اقتصاد » اسكان ومصارف

بدل السكن.. توصية مرتقبة.. تاهت بين غموض التأجيل وجهل المصير

في 2015/11/21

الرياض السعودية-

تحفظ غير مبرر واجه تساؤلات "الرياض" وقراءها المتكررة التي نقلتها لأعضاء شورى تعاقبوا على رئاسة لجنة الإدارة والموارد البشرية بالمجلس حول الغموض الذي أحاط "صرف بدل سكن لموظف الدولة بما يعادل راتب ثلاثة أشهر" وهي التوصية التي توجهت اللجنة لرفضها في السادس من شعبان عام 1432 ثم تغيرت قناعتها بعد شهرين وقررت تبنيها وضمتها إلى توصياتها النهائية على التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية للعام المالي (301431).

خيبة أمل

وبينما كان الملايين يترقبون جلسة يوم الثامن عشر من ذي الحجة عام 1432 لمناقشة وحسم إقرار أو رفض التوصية، إذ باللجنة تعلن تأجيلها رغم تبنيها لها إلى تقرير مقبل لوزارة الخدمة المدنية دون تفسير او إيراد مبررات لهذا التأجيل ودون حتى موافقة صاحبها الذي تعطيه قواعد العمل بالمجلس حق عرض توصيته والتمسك فيها حال رفضتها اللجنة المختصة في مخالفة صريحة لهذه القواعد.

رئيس الشورى .. لا ضغوط لتجاهل التوصية

"الرياض" كانت قد انفردت بالتوصية منذ إحالتها إلى اللجنة المختصة ومراحل المد والجزر التي مر بها مخاضها، وطرحت سؤالاً على رئيس مجلس الشورى عبدالله آل الشيخ إثر جلسة تقرير مصيرها "لماذا تم تأجيل توصيات تقرير الخدمة ومن ضمنها توصية بدل السكن.. ألا ترون أن المجلس خيب آمال المواطن الذي يتابع بلهفة مصير هذه التوصية.. كما أن البعض يرى أن هناك ضغوطا تم ممارستها على مجلسكم لرفض هذه التوصية..؟" ونفى آل الشيخ في اجابته وجود أي ممارسات للضغط على المجلس لتجاهل أمر هذه التوصية وأشار إلى أن هناك موضوعات مماثلة طرحت في جدول أعمال المجلس لم يتم مناقشتها وذلك بسبب الوقت، مبينا انه إذا لم تستطع الجلسة أن تغطي كافة الموضوعات فإن رئيس الجلسة لا يستطيع أن يفرض موضوعا آخر، ومضى آل الشيخ مؤكدا على أن جداول أعمال المجلس موضوعة مسبقا لمدة ثلاثة أسابيع مقبلة حيث خلت الجداول من طرح هذه الموضوع وقال "إلى شهر ذي الحجة وجداول أعمال المجلس وجلساته موضوعة"، وحول توقعه لإقرار المجلس لصرف بدل سكن لموظفي الدولة قال آل الشيخ "هذا الموضوع مجرد توصية من قبل لجنة الإدارة بالمجلس ولا يمكن الحديث عنها إلا إذا طرحت للنقاش".

غموض وإجابات مبهمة

ولم يجد سؤال "الرياض" لرؤساء لجنة الإدارة والموارد البشرية جواباً يفسر تعثر إقرار توصية صرف بدل سكن لموظفي الدولة وجاءت الأجوبة غامضة فعضو رفض الجواب وآخر فضل عدم طرح الموضوع إعلامياً وثالث قال إنه لا يعلم عن التوصية شيئاً..!؟

التوصية نظامية

توصية صرف بدل السكن كانت نظامية وانطبقت عليها قواعد عمل المجلس ولجانه المتخصصة المنصوص عليها في المادة الحادية والثلاثين حيث قدمت مكتوبة، ومحددة أهدافها، والأسباب التي بنيت عليها وذات علاقة مباشرة بالموضوع المعروض للمناقشة كما أنها لا تتعارض مع النظام الأساسي للحكم، أو أي من الأنظمة الأساسية الأخرى، أو مع أمر ملكي، أو مع أي نص نظامي نافذ وأن لا يكون سبق تقديم التوصية ولم يوافق المجلس عليها، أو على مناقشتها، ما لم تمض سنتان على ذلك.

