سياسة وأمن » دراسات سياسية

تراجع الدور القطري.. استراتيجية أم تكتيك؟

في 2015/11/20

شؤون خليجية-

أدت ثورات الربيع العربي إلى تعاظم الدور القطري بشكل أزعج بعض الدول الإقليمية الكبرى في المنطقة، وعلى رأسها السعودية التي عملت على التحالف مع الإمارات لتقليص النفوذ القطري، ومنعه من الاستفادة بالتحولات التي تشهدها المنطقة، وهو ما نجحا فيه بدرجة كبيرة، خاصة بعد سقوط الدكتور محمد مرسي، وتراجع دور حركات الإسلام السياسي في العديد من دول الربيع العربي، إلا أنه وبعد تزايد التحديات التي تعانيها تلك الدول، وتعاظم الدور الإيراني والقوى الموالية له في المنطقة، ووفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حدث تحول جديد في المنطقة، خاصة بعد تغيير المملكة سياستها وعودتها للتحالف مع قطر على حساب الإمارات، التي لعبت دورًا في سيطرة جماعة الحوثي على مقاليد الأمور في اليمن، قبل أن تشارك المملكة في تحالفها لإسقاط الجماعة، التي عملت على الانفراد بالسلطة وتهديد أمن واستقرار المنطقة، إلا أن هذه التحولات لم تشهد عودة كبيرة للدور القطري، الذي يبدو أنه بات يفضل اللعب في الظل– على الأقل في الوقت الراهن- خوفًا من حدوث تحول جديد يؤثر على مستقبل النظام السياسي الوليد في تلك الدولة الصغيرة، وإن كان ذلك لا يعني الاستمرار في مشاركة السعودية في مواجهة التحديات المحدقة بالخليج، وخاصة التحدي الإيراني، والعمل على منعه من تحقيق أي مكاسب في سوريا واليمن، فهل يستمر الدور القطري في مرحلة الخمود، أم ستشهد الفترة المقبلة صعودًا جديدًا على حساب الدور الإماراتي، الذي يبذل جهودًا مضنية للعب دور مؤثر في المنطقة دون جدوى؟

عوامل صعود الدور القطري

أحدثت ثورات الربيع العربي الكثير من التغيرات في ديناميكيات القوة والنفوذ في الشرق الأوسط، ولم يقتصر التغيير الذي أحدثته هذه الثورات على داخل الدول العربية فقط. بل امتد إلى البيئة الاستراتيجية، حيث حدثت تحولات واضحة في الفاعلين الذين يمتلكون القوة في المنطقة، وفي الكيفية التي يمارسون من خلالها قوتهم، وفي أدوات تلك القوة.

ومن ناحية أخرى كان للربيع العربي تأثير واضح على دور المؤسسات الإقليمية، كالجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي. فرغم أن الجامعة العربية كان ينظر إليها- حتي وقت قريب- على أنها كيان غير مؤثر يجمع الشخصيات الديكتاتورية، فإن التغيير السياسي في العديد من الدول العربية، وروح العصر الثورية، أجبرا الجامعة على اتخاذ موقف أكثر فاعلية تجاه الأزمات التي نشأت في دول المنطقة، مثل ليبيا، واليمن، والآن في سوريا. كما أن توسع مجلس التعاون الخليجي في صورة عقد "شراكات محدودة" على الأقل مع دول غير خليجية، مثل الأردن والمغرب، عكس إدراكه المتزايد بأن الروابط الاقتصادية والسياسية الأوسع بين الدول العربية تعد عاملًا رئيسيًا في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، ولإعطاء هذه الدول فرصة للاستجابة للمطالب الشعبية الخاصة بالحصول على المزيد من الحريات وتحقيق الرخاء، وذلك من خلال التغيير التدريجي الذي لا يتسم بالعنف.

وقد أفسحت هذه التغيرات المجال أمام دول عربية أخرى، بخلاف القوى المهيمنة التقليدية، مثل السعودية ومصر، وبصورة أقل سوريا، للقيام بأدوار أكثر تأثيرًا وفاعلية في الشؤون الإقليمية. وتعد قطر مثالًا بارزًا لدولة عربية صغيرة مارست دورًا فاعلًا على المستوي الإقليمي، حيث استطاعت استغلال الفرصة التي وفرتها هذه اللحظة التاريخية، والقيام بدور قيادي أكبر في المنطقة، مع ملاحظة أنها لعبت دورًا مهما خلال الفترة السابقة على الربيع العربي.

وفي سبيل قيامها بهذا الدور استخدمت أدوات متعددة من القوة، وذلك في محاولة منها للتغلب على تواضع إجمالي قدراتها المادية، مقارنة بالدول الأخرى، وقد تمثلت عناصر القوة تلك فيما يلي:

أولًا: القدرة الاقتصادية، حيث تعد قطر واحدة من أغنى الدول العربية، إذ يعد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومستويات المعيشة بها من أعلى المستويات في العالم. ورغم أنها، مثل دول الخليج الأخرى، تقوم ثروتها بالأساس على صادرات النفط والغاز الطبيعي، إلا أنها اتخذت خطوات لتنويع قاعدتها الاقتصادية، وبناء قطاع مالي قوى يدير استثمارات بقيمة تريليون دولار. ومن المخطط أن يتم تخصيص نحو 40 % من ميزانية الدولة لتطوير البنية التحتية خلال السنوات الأربع المقبلة. كما تحظي قطر بعلاقات تجارية قوية مع الاقتصادات العالمية الكبرى، مثل الولايات المتحدة، وأوروبا، واليابان، وكوريا، بالإضافة إلى الدول الرئيسية في الإقليم، مثل السعودية. كما تملك هيئة الاستثمار القطرية أصولًا وحصصًا بقيمة 70 مليار دولار في كبرى الشركات في مختلف أنحاء العالم. وكذلك، تستثمر قطر بصورة مكثفة في المنطقة العربية، حيث تستثمر نحو ملياري دولار في السودان، و10 مليارات دولار في ليبيا.

وتعد قطر أيضًا من بين الدول العربية التي بدأت عملية إصلاح سياسي، حيث تحركت خلال السنوات الأخيرة نحو تبني بعض الآليات الديمقراطية، خاصة أنها كانت ثاني دولة خليجية تمنح المرأة حق التصويت والانتخاب، بعد عمان. ولكن لا تزال هناك مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، خاصة فيما يتصل بمعاملة العمالة الأجنبية.

ثانياً: الاستقرار الأمني: رغم أن قطر تمتلك قوة عسكرية "محدودة قوامها نحو 12 ألف جندي، إلا أنها تحافظ على وضعها الأمني والدفاعي من خلال اتفاقيات دفاعية مع القوى العسكرية الأكبر، وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة، من خلال استضافتها لقاعدة جوية إقليمية رئيسية للولايات المتحدة. كما ترتبط قطر باتفاقات دفاعية مع دول أخرى، مثل المملكة المتحدة، وفرنسا، وباقي أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

ثالثاً: وسيط ناجح: نشطت قطر قبل اندلاع ثورات الربيع العربي في لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية، والمشاركة بدور قيادي في المؤسسات الدولية، حيث نجحت عام 2008 في التوسط لإبرام "اتفاق الدوحة" لإنهاء الأزمة السياسية في لبنان. وفي عام 2010، توسطت من أجل وقف إطلاق النار في السودان بين حكومة الخرطوم ومتمردي دارفور. وفي كلتا الحالتين، حققت قطر نجاحًا، بينما أخفقت القوى الفاعلة الإقليمية والدولية الأخرى، الأمر الذي عزز من سمعتها كوسيط "أمين" بين الأطراف المتنازعة. إلى جانب ذلك، استضافت قطر جولة المفاوضات التجارية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية التي بدأت عام 2001.

رابعًا: امتلاك أدوات إعلامية قوية: تعتمد قطر على الأداة الإعلامية، إحدى أدوات القوة الجديدة، في ممارسة دورها في المنطقة. حيث لعب التطور السريع لقناة الجزيرة، من مجرد قناة إخبارية عربية إلى شبكة إعلامية دولية ناطقة بلغات متعددة، دورًا مهمًا في تعزيز دور قطر ومكانتها، حيث نالت هذه القناة الإشادة لكونها أكثر حيادية ورغبة في بث الآراء المتضاربة من المنظمات الإعلامية العالمية الرئيسية الأخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا الحساسة، مثل الحروب الأمريكية في أفغانستان، والعراق، والصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

وقد مثل الربيع العربي فرصة للاستفادة مما تملكه من إمكانيات، وما قامت به من أدوار فاعلة في المنطقة خلال فترة ما قبل الربيع العربي، فمنذ بداية الانتفاضة ضد دكتاتورية معمّر القذافي المتقلّبة في ليبيا، اضطلعت قطر، إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة، بدورٍ محوريٍّ في تعبئة المجتمع الدولي من أجل التحرّك. فقد حشدت الدعم العربي بشكل حاسم من خلال الجامعة العربية لفرض منطقة الحظر الجوي. وهندس حمد بن جاسم عملية تعليق عضوية ليبيا في الجامعة العربية، وأمّن بالتالي تصويتاً داعماً بالإجماع لصالح منطقة الحظر الجوي بعد معركةِ مواجهةٍ مع الجزائر.

عزّزت هذه البيانات تصوّر القيادة القطرية بأن الأزمة الليبية منحت قطر فرصة طرح عملية دعمها لحماية حقوق الإنسان، والتعبير الديمقراطي، بطريقة حظيت بترحيب قوي في المجتمع الدولي (الذي يقوده الغرب).

وقد أغرى الدور القطري في ليبيا النظام لمواصلة مساعيه الخاصة بلعب دور أكثر تأثيرًا في مصر وسوريا واليمن، من خلال إتاحة الفرصة لقناة الجزيرة لنقل الفعاليات الجماهيرية الرافضة لديكتاتورية الأنظمة السابقة، والمطالبة بالحرية والديموقراطية والكرامة الإنسانية، ولم تكتف بذلك، بل وعمدت إلى مساعدة الحكومات الوليدة ودعمها ماليًا ومعنويًا، إلا أن ذلك لم يدم كثيرًا، إذ سرعان ما بدأت هذه الأنظمة في الانهيار، وهو ما أثر على قدرة قطر على مواصلة دورها الإقليمي في المنطقة، لتبدأ مرحلة التراجع.

تراجع الدور القطري

أدى تراجع الربيع العربي في بعض البلدان، خاصة في مصر التي شهدت انتكاسة كبيرة بعزل أول رئيس مدني منتخب، إلى تراجع كبير في الدور القطري، خاصة بعد سحب السعودية والإمارات والبحرين سفرائهم من الدوحة، وتهديدهم لقطر بالخروج من مجلس التعاون ما لم تتوقف عن دعم الحركات المعارضة في دول الربيع العربي، لما لذلك من تهديد كبير لمستقبل أنظمتهم السياسية، نظرًا لدورهم في إسقاط الأنظمة الديموقراطية الوليدة.

وقد ترتب على ذلك إخراج قطر لبعض قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر قبيل عقد قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة، وإرسالها أيضًا لمبعوث خاص لمصر في 20 من ديسمبر 2014، من أجل التوصل لمصالحة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وفي أعقاب ذلك، قامت قطر بإغلاق شبكة الجزيرة مباشر مصر، والتي كانت منبرًا للمعارضين للقيادة المصرية الحالية.

ويمكن إجمال أسباب تراجع الدور القطري إلى عدة أمور، أهمها:

أولًا: زيادة الضغط الإقليمي والدولي عليها لوقف دعمها المتزايد لحركات الإسلام السياسي في دول الربيع العربي، خاصة في مصر وتونس، خوفًا من انهيار الأنظمة القائمة، لما تمثله من أهمية وما تحققه من مصلحة كبيرة للقوى الإقليمية والغربية في المنطقة.

ثانياً: تغيير النظام القطري، وخوف النظام الجديد من تألب القوى الإقليمية والدولية عليه، والعمل على إسقاطه سريعًا قبل أن ينجح في توطيد أركان حكمه الجديد. فحسب مديرة برنامج الإصلاح العربي والديموقراطية في جامعة «ستانفورد» لينا الخطيب، في بحث بعنوان «السياسة الخارجية القطرية.. حدود البراغماتية»، إن عدم وجود استراتيجية متماسكة في سياسة قطر الخارجية، جعلها عرضة لمصادر عدم الاستقرار الدولية والمحلية. وتشير الخطيب إلى أنه خلال عهد الأمير حمد بن خليفة، كانت دائرة صنّاع القرار ضيقة جدًا، وكان اتخاذ القرار محصورًا بالشيح حمد بن خليفة ورئيس حكومته حمد بن جاسم وزير، وكان ذلك يعني سهولة في اتخاذ القرارات، واستجابة سريعة للنزاعات الناشئة في الدول الأخرى. وهو ما تغير بقدوم بالشيخ تميم «الذي بدا أكثر تحفظاً من والده، وسعى لأن يعيد التركيز على الملفات الداخلية أكثر منه على تغيير المعادلة الإقليمية، التي شهدت وضع اليد السعودية الطولى على أهم قضيتين تجذبان انتباه العالم العربي: سوريا ومصر».

ثالثًا: تراجع أسعار النفط وعدم القدرة على مواصلة تقديم الدعم للحركات المعارضة في الدول العربية، خاصة وأنه لا يوجد أفق لحل سياسي أو لتغيير محتمل في تلك الدول، يسهم في عودة الدور القطري من جديد.

رابعًا: الخوف من انهيار مجلس التعاون الخليجي، وإتاحة الفرصة لإيران لاستكمال مشاريع الهيمنة والسيطرة على المنطقة، من خلال دعم حلفائها في سوريا واليمن وبقية الدول الخليجية.

خامساً: الرغبة في توحيد الجهود الخاصة بمواجهة التهديدات التي تعاني منها المنطقة، خاصة التهديد الشيعي المتزايد، والذي بات يطوق المنطقة من كل اتجاه، ويتحالف مع أصدقائها ليواصل مشروعه الخاص باستكمال الهلال الشيعي في المنطقة.

وفي الواقع إن التحركات القطرية في ذلك الوقت عكست برجماتية وذكاء شديدين، إذ لم يكن بوسعها مواصلة دعم الحركات والقوى المحسوبة على الربيع العربي، في ظل العداء الشديد للمملكة العربية السعودية والإمارات لتلك الحركات، التي رأت فيها تهديدًا مباشرًا للأنظمة الخليجية، ومحاولة لتغيير هيكل المنطقة بالكامل، لذلك عملوا على وأد تلك الحركات والوقوف صفًا واحدًا في وجه الأنظمة التي تدعمها، لذلك لم يكن أمام قطر من بد سوى التراجع تكتيكيًا، حتى تتغير الظروف المحيطة بها وتسنح لها الفرصة للعودة لممارسة دورها من جديد.

مستقبل الدور القطري

شهد الدور القطري خلال أقل من عقد من الزمن عدة تحولات دراماتيكية، فمن دور الوسيط المحايد في النزاعات الدولية، والتي حققت من خلاله عدة نجاحات مؤثرة على المستويين العربي والإقليمي، إلى الدور الرائد في ثورات الربيع العربي، قبل أن يشهد ذلك الدور انتكاسة إثر سقوط بعض تلك الثورات وعودة الأنظمة القديمة من جديد، ليتوارى عن الأنظار لصالح أدوار أخرى، وأخيرًا وبعد حدوث تغييرات جذرية وصعود الدور الإيراني في المنطقة، وتغيير النظام السعودي المتحالف مع الإمارات، بدأت إرهاصات عودة الدور القطري من جديد، وهناك العديد من الدلائل على ذلك أهمها:

أولاً: تأكد الدول الخليجية وخاصة السعودية من صحة الرؤية القطرية الداعمة لثورات الربيع العربي، إذ أدى التدخل السعودي والإماراتي الداعم للأنظمة القديمة لزيادة نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، على عكس فترة الربيع العربي التي شهدت انحسارًا ملحوظًا في الدور الإيراني، بسبب تخوفات إيران من تيار الإسلام السياسي الذي يملك مشروعًا موازيًا ومعاكسًا للمشروع الشيعي الإيراني في المنطقة.

ثانيًا: وصول التهديدات الإيرانية إلى الجوار الخليجي، بل وإلى داخل الدول الخليجية نفسها، وتحول هذا التهديد من تهديد أمني إلى تهديد وجودي يضر بمستقبل الأنظمة الخليجية في المنطقة، خاصة النظام السعودي الذي بات مهددًا بسبب الوجود الحوثي المدعوم إيرانيا في الجنوب، والوجود الشيعي الحاكم في العراق، هذا بالإضافة إلى التهديد الذي يمثله وجود بشار الأسد الذي يمثل ركنًا أساسيًا في مشروع الهلال الشيعي في المنطقة.

ثالثًا: حدوث تحولات في التحالفات الإقليمية والدولية، خاصة بعد إعلان روسيا دعمها الصريح والمباشر للنظام السوري، وقيامها بتوجيه ضربات عسكرية مباشرة للمعارضة السورية المعتدلة، ومساعدة النظام في استرجاع بعض المناطق المحررة من يد القوى المسلحة، وإعلان عدم استبعاد الاسد من أي مفاوضات مستقبلية، باعتبار أن الأمر بيد الشعب السوري، الذي عليه وحده أن يقرر من يخلف النظام الحالي، الأمر نفسه بالنسبة للولايات المتحدة التي تقاربت بشكل كبير مع إيران، وعقدت معها اتفاقًا لحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، مقابل فك الحصار الاقتصادي المفروض عليها، حتى ولو كان ذلك على حساب الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.

رابعاً: عدم نجاح التحالف الذي تقوده السعودية في القضاء على التمرد الحوثي في اليمن، وتكبدها خسائر فادحة في الأموال والأرواح، وحاجتها إلى تنويع حلفائها الإقليميين والدوليين، بحيث تستطيع مواصلة دورها في كبح جماح حلفاء إيران في المنطقة.

خامساً: تراجع الدور الإماراتي نتيجة لعدم قدرته على تحقيق أي إنجاز حقيقي في ثورات الربيع العربي، بالرغم من الأموال الطائلة التي دفعتها لدعم الأنظمة والحكومات الموالية لها، خاصة في ليبيا التي فضحت الدعم الإماراتي لخليفة حفتر، ولرئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برنارد ليون، الذي تم تعينه مديرًا لأحد المعاهد الإماراتية إثر فشل مهمته في ليبيا.

سادساً: العلاقات القوية التي تجمع قطر بمختلف دول العالم، وخاصة تركيا التي نجح حزب العدالة والتنمية فيها مؤخرًا في تشكيل الحكومة بعد استحواذه على غالبية مقاعد البرلمان، وهو ما يقوى موقف قطر الحليف الأكبر لتركيا في المنطقة.

وفي الواقع تعتبر قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي وضعت رؤية رسمية بعيدة الأمد بعنوان «رؤية قطر 2030»، وهي عبارة عن وثيقة وافقت عليها السلطات القطرية في العام 2008، ترسم مسار البلاد، وصولاً إلى هدف إظهار الدور القطري كنموذج يحتذى به في المنطقة، وتأتي هذه الرؤية من رغبة قطر في تنويع اقتصادها مع الحفاظ على قيمها وتقاليدها، كما تهدف إلى تحويل هذه الدولة الصغيرة إلى مركز للالتقاء، التواصل والوساطة، الأمر الذي يعني أن تراجع الدور القطري مؤخرًا تكتيك وليس استراتيجية، وأنها بصدد العودة لممارسة دورها أثناء ثورات الربيع العربي من جديد.