوته سلاه الله تعالى بمثل قوله: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}، وقوله {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}، فإن اشتد أساه من واقع رحمته وعلمه بمآل مدعويه، عاتبه الله بمثل قوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، إلى غير ذلك، ولقد كان يخاطب الملوك بدعوة الإسلام فيقول مثلاً: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسِيِّين»، يعني الأتباع ، خطاب رحمة ودعوة، رحمة وبشارة بعظيم الأجر، وتحميله وزر قومه إن هو لم يقبل دعوة الحق، ولم يمكن شعبه من سماعه، ولذلك لم يكن في منهجه الإكراه على الإسلام، بل قبول الآخر بما فيه وما هو عليه من دين سماوي أو وضعي، المهم أن لا يكون منابذاً للإسلام بحرب، فعايش اليهود والنصارى والصابئين والمجوس، ولم يرَ في ذلك غضاضة على رسالته ودعوته، وسار على هذا المنهج الخلفاء والملوك والسلاطين قرناً بعد قرن، حتى ظهر في قرننا من يفتري على الله الكذب، فيتهم الإسلام بما هو منه بريء، تعامياً عن واقعه وتاريخه المشرق.

إن الإرهاب الذي ينتشر الآن في العالم لا هوية له، فهو نتاج فكر منحرف، بغض النظر عن الدين، فهو يوجد عند غير المسلمين بأبشع صوره، ومع ذلك لا ينسب الإرهاب إلى الدين، بل يناط بفاعله، فإذا جاء ممن عرف بالإسلام عادت التهمة له، مع أن الإسلام هو الذي حرمه وأوجب العقاب الأليم فيه، وأشد معاقباته براءته ممن ينسبه إليه، فمن قواعده؛ ما بينه النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلّغت اللهم فاشهد».