وتعامل التوصية في حال تبني اللجنة المختصة لها وفق المادة السادسة عشرة من قواعد عمل المجلس حيث نصت على" إذا تقدمت اللجنة – في مرحلة إجابتها على ملحوظات الأعضاء ومقترحاتهم – بتوصية تتضمن حكماً جديداً لم تسبق مناقشته، أو عدلت أياً من توصياتها السابقة تعديلاً جذرياً على وجه جديد؛ فتقدم مسوغات واضحة للتوصية الجديدة أو التعديل، ويسمح بالمناقشة من عدد محدود حسب ما يقدره رئيس الجلسة، ثم يرد رئيس اللجنة، وبعدها يجري التصويت على توصيات اللجنة".

واجب الشورى

الآلية التي تعامل معها مجلس الشورى مع توصية بدل السكن قد تفتح الباب للشكوك بممارسة ضغوط على المجلس مالم يتحرك نحو تفسير هذه الحالة النادرة التي تخالف قواعد عمل المجلس ولم يدعم تأجيلها بهذه الطريقة نص نظامي رغم تبني اللجنة المختصة لها.

المواطن أحق من غيره في الحصول على البدل

التوصية جاءت من رئيس لجنة الإسكان السابق المهندس محمد القويحص وشدد فيها على أن إيرادات الدولة تستطيع ضخ المبالغ اللازمة لموظفي الدولة لتحقيق هذه التوصية، وبرر القويحص بأن 50 في المئة من الموظفين لا يملكون سكناً ولم يستطع الصندوق العقاري إقراض أكثر من 500 ألف مواطن خلال ثلاثين عاماً، فضلاً على أن هناك مثلهم في الانتظار إضافة إلى توقع تضاعف العدد بعد إلغاء شرط تملك الأرض لمن يتقدم لطلب القرض، كما أن الإيجارات بارتفاع، ورأى أن المواطن أحق من غيره في الحصول على هذا البدل الذي يصرف لغير السعوديين المتعاقدين مع الأجهزة الحكومية كما يصرف لبعض الأكاديميين إضافة إلى أن الكثير من موظفي القطاع الخاص يحصلون على بدل السكن، وأكد أنه يساعد المواطن على التملك عن طريق التمويل العقاري لوجود دخل إضافي يساعد على تسديد الأقساط، وبين بأنه يمكن لاحقاً ربط صرف بدل السكن لمن أخذ قرض من صندوق التنمية العقارية بتسديد أقساط الصندوق وهو ما سوف يسهم بتسديد قروضه.

من جديد.. جواب مبهم ..!

بعد أن تأجلت التوصية من قبل لجنة الإدارة وبدون كشف مبرراتها كشف ل"الرياض" محمد آل ناجي رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية في منتصف شهر صفر عام 1434 أن لجنته لن تهمل دراسة التوصية وقال إنها تدرس تقرير وزارة الخدمة المدنية السنوي الأخير تقرير جديد عدا السابق الذي تضمن التوصية وقد تأخذ في التوصية أو ترفضها، وبدا رئيس اللجنة مبهماً في إجابته بشأن مصير التوصية وختم بقوله "لا نريد أن نستبق الأحداث ونرفع سقف التوقعات"، وياتي هذا الجواب رغم أن اللجنة سبق وتنبت التوصية وأدرجت على جدول أعمال التصويت على توصيات تقرير الخدمة المدنية للعام المالي301431 وهو مايزد الغموض بشأن هذه التوصية.

وكأن التوصية ذهبت في مهب الريح فقد جاء للمجلس تقارير سنوية لوزارة الخدمة ولكن لم يرد لصرف بدل السكن لموظفي الدولة أي ذكر وقد يحتج المجلس بالفقرة الخامسة من مادة قواعد عمله الحادية والثلاثين بأن يكون مقدم التوصية حاضراً أثناء مناقشتها والتصويت عليها، إلا أن ذلك يتعارض مع الفقرة الثانية من المادة الثانية والثلاثين من ذات القواعد والتي نصت على "في حال تبني اللجنة للتوصية تعامل وفقاً للمادة (السادسة عشرة) من هذه القواعد" التي تم إيضاحها في ثنايا هذا التقرير وخلاصتها المناقشة ثم التصويت مباشرةً عليها، وهو مالم يحدث مع توصية صرف مايعادل ثلاثة رواتب بدل سكن لموظف الدولة، ثم أن رئيس اللجنة في تصريحه المشار إليه أكد وجود التوصية باللجنة..!

إن جاز التعبير كانت الكرة بملعب الشورى فكان عليه مناقشة التوصية طالما تبنتها اللجنة وتمسك بها صاحبها ثم يصوت فإن نجحت أو لم تنجح فقد عمل وفق نظامه بثقافة الشورى ولغيره التنفيذ أو الاعتراض.