دعوة » مواقف

تقية المتعاطفين مع الجماعات الإرهابية

في 2015/11/23

سعيد السريحي- عكاظ السعودية-

تكشف محاولات تبرير الهجمات التي تشنها الجماعات الإرهابية المتطرفة على هذا البلد أو ذاك عن تعاطف خفي مع تلك الجماعات وتقبل لما تقوم به تفجير وقتل وترويع وتدمير، تعاطف لا يحول دون إعلانه غير خوف يحمل أولئك المتعاطفين على ضرب من التقية التي يجمعون فيها بين استنكار تلك الأعمال الإرهابية وبين تبريرات تجعل منها عملا إن لم يكن مشروعا فهو مقبول يمكن تفهمه على أقل تقدير.

من تلك التبريرات ما عمد إليه بعضهم في أعقاب الهجمات الإرهابية من النبش في تاريخ فرنسا الاستعماري وما كانت القوات الفرنسية تقدم عليه من مجازر في بلدان المغرب العربي على نحو يبدو معه أن فرنسا تستحق ما حدث لها، وهو تبرير يقوم على تجاهل ما تتسم به العلاقات الدولية من تحولات في العلاقات بين الدول يتم خلالها تجاوز صراعات الماضي وأخطائه من أجل بناء علاقات من الاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة، كما أن محاولة تبرير ما حدث في باريس بما كان يحدث في المغرب العربي خلال الحقبة الاستعمارية يجعل من العلاقات الدولية رهينة لعمليات هي أقرب ما تكون لعمليات الثأر لدى الشعوب المتخلفة التي لا تحكمها أنظمة ولا تحفظ حقوقها قوانين فهي خاضعة لمنطق القوة وانتهاز الفرص والتربص بالخصوم.

غير أن الأسوأ من ذلك أن هذا التبرير الواهي لما حدث في باريس بما كان يحدث من قبل القوات الفرنسية في المغرب قبل عقود عدة يتناسى أن القيم الأخلاقية لا يمكن لها أن تتقبل تبرير الخطأ بالخطأ وتسويق العنف بالعنف وكان الأولى بمن يقدمون هذه التبريرات أن يتذكروا سماحة الإسلام الذي لا يقر قتل الأبرياء تحت أي ذريعة.

تلك التبريرات التي قفزت على السطح عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تبرر ما حدث في باريس وإنما تؤكد أن هناك من يتعاطف مع الجماعات الإرهابية كما أن هناك من تغرر به مثل هذه التبريرات فينقاد إلى التسليم بها متخذا بذلك خطوته الأولى نحو تقبل الأعمال الإرهابية والفتنة بمن يقدمون عليها.