دعوة » مواقف

لن يتوارى الإرهاب إلا بالفهم الصحيح للإسلام

في 2015/11/21

عبدالعزيز محمد الروضان- الرياض السعودية-

يعيش العالم اليوم في هذا النسق الدولي الرحب معضلة أرقت الشعوب والحكومات ألا وهي (مشكلة الإرهاب) التي قوضت أطناب السلم العالمي، وإن كان لهذه المشكلة أسباب متضافرة إلا أن هناك سببا يتصدرها ألا وهو عدم الفهم الصحيح لمضامين الدين الإسلامي! والوقوف على مبادئ هذا الدين، إن الأمر الذي جعل من يركب صهوة الإرهاب هو فهمه القاصر لصحيح الدين الإسلامي - منذ نعومة أظفار ناشئة الإسلام!

وهذا الفهم القاصر مسؤول عنه بالدرجة الأولى العلماء، ليس في بلد دون بلد، والفهم القاصر لمفاهيم الدين الإسلامي ليس وليد اليوم وحسب، بل هناك حقب إسلامية ماضية هي الأخرى وقعت فيما وقعنا فيه اليوم.

ولكن الأمر يستشري عندما تتناقل الأمة الإسلامية تردي تلك الحقب التي لم تتماس مع مراد الله ومراد رسوله لفهم الدين الإسلامي كما فهمه الرعيل الأول، إن الدين الإسلامي إبان عهوده الأولى هو دين واضح المعالم ناصع البياض ليله كنهاره، لكن يوم أن الأمة ركنت إلى مصادر هشة طوحت بالأمة بعيداً عن مضامين هذا الدين الحق، فجنت الأمة على نفسها ماجنت!

إن الخلاص من هذه المعضلة وهي (عدم فهم صحيح الدين) هو بالاتكاء على مصادر الدين الإسلامي الصحيحة كتاب الله والسنة الشريفة فهما الحصن الحصين والملاذ الآمن وطوق النجاة من الزلل في هذه المزالق التي أحدقت بالأمة وما سواها من الأمم.

إن فهم الدين الإسلامي وفهم مراد الله منه لن يتأتى لنا إلا عبر فكر وفقه خارجِ من بوابة المصادر الرئيسة لهذا الدين الحنيف، ويجب علينا القرب إلى هذه المصادر قرباً معنوياً يُفضي بنا إلى فهم هذا الدين ووضع الحلول للمعضلات والمشاكل.

إن العصف الذهني العميق في فهم كتاب الله والسنة الشريفة ليس طريقاً مفروشاً بالورود - بل لن يتأتى ذلك إلا بتدبر هذه النصوص تدبراً يفضي بالوقوف على الفهم الصحيح لهذا الدين.

وكتاب الله يطفح بنصوص كثيرة توضح لنا أن التدبر في هذه النصوص مسألة حتمية وليس هذا مكان سردها فهي معروفة عند الجميع، إن الأمة تعيش اليوم في وهاد سحيقة ليس في مجال دون مجال، وعوداً على بدء لن تنكسر شأفة الإرهاب إلا عبر تقديم هذا الدين لأفراد الأمة بل، وللناس جميعاً تقديماً واضحاً وبصورة صحيحة بعيداً عن تلك الأطروحات الهزيلة التي استقت أفكارها بعيداً عن المصادر الرئيسة!!

إن نصوص كتاب الله هي نصوص احتوت الزمان والمكان والسابق والآني واللاحق، فالله محيط بظروف البشرية جميعاً، فما من مشكلة إلا ومفاتيح حلها في هذا الكتاب شريطة التدبر العميق لنصوص هذا الكتاب، إذاً لا خلاص لنا من مؤونة وتبعات هذا النشاز الفكري (الإرهاب) الذي شوه معالم هذا الدين عند أهله وعند غيرهم ما هو إلا بالرجوع لهذا الكتاب والوقوف عنده طويلاً، لنستقي منه حاجتنا وصلاح أمرنا، وهذه مسؤولية علماء الدين ومفكريه.

يا حسرتاه أن يقدم هذا الدين إلى العالم شرقيه وغربيه عبر هذا النشاز الفكري والممارسات اللاإنسانية من سفك للدماء البريئة من قبل بعض أبناء المنتسبين لهذا الدين!! إذاً إن مسألة (الإرهاب) ما هي إلا تراكم فكري عقيم تولد في محضن بعيد عن فهم الدين الصحيح.

وهنا قفز إلى ذهني شيء مهم وهو أن أبناء الأمة الإسلامية يروجون أحياناً أن الدين الإسلامي هو القوة القادمة إلى العالم، وهذا المفهوم هو مفهوم خاطئ! فالإسلام ليس قوة غاشمة بل هو دين الرحمة للإنسانية جميعاً والله تعالى قد حصر رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" إن الدين الإسلامي هو التاج للأديان السماوية كلها لكونه دين الرحمة والشفقة والامتنان على البشرية، فهل يسوغ لنا أن نقول عنه إنه القوة المقبلة؟ نعم، إنه الرحمة والرأفة المقبلة.

إن من ركب صهوة (الإرهاب) من أبناء العالم الإسلامي هو ولا شك يجهل هذه المفاهيم عن الدين الإسلامي، وإن من المفاهيم التي تغيب عن أصحاب هذا النشاز الفكري هو عدم احترام أقدار الله في خلقه، وأن الله كفيل بنصرة دينه، لا عن طريق سواعد أهله بل عن طريق سنن الله في خلقه